دخلت قوات موالية للنظام السوري منطقة عفرين الخاضعة لسيطرة الأكراد أمس، بعد ساعات من إعلان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أن محادثات أجراها مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين أدّت إلى «إحباط» اتفاق لانتشار قوات سورية في المنطقة الخاضعة لسيطرة الأكراد والتي تتعرّض منذ شهر لهجوم عسكري تركي. أتى ذلك فيما دعت روسيا إلى إجراء «محادثات مباشرة» بين أنقرة ودمشق من أجلّ «حلّ» أزمة عفرين. وأفادت وسائل إعلام سورية رسمية بأن قافلة «القوات الشعبية» الرديفة للنظامية تعرّضت لقصف تركي خلال دخولها المنطقة، ما أدّى إلى هروب الصحافيين. وعرض التلفزيون السوري لقطات لمسلّحي «القوات الشعبية» يدخلون عفرين. وظهر المقاتلون بزي مموه وهم يلوّحون بأسلحتهم وبعلم سورية من مركباتهم لدى عبورهم نقطة تفتيش تحمل شارة قوات أمن كردية. وأوضحت «وحدة الإعلام الحربي» التابعة لـ «حزب الله» أن المقاتلين من القوات الشعبية المؤيدة للحكومة السورية بدأوا في دخول منطقة عفرين التي يسيطر عليها الأكراد في شمال غرب سورية قادمين من حلب عن طريق معبر الزيارة شمال نبل. ورأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس، أن «المصالح المشروعة لضمان أمن تركيا يمكن أن تتحقق في شكل كامل من خلال الحوار المباشر مع الحكومة السورية». وأكد إدراك موسكو «مخاوف تركيا مما يحدث في سورية على طول حدودها. وبطبيعة الحال، ندرك تطلعات الأكراد»، مضيفاً: «لكن ما لا نعترف به وما نعارضه هو محاولات بعض القوى الخارجية التكهن بهذه التطلعات للتحرك في سورية والمنطقة ككل، وفقا لأهداف لا تمت بصلة الى تطلعات الشعب الكردي، وإنما تهدف إلى تحقيق أهدافهم الجيوسياسية ضيقة الأفق»، في إشارة غير مباشرة إلى الدعم الأميركي لما تصفه روسيا بـ»النزعة الانفصالية» لدى الأكراد. وأعلن الكرملين عن التحضير لعقد قمة روسية - تركية - إيرانية في مدينة اسطنبول في نيسان (أبريل) المقبل، للبحث في الأوضاع السورية. ويسبق هذه القمة اجتماع لوزراء خارجية البلدان الثلاثة في موسكو في 14 آذار (مارس) المقبل. وقال أردوغان في تصريحات صحافية أمس، إنه «تم إيقاف (الانتشار السوري) في شكل جاد ... لقد تم إيقافه»، ورداً على سؤال عما إذا كان نشر القوات توقف بعد محادثات هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، أجاب أردوغان: «نعم لقد توقف بعد هذه المحادثات». وقال ناطق باسم الحكومة التركية أن أردوغان أجرى محادثات أول من أمس مع كل من بوتين والرئيس الإيراني حسن روحاني تعلقت بالوضع في سورية. وتوعّد أردوغان في كلمة أمام البرلمان أمس، بأن قوات بلاده وحلفاءها من فصائل «الجيش السوري الحر» سيبدأون حصار عفرين في الأيام المقبلة، في إطار العملية التركية التي بدأت قبل شهر لإبعاد وحدات «حماية الشعب» الكردية عن حدودها الجنوبية. وقال: «سيبدأ حصار وسط المدينة بسرعة خلال الأيام المقبلة»، مضيفاً: «بهذه الطريقة سيتم قطع المساعدات الخارجية للمنطقة والمدينة ولن تتوافر للتنظيم الإرهابي سبل التفاوض مع أحد». وأشار إبراهيم قالن، الناطق باسم الرئاسة التركية أمس، الى أن الأنباء الواردة في شأن اتفاق النظام السوري مع «الوحدات» بخصوص عفرين «تهدف الى تحقيق أغراض دعائية، إلا أن ذلك لا يعني عدم وجود مساومات سرية وقذرة بينهما». وأكد قالن في تغريدة عبر «تويتر» أمس، أن العملية العسكرية التركية «ستستمر من دون توقف» حتى تحقيق أهدافها، مضيفاً: «ليفعلوا ما يشاؤون. عملية غصن الزيتون ستستمر بنجاح وفق الخطة المرسومة لها، ولن تتوقف قبل تحقيق أهدافها». سبق ذلك تصريح تلفزيوني أدلاه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قال فيه إن القوات السورية «لم تدخل بعد» منطقة عفرين، وإنه «من غير الواضح ما إذا كانت ستدخلها». وكانت وسائل إعلام سورية رسمية وقيادات كردية أعلنت التوصلّ إلى اتفاق مع دمشق يقضي بدخول «قوات شعبية» إلى عفرين خلال أيام، وسط غموض أحاط ببنود الاتفاق. وتحدّث القيادي الكردي البارز بدران جيا كرد، الذي يعمل مستشاراً لـ»الإدارة الذاتية» الكردية في شمال سورية، عن «ضغوط خارجية» قد تحول دون أن يمضي الاتفاق قدماً، في حين لفت مسؤول سياسي كردي مطلع على مفاوضات عفرين، إلى أن روسيا «ربما تعارض الاتفاق لأنه يعقّد جهودها الديبلوماسية مع تركيا». وبعد ساعات من تسريب هذه الأنباء، رحّبت تركيا بانتشار قوات سورية «إذا كان هدفها القضاء على الإرهاب»، في إشارة إلى المقاتلين الأكراد، لكنّها حذّرت من أن «لا يمكن أحداً وقف القوات التركية» إذا كان هدف الانتشار حماية الأكراد ودعمهم في المعارك.
مشاركة :