محللون: الأسواق النفطية تراهن على جهود المنتجين لوقف استمرار تقلبات الأسعار

  • 2/24/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يرى محللون نفطيون أن الأسواق تراهن حاليا على تسريع جهود المنتجين في وقف بناء المخزونات ومنع تدهور أسعار النفط، في الوقت، الذي يتوقع فيه المحللون استمرار تقلبات الأسعار خلال الأسبوع الجاري بعد أن مني خام برنت بخسارة تقدر بنحو 1.4 في المائة والخام الأمريكي 0.9 في المائة خلال الأسبوع الماضي على أثر عودة المخاوف بشأن الطلب العالمي بتأثير من استمرار انتشار فيروس كورونا في الصين وعدد من دول العالم. وأوضحوا لـ"الاقتصادية"، أن تقلبات الأسعار ترجع إلى عدم وضوح الموقف الروسي بشأن تعميق خفض الإنتاج في الاجتماع الوزاري المرتقب لمنتجي "أوبك+" في آذار (مارس) المقبل في فيينا، لافتين إلى أن حذر المنتجين في اتخاذ قرار إجراء خفض جديد عزز حالة من المخاوف في السوق من تجدد تخمة المعروض النفطي خلال النصف الأول من العام الجاري. وأشار المحللون إلى أن انخفاض أسعار النفط يجيء في إطار التقلبات السعرية المتلاحقة في السوق مع ظهور مؤثرات وعوامل تتجاذب حركة الأسعار، لافتين إلى أن تحفظ دول تحالف "أوبك+" عن الإعلان السريع عن إجراء تعميق أوسع في تخفيضات الإنتاج الحالية فسره بعضهم بوجود حالة من عدم التوافق بين المنتجين، ولكن اجتماع مارس المقبل قادر على العبور بالسوق من تداعيات الأزمة الراهنة، بحسب تقدير كثير من الأطراف المعنية. وفي هذا الإطار، يتوقع روس كيندي، العضو المنتدب لشركة "كيو إتش آي" الدولية لخدمات الطاقة أن تواصل أسعار النفط حالة التقلبات السعرية في ضوء الشكوك المحيطة بانتهاء قريب لأزمة فيروس كورونا، وما يرافقها من احتمالات ضعيفة لسرعة تعافي النمو الاقتصادي في الصين واستمرار ضعف الإنتاج الصناعي في شرق آسيا. وأشار كيندي إلى أن الأسعار تتعرض لضغوط واسعة بسبب الإمدادات والمعروض النفطي أيضا، الذي يواجه حالة من الاتساع والوفرة، ما يؤدي إلى ارتفاع مستمر في مستوى المخزونات الأمريكية، لافتا إلى أنه إذا لم تنجح الجهود السريعة للمنتجين في وقف بناء المخزونات، فإن أسعار النفط قد تميل للانخفاض أكثر. من جانبه، يقول ألكسندر بوجل، المستشار في شركة "جي بي سي إنرجي" الدولية، إن غموض الموقف الروسي بشأن إضافة تخفيضات جديدة لاتفاق خفض الإنتاج الحالي والبالغ 1.7 مليون برميل يوميا يزيد الضغوط على الأسعار، ولكن الاتصالات والتفاهمات مستمرة مع السعودية ومع بقية المنتجين للتحضير الجيد قبل اجتماع الشهر المقبل، وهو ما قد يسفر عن تطورات جديدة وأنباء إيجابية من خلال التوصل إلى مواقف أكثر توافقا وإجماعا بين المنتجين لدعم تماسك الأسعار وتضييق الفجوة بين العرض والطلب. وذكر بوجل أن ضعف الطلب الصيني بخاصة على الوقود يعد أحد الصعاب والتحديات الرئيسة في السوق في المرحلة الراهنة، مشيرا إلى أن عملية تعافي الاقتصاد الصيني ستكون بطيئة نسبيا، بحسب بعض التقديرات الدولية، وذلك كلما تأخرت جهود السيطرة على فيروس كورونا، منوها إلى أن أحدث البيانات تؤكد حدوث انخفاض في إجمالي الطلب الصيني على البنزين والديزل والوقود النفاث بنسبة 36 في المائة خلال الربع الأول من 2020، ومن حيث الحجم يعد البنزين الأكثر تضررا بين أنواع الوقود والمنتجات المكررة. من ناحيته، يرى دامير تسبرات، مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية، أن العوامل المؤثرة في السوق متعددة، وليست قاصرة على تداعيات فيروس كورونا وتأثيراته الواسعة في الطلب الصيني والعالمي، فهناك أيضا عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية على شركة "روسنفت للتجارة"، وهي ما قد تؤثر في الاقتصاد الروسي وتهوي بالإنتاج الفنزويلي من النفط إلى مستويات قياسية متراجعة. ونوه تسبرات إلى رغبة فنزويلا في الاستمرار في مقاومة العقوبات والنهوض بقطاع الطاقة رغم حجم الصعوبات الهائلة، التي يجتاز بها القطاع مدللا على ذلك بتعهد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بإصلاح صناعة النفط في بلاده، حيث حدد هدفا لإنتاج النفط بمعدل مليوني برميل يوميا مقابل 900 ألف برميل يوميا حاليا، كما وعد بزيادة إنتاج الغاز واستعادة إنتاج البتروكيماويات. بدورها، تشير نايلا هنجستلر، مدير إدارة إفريقيا والشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، أن أزمة انتشار فيروس كورونا في الصين أربكت حسابات المنتجين، وأدت إلى تغييرات هيكلية في خريطة الطلب العالمي، ومثال على ذلك نيجيريا، التي تعد أكبر منتج للنفط في إفريقيا فقد تحولت حاليا من الأسواق الآسيوية، وأصبحت تعتمد بشكل متزايد على الطلب الأوروبي، كما أن شركة النفط الوطنية النيجيرية أجرت تخفيضا شاملا على أسعار البيع الرسمية في مارس 2020. وذكرت نايلا أن العوامل الجيوسياسية ما زالت تلقي بظلال قوية على وضع السوق النفطية، خاصة استمرار حالة الصراع والمواجهات في مناطق متعددة بالشرق الأوسط، مشيرة إلى أن تفاقم الوضع في ليبيا خاصة عقب تعثر محادثات السلام، التي توسطت فيها الأمم المتحدة أجبر شركة النفط الوطنية الليبية على إخلاء سفن الوقود، ووقف جميع عمليات التحميل مشيرة إلى وضع متأزم آخر في العراق، حيث توجد حاجة إلى جهود مستمرة لتعزيز الأمن حول حقول النفط الرئيسة في محافظة البصرة العراقية لتجنب تكرار تعطل الإنتاج. وكانت أسعار النفط قد تراجعت بنحو 1 في المائة في ختام الأسبوع الماضي بفعل تجدد المخاوف من تأثر الطلب جراء التداعيات الاقتصادية لتفشي "كورونا"، في حين بدت "أوبك" وحلفاؤها ليسوا في عجلة من أمرهم لكبح الإنتاج. وأثارت أحدث مؤشرات الإصابة بالفيروس في مقاطعة هوبي، حيث بؤرة تفشيه في الصين عمليات بيع في شتى الأسواق المالية، بينما يتوجه صناع السياسات في دول مجموعة العشرين إلى السعودية لإجراء محادثات بشأن الاقتصاد العالمي. وبحسب "رويترز"، هوى خام برنت أكثر من 2 في المائة، وأغلق عند 58.50 دولار للبرميل، منخفضا 81 سنتا، ما يعادل 1.4 في المائة، بينما أغلق سعر التسوية في العقود الآجلة للخام الأمريكي على تراجع 50 سنتا أو 0.9 في المائة إلى 53.38 دولار. وقال أولي هانسن، مدير استراتيجية السلع الأولية في بنك ساكسو، "لنا أن نقول إن عدم التيقن المحيط بفيروس كورونا قد عاد بعنف.. ينبغي أن نقر بأننا نتعامل مع صدمة طلب هي الأكبر منذ الأزمة المالية.. إلى أن نرى الصين تعود إلى العمل، فإن الفيروس سيكون محل التركيز الرئيس". ولا توجد بادرة حل للصراع في ليبيا، الذي أفضى إلى إغلاق موانئها وحقولها النفطية، بينما قد تخفض العقوبات الأمريكية على وحدة لشركة النفط الحكومية الروسية العملاقة "روسنفت" إمدادات الخام من فنزويلا بدرجة أكبر، ما يجدد المخاوف بشأن معروض النفط العالمي. وظلت الأسواق بمنأى من التأثر بوقف تصدير معظم النفط الليبي بعد تعطيل موانئ التصدير، حيث انخفض إنتاج النفط الليبي منذ 18 كانون الثاني (يناير). ويبلغ إنتاج النفط في ليبيا حاليا نحو 120 ألف برميل يوميا، وفقا لآخر الأرقام الصادرة عن المؤسسة الوطنية للنفط، التي كانت تبلغ عن إنتاج أكبر بعشر مرات قبل أكثر من شهر بقليل، وصل إلى 1.2 مليون برميل يوميا، تصدر بشكل أساسي إلى إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا، وفقا للمحلل تاماس فارجا من مؤسسة "بي في إم" للاستشارات النفطية. ويؤيد هذا الرقم آخر تقرير شهري صادر عن منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، التي أشارت إلى معدل سنوي بلغ 1.097 مليون برميل في 2019، و1.140 مليون برميل في ديسمبر. وأضاف فارجا أن الوضع في ليبيا "لا يقلق سوق النفط كثيرا لأنه قلق بشأن انتشار الوباء، الذي يواصل الضغط على مؤشرات السعر". وقال جاسبر لولر، المحلل لدى شركة "جي.بي.سي" إن "الأزمة الحالية تساعد المجموعة على الحد من العرض". يضاف التراجع في الإنتاج الليبي إلى خفض الإنتاج، الذي تمارسه بالفعل سائر الدول، لأن ليبيا ومثلها فنزويلا وإيران، مستثناة من هذا الخفض. وقال ستيفن إنيس، كبير محللي السوق لدى أكسي كورب، إن "تعطيلات المعروض تساعد على تخفيف أثر الفيروس، لكنه من السابق لأوانه على الأرجح أن نعتقد أننا تجاوزنا أشد التداعيات الاقتصادية". من ناحية أخرى، يعتقد معهد التمويل الدولي أن تفشي فيروس كورونا قد يحد من الطلب على النفط في الصين وغيرها من الدول الآسيوية، ما يدفع أسعار الخام للهبوط إلى 57 دولارا. وأوضح جاربيس إراديان كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الشرق الأوسط في المعهد، أنه قبل اندلاع فيروس كورونا كنا نفترض أن أسعار النفط ستبلغ في المتوسط 60 دولارا هذا العام، مقارنة بـ64 دولارا في العام الماضي. وتابع: "ومن المرجح بشدة أننا سنقوم بمراجعة توقعاتنا عن العام بأكمله، كي تبلغ 58 دولارا أو 57 دولارا حسب التطورات المتعلقة بفيروس كورونا". وأشار إراديان إلى أن تفشي الفيروس قد يضعف النمو الاقتصادي للصين بنسبة تراوح بين 0.5 إلى 0.7 في المائة، قائلا إنه من شأن ذلك أن يكون ذا تأثير كبير على أسعار الخام. وأضاف أنه إذا كان معدل النمو الاقتصادي للصين يبلغ 5 في المائة، فإن ذلك سيؤدي إلى تداعيات كبيرة على النفط، حيث إن الطلب الصيني على النفط قد ينخفض بنحو 400 ألف برميل يوميا، كما أن الدول الآسيوية الأخرى ستشهد مزيدا من خفض الطلب. وذكر إراديان أن إجمالي نمو الطلب العالمي، بدلا من أن يصبح 900 ألف برميل يوميا يمكن أن يراوح بين 300 إلى 400 ألف برميل يوميا.

مشاركة :