ما أن يقع الطلاق بين زوجين، حتى تبدأ بينهما حلقات انتقامية في مسلسل صراع لا ينتهي، في أروقة المحاكم وخارجها، فكل طرف يحشد قواه من أجل محاربة الطرف الآخر، حتى لو تطلّب الأمر الادعاء عليه بالباطل، والطعن في أهليته، وانتهاز أي فرصة أو سقطة للانقضاض عليه، وكسب الجولة، من دون اعتبار لمصلحة الأبناء، الذين هم بالفعل ضحايا صراع آبائهم، ويدفعون ثمنه من استقرارهم النفسي والاجتماعي ومستقبلهم، وفقاً للمحامي إبراهيم التميمي. وبحسب لآخر إحصاءات متوافرة لدى «الإمارات اليوم»، شهدت الدولة 4913 حالة طلاق في 2015، بمتوسط 13.5 حالة طلاق يومياً، بينها 1891 حالة طلاق بين زوجين مواطنين، و759 حالة طلاق بين زوج مواطن وزوجة غير مواطنة، و215 حالة طلاق بين زوج غير مواطن وزوجة مواطنة، و2048 حالة طلاق بين زوجين غير مواطنين. ورصدت «الإمارات اليوم» دعاوى أسرية كيدية عدة بين مطلقين، شهدتها محاكم الدولة، تضمنت ادعاءات واتهامات، يطلقها أحد الطرفين ضد الآخر، بهدف الحصول على حق حضانة الأطفال. التميمي، رأى أنه على الرغم من تنظيم القانون مسألة حضانة الأولاد بعد الطلاق، إلا أن المحاكم شهدت خلافات ونزاعات عدة بين مطلقين، كان هدفها الرئيس هو الانتقام والكيد المتبادل، وصولاً إلى حضانة الأولاد. «حجم النزاعات في المحاكم بين المطلقين كبير، ومنها آباء يحاولون إسقاط حضانة الأطفال عن مطلقاتهم، بهدف التهرب من سداد الالتزامات المالية المترتبة عليهم، من مسكن ونفقة وخادمة ودراسة ومصروفات ودروس خاصة وسيارة وسائق، التي كان يوفرها لهم خلال فترة العلاقة الزوجية»، وفق التميمي، الذي أوضح أن «مظاهر الانتقام بين المطلقين تتخذ أشكالاً عدة، منها أب رأى علامات جرح على طفله، ربما من اللعب ووقوعه على الأرض، فسجل شكوى ضد مطلقته، ليثبت إهمالها، من أجل إسقاط حضانتها، وهناك آباء يمنعون أبناءهم من الاتصال بأمهاتهم، أورؤيتهنّ». والطلاق في جميع الأحوال ــ والكلام مازال على لسان التميمي ــ يؤثر في الطرفين، الأب والأم، وفي نفسية الأولاد وتأثيره يمتد أيضاً إلى التحصيل الدراسي للأبناء، واستقرارهم النفسي والاجتماعي، لكن على الرغم من ذلك فإن هناك حالات ربما يكون الطلاق فيها أفضل للأولاد، من الناحية النفسية والاجتماعية، خصوصاً إذا كان أي من الطرفين يتصرف ضد الطرف الآخر دون احترام وسكينة ولطف، مثل الاعتداء بالضرب والصراخ أمام الأطفال، أو في حالة غياب الأب عن الأسرة لأي أسباب، فإنه في هذه الحالة يكون الطلاق أفضل، لكن بشرط أن يتم بالتفاهم على عدم حرمان الأطفال الميزات التي كانوا يحصلون عليها، كالدراسة وخروجهم للفسح، وزياراتهم للأهل والأصدقاء وأماكن الترفيه. ومن الأهمية أن يحترم الأزواج حقيقة وقوع الطلاق بينهما، والتعامل معه بإيجابية من دون التأثير السلبي في أبنائهما، وبذل ما في وسعهما لزرع المحبة والود لدى أطفالهما، فالأم مطالبة بذكر الخصائل الطيبة عن مطلقها أمام أبنائه، وتشجعهم على الاتصال به، والسؤال عنه، وألّا تحرمهم رؤيته في مواعيد الرؤية المقررة، والأب مطالب أيضاً بإبداء الود والإنفاق على مطلقته وأبنائه، وإدخال السعادة إلى قلوبهم، وقضاء أوقات طويلة معهم. ويشير التميمي، إلى ما نصّ عليه قانون الأحوال الشخصية بشأن الحضانة، إذ جعل سنّ الحضانة 11 سنة للذكر، و13 للأنثى، مع استثناء إذا رأى القاضي مصلحة المحضون، في حين قرّر المذهب المالكي أن الأم أولى بالحضانة من غيرها، لحين بلوغ الذكر 18 عاماً، ليكون قادراً على الكسب، والأنثى حتى الدخول. وبالنسبة إلى رفض أحد الأبوين أو كليهما حضانة الأطفال من أجل الزواج، يقول التميمي، إن هذه الحالة تعد من الأمور غير الدارجة في المحاكم، ولا تحدث إلا نادراً، وعلى العكس من ذلك، فإن معظم المطلقين يتمسكون بالحضانة، وبعضهم يختلق المشكلات الكيدية للانتقام من الطرف الآخر، ليتمكن من كسب دعوى الحضانة.
مشاركة :