إخفاقات سياسية تتعارض مع النجاح العسكري في سيناء بقلم: هشام النجار

  • 2/18/2018
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

إخفاقات سياسية تتعارض مع النجاح العسكري في سيناءتحقق العمليات العسكرية في شبه جزيرة سيناء نجاحا باهرا، حيث يحاصر الجيش المصري المجموعات المتطرفة هناك. ويرى مراقبون أن هذا النجاح لا يسير بالتوازي مع معالجة سياسية للملف، موجهين اللوم على حد السواء للحكومة وللمعارضة، إذ يقولون إن كليهما سبب غير مباشر في تسهيل استقطاب الشباب من قبل المتشددين من خلال عدم تقديم بدائل لهم.العرب هشام النجار [نُشر في 2018/02/18، العدد: 10904، ص(2)]تأمين شامل للحدود القاهرة - دخلت القوات المسلحة المصرية في يومها التاسع لعمليتها العسكرية الشاملة “سيناء 2018″، وقصفت 8 أهداف للعناصر الإرهابية بسيناء. وأصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة، السبت، البيان التاسع الذي أكدت فيه أن الجيش يسير بنجاح في فرض الحصار وقطع الإمدادات عن العناصر الإرهابية وتعزيز قدرات التأمين الشامل للحدود البرية والساحلية على كافة الاتجاهات الاستراتيجية. وبحسب بيانات الجيش، تمت تصفية أكثر من 70 شخصا من عناصر إرهابية وألقي القبض على نحو 700 آخرين، بين مطلوبين ومشتبه بهم. ورغم التقديرات الإيجابية وتحقيق أهداف ملموسة لدحر التطرف في شمال سيناء، يتوجس البعض من المحللين من سوء الإدارة السياسية في القاهرة المتزامنة مع العملية العسكرية الكبيرة في سيناء. وألقت الحكومة المصرية القبض مؤخرا على اثنين من رموز المعارضة، هما رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق هشام جنينة ورئيس حزب مصر القوية عبدالمنعم أبوالفتوح بتهم تهديد السلم العام والتعاون مع جماعة محظورة في مصر (الإخوان). وكشفت العملية العسكرية عن التباس بشأن تصورات ورؤى المعالجة الحكومية مع ما صاحبها من وقائع، طرفها الآخر معارضون لهم انتماءات سياسية مختلفة منهم من عملوا عبر أحزاب قائمة وكانوا يجهزون أنفسهم لخوض السباق الرئاسي. ويرى البعض من المراقبين أن المشاركة السياسية لمختلف الفئات والتيارات من أهم أدوات مواجهة التطرف والتصدي للحالة الإرهابية، لأنها تعزل تيار التطرف عبر ملء الفضاء العام بنشاط سياسي معلن ترعاه قوى وطنية مسؤولة. ويبدو مستقبل المشهد الحالي ومآلاته في ما يتعلق بملف مواجهة التنظيمات المتطرفة والمسلحة غامضا، لأن المعارضة من خارج تيار الإسلام السياسي صارت تتماهى مع خياراته ومواقفه (الإسلام السياسي) داعمة لمصالحه ومقللة من قدرة الحكومة على مواجهته. وتستفيد القوى المتطرفة خصوصا وتيار الإسلام السياسي عموما من مشهد صرامة الدولة ومؤسساتها، الذي يضم قطاعا واسعا من المؤيدين والمبني على التخوف من العودة إلى فوضى السنوات الأولى بعد ثورة يناير 2011، ويضاف إلى ذلك تحرك البعض من المعارضين المتعجل. ويقول دين ألكسندر في دراسة أكاديمية حول آليات تجنيد داعش وخلق ما يسمى بالذئاب المنفردة أن إحدى الاستراتجيات التي يقدمها التنظيم دائما هي استغلال سخط الشباب على أنظمتهم السياسية بسبب تقييد الحريات، وهو ما يستغله متطرفون في مطالبة هؤلاء بضرورة محاربة الأنظمة الفاشية بالسلاح بعد أن أغلقوا عليهم متنفس الحرية. وتفيد دراسات عديدة أن الوقود الأساسي للجماعات المتطرفة يكون في المقام الأول من الشباب المنتمي إلى مجموعات الإسلام السياسي، يتم استقطابهم بسهولة بعد أن شعر أغلبهم بأكذوبة المشروع الإسلامي المزعوم ورغبتهم في الانتقام من الحكومة التي أفشلت أحلامهم. غلق المجال العام أمام المعارضة المصرية يخدم أجندات الجماعات الإرهاب ويفتح الطريق أمام استقطاب الشباب الساخط على أداء الحكومة ويلوم خبراء الحكومة على سوء تعاملها مع الشباب والمعارضين وعدم اجتذابهم لتقديم مناخ سياسي صحي يمكن من خلاله إنهاء التطرف وقطع الطريق على الإرهابيين في استغلال سخط البعض على الدولة. وفي المقابل، يوجه مراقبون تحذيرات للمعارضة المصرية كذلك بشأن طريقة معالجتها لهذه المسألة. وحال المعارضة يبدو بائسا، إذ فشلت في إحراز جماهيرية في الشارع من خلال العمل المتراكم كما غاب رموزها لسنوات وظهروا في موسم الانتخابات بأداء أقل ما يوصف به أنه “سطحي وغير مستوعب لطبيعة الأوضاع الداخلية ولا يرقى لمستوى التحديات الخارجية التي تواجهها الدولة”. ويشترك من حاولوا الترشح للمنافسة السياسية خلال الأشهر الأخيرة، في محاولة نيل لقب مناضل بالمجان من دون أرضية ولا إنجاز جماهيري حقيقي في الشارع، عبر توظيف ملفات تخدم في الأساس روايات ومصالح قوى معارضة أبرزها جماعة الإخوان. وافتقرت المعارضة المصرية الشعبية الحقيقية بالنظر إلى اختفائها من مشهد العمل الخدمي والاجتماعي والثقافي، ما دفعها إلى محاولة كسب تأييد جماهير الإسلام السياسي، ظنا أنها قادرة على ترجيح كفتها في الاستحقاق الرئاسي. ولم تحمل الملفات التي طرحها من أعلنوا أسماءهم كمرشحين للرئاسة ملامح برامج سياسية مكتملة النضج والرؤية تبني على ما تم إنجازه من إقرار للأمن وحماية مؤسسات الدولة وعبور للمسافة الأصعب من المرحلة الانتقالية، بل حفلت بإشارات تصب في مغازلة الإخوان. ويقع حرمان المشهد السياسي المصري من قوى ناضجة بخطابات وأطروحات متزنة على عاتق المعارضة بالأساس، فقد صار الوضع بصدد كيانات وشخصيات لا تجد قوتها سوى في تبني مقولات الإسلام السياسي بعد نزع عبارات الشحن والتحريض الطائفي والديني عنها، ومؤدى ذلك العودة بالبلاد إلى المربع الصفر قبل سبع سنوات. وإذا كان النظام الحالي أرسى جملة من الثوابت من شأنها إعادة تشكيل الواقع السياسي بما يتسق مع طبيعة المرحلة وتحدياتها، وبشكل يخدم في المقام الأول استقرار الدولة واستكمال مشروع الإصلاح الاقتصادي، فإن ما يطرحه معارضون يستهدف تلك الثوابت ويحيي أمل قوى وتيارات لا تزال تراهن على نقل التدهور والفوضى إلى داخل الدول التي لا تزال متماسكة وفي مقدمتها مصر. وداخل قوى المعارضة أجنحة تسعى بالكامل صوب مساحة العنف، فهناك قادة لا يفوّتون يوما دون تكفير حزب النور وتخوينه دينيا بهدف تجنيد الفضاء السلفي في الصدام المسلح. كما أن جماعة الإخوان لا يريحها استمرار أحزاب ذات مرجعية إسلامية في المشهد. ويقي احتواء أحزاب الإسلاميين المنضوين داخلها نسبيا من مساعي جرهم للعمل المسلح ضد الدولة، لذلك هلل قادة الإخوان لسيناريو حل حزب البناء والتنمية التابع للجماعة الإسلامية لأن البعض من أعضائه سوف يتحولون إلى ساخطين بل ومنتقمين.

مشاركة :