رشا نبيل: ماسبيرو إعلام الدولة لا الحكومة

  • 2/21/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

وسط حالة من الاستقطاب الحاد التي سادت المشهد الإعلامي خلال السنوات الأخيرة، سعت رشا نبيل عبر برنامجها «كلام تاني» على فضائية «دريم» الخاصة، الى انتهاج خط خاص بها يتسم بالمهنية والموضوعية، وحرصت على أن تحتوي كل حلقة الآراء المختلفة، وطرق القضايا الشائكة، فأجبرت الجميع على احترامها حتى وإن اختلف معها وخلقت حالة مختلفة بين إعلام اتسم غالبيته بالصوت الواحد. بدأت نبيل عملها الإعلامي في قطاع الأخبار في التلفزيون المصري الحكومي (ماسبيرو)، وتنقلت بين وظائفه كمحررة ومعدة ومراسلة حتى شغلت منصب رئيس تحرير، كما قدمت برنامجاً على شاشة القناة الأولى هو «كلام اليوم»، وما لبثت أن تركت ماسبيرو إلى «أون تي في» للعمل كمذيعة نشرات وبرامج إخبارية، ثم انتقلت إلى قناة العربية للعمل كمراسلة، لتعود إلى التلفزيون المصري مرة أخرى عقب ثورة كانون الثاني (يناير) 2011، فقدمت برنامج التوك شو الرئيس على شاشة «نايل لايف» «صفحة جديدة» والذي حظي بنجاح لافت آنذاك، كما لاقى اهتماماً جماهيرياً، إذ اتسم بمساحة من الحرية والصدقية. وسرعان ما انتقلت رشا نبيل إلى قناة «دريم» حيث قدمت برنامج «كلام تاني» خلال 4 سنوات، لتحط الرحال أخيراً في بيتها الأول التلفزيون المصري الرسمي «ماسبيرو»، إذ أسند إليها تقديم برنامج «مصر النهارده»، الذي انطلقت أولى حلقاته السبت الماضي على شاشة القناة الأولى، ويشارك في تقديم البرنامج خيري رمضان، وذلك في إطار خطة التطوير الجارية بالتلفزيون المصري، ومحاولة الظهور في ثوب جديد بتقنية البث الفائق الجودة، وإطلاق مجموعة جديدة من البرامج الجديدة. وخلال الحلقة الأولى من «مصر النهاردة» طالبت نبيل جمهورها بعدم الحكم على تجربة البرنامج سريعاً قائلة: «امنحونا فرصة كي نستعيد ماسبيرو مرة أخرى. فثمة محاولات مُخلصة وصادقة». «الحياة» التقت رشا نبيل وكان هذا الحوار حول عودتها إلى ماسبيرو وبرنامجها الجديد. وقالت إنها لم تتوقع هذا الاحتفاء الكبير بالبرنامج، وأضافت: «تلقيت مشاعر مساندة كبيرة من قبل زملائي داخل مبنى ماسبيرو، وأخرى من الجمهور والمتابعين والشخصيات العامة، كما حظيت بدعم وتشجيع دائم بغية إعادة ماسبيرو إلى صدارة المشهد الإعلامي مرة أخرى، ولم أتوقع هذا الكم من الاحتفاء والتعاون والمشاعر الصادقة والترحيب». وبعيداً من الصورة والديكورات المختلفة، ماذا عن المحتوى والجديد الذي يقدمه «مصر النهاردة»؟ أجابت: «ظل الانطباع العام والدائم السائد عن «ماسبيرو» لعقود طويلة أنه مبنى الرئيس والحكومة، كما لو كان تاريخاً موروثاً، وأدعو الجمهور إلى متابعة «مصر النهاردة» خلال حلقاته المقبلة، وسيلاحظ أننا نحاول توسيع المفهوم وفكرة «إعلام الدولة» بمعنى المزج بين السلطة التنفيذية (الرئيس والحكومة) والشعب أو الحكومة، فيحق للرئيس والحكومة عرض نشاطهم وتحركاتهم، ولكن أيضاً من حق الناس الذي يبدون ملاحظات حيال الأداء العام والإدارة السياسية للبلاد أن يعبروا عن آرائهم في إطار من الحوار بين الرأي والرأي الآخر. ثمة مواجهات حقيقية حول القضايا المختلفة التي يريدها المواطن من الحكومة، والانطباعات حول إنجازات وعمل الحكومة حيال بعض الملفات. وتابعت: «سنقدم فقرة أسبوعية اسمها «أنا والحكومة» وهي عبارة عن مواجهة بين المواطن والحكومة»، كما يضم البرنامج فقرة أسبوعية كل أربعاء للمناظرة بين الآراء المتعارضة». وقالت نبيل: «لدينا رغبة حقيقية في توسيع هامش الحرية في التلفزيون الرسمي كي نجعله فعلياً «إعلام دولة» وليس إعلام الحكومة أو السلطة التنفيذية». وعن تقلص مساحة الآراء المختلفة والمعارضة، أوضحت: «نسعى إلى حوار بين الرأي والرأي الآخر في إطار من الموضوعية، وطالما تدار الموضوعات بمهنية لن يكون هناك تقييد أو تقليض للحريات». وعن نيتها نقل تجربة «كلام تاني» إلى «مصر النهاردة»، قالت: «في بداية العمل على صناعة البرنامج، وخلال الجلسات التحضيرية، وجدت من قيادات ماسبيرو أفقاً يستوعب ويعبر عما أطمح اليه. لا يوجد أي إملاءات في شأن السياسة التحريرية للبرنامج بل لمست توافقاً كبيراً في الرؤى، وهو ما أعتبره اتجاهاً ذكياً جداً، لأن ثمة تجارب كثيرة أثبتت أنه عندما جرى تقليص مساحات حرية الرأي كانت النتائج سيئة». وفي شأن اعتبار أن برنامج «مصر النهاردة «بمثابة مدخل لتطوير ماسبيرو، قالت: «حين جاءت فكرة البرنامج، ارتأى القائمون على المشروع أن البرنامج لن يتمكن من جذب الجمهور بمفرده، لأن المشاهد لن يذهب إلى برنامج بعينه ولكن إلى محتوى متكامل ومن ثم جرى تطوير مختلف في الخريطة كلها». وصلت رشا نبيل إلى قمة نجاحها وألقها في برنامج «كلام تاني» الذي لاقى صدى طيباً لدى الجمهور ومن ثم من الطبيعي أن يساورها القلق أو التردد في التخلي عن برنامج ناجح والذهاب إلى برنامج تبدأ فيه من جديد، ما يعد مغامرة غير محسوبة العواقب لاسيما أن نسب المشاهدة في التلفزيون المصري أقل عن نظيرتها في الفضائيات الخاصة وهو ما أكدته نبيل لـ «الحياة» بقولها: «بطبيعتي أعبر بصدق عما في داخلي وما يجيش به صدري، ولا أخفيك سراً أنه ساورني القلق، بالغاً حد الرعب، إذ لم يكن قراراً سهلاً بل كانت هناك صعوبة في اتخاذه، ولا «أتمسح» بالوطنية أو أدعيها، ولكن عند لحظة معينة راودني شعور جارف بالمسؤولية الواجبة تجاه ماسبيرو تقضي بضرورة الانتقال إليه، والتي اعتبرتها أيضاً تشريفاً كبيراً إليّ لأنني لا أعتبره مجرد مبنى بل أنظر إليه بوصفه «مؤسسة وطنية». وأضافت: «بذلت جهداً كبيراً في برنامج «كلام تاني» عبر 4 سنوات حتى بدأ يوضع على خريطة المشاهدات، وحظي بجمهور كبير ومتابعة جيدة ومن ثم كنت مثقلة ومهمومة في البداية واستصعبت أن أبدأ من جديد، لكنني أدرك أن البدايات الجديدة دائماً صعبة وتحتاج إلى الكثير من التعب والعمل الدؤوب». ولكن، لماذا يبزغ نجم أبناء ماسبيرو خارجه؟ «المبنى مكبل بتاريخ طويل وموروث، وتغييره لابد أن يكون تدريجياً، وعندما تركت ماسبيرو كانت لديّ طموحات كبرى أسعى إلى تحقيقها في الخارج، وأحياناً لا تكون الفرصة متاحة في شكل أكبر داخل ماسبيرو وفقاً لأحلامك وطموحاتك، ولكن أعتقد مع فرصة جيدة يمكننا صناعة أشياء أفضل». وعن كونها أحد الأصوات التي توصف بالمهنية نوهت: «أقتنع دائماً أن الحفاظ والتمسك والالتزام بالقواعد المهنية هو السبيل إلى النجاح، ولن يحميني سوى مهنتي، ومن ثم حاولت طوال الوقت أن أتمسك بالمهنة، إذ أؤمن أن الإعلام هو مهنتي، وليست وظيفتي النضال السياسي ولا أسعى إلى أن أكون شعبوية أو بطلة قومية مقتنعة، بل مهمتي هي تقديم المعلومة للمشاهد». وتطرقت نبيل إلى الحديث عن المشهد الإعلامي المصري بقولها: «المشهد صعب جداً في ظل حالة من الاستقطاب وهي الحالة ذاتها التي سادت الشارع المصري حتى أصبح المواطن يرى الكل متشابهين ويقولون الكلام ذاته، وحالة غياب الصدقية في الإعلام المصري تعد مأساة كبيرة، وثمة تحدٍ كبير نواجهه، وهو اتجاه البعض لمشاهدة قنوات معادية لمصر اعتقاداً منهم أنها سيحصلون على معلومة، لكنها تبقى شاشات موجهة وذات غرض». ولفتت نبيل إلى أن «من المهم أن تتوافر إرادة حقيقية من الدولة لإقرار قانون حرية تداول المعلومات لأنه من شأنه أن يساهم في شكل كبير في ضبط المشهد الإعلامي، لأن في مهنة الصحافة والتلفزيون تكون المعلومة هي أساسها وما لم تتوافر فتحت الأبواب على مصاريعها للتكهنات والتوقعات والاستنتاجات، ما يؤدي إلى حالة من العبث الإعلامية. وأؤمن أن الرسالة الحقيقية للصحافي والمذيع هي تقديم المعلومة ومتى توافرت المعلومة أصبحت مسلحة بكامل قوتك».

مشاركة :