فرنسا: هل يهدف مشروع قانون لجوء وهجرة إلى تشديد الإجراءات أم إلى تحسينها؟

  • 2/21/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تسعى الحكومة الفرنسية إلى إقرار قانون جديد للجوء والهجرة من خلال مشروع قدمه وزير الداخلية جيرار كولومب الأربعاء أمام مجلس الوزراء ويدور أساسا حول ثلاثة محاور رئيسية. وتندد الجمعيات الإنسانية بهذه الخطوة، مشيرة إلى أنها تهدف إلى التراجع عن بعض حقوق المهاجرين واللاجئين، وبالتالي فهي تتنافى مع "تقاليد" فرنسا في مجال حقوق الإنسان. أعلن وزير الدولة الفرنسي المكلف بالعلاقات مع البرلمان كريستوف كاستنير، وهو الناطق السابق باسم حكومة إدوار فيليب، في 18 يناير/كانون الثاني إن فرنسا "تواجه فشلا في سياسة الاندماج" التي تتبعها في مجال سياستها المتعلقة بالهجرة، مضيفا أن "الإنسانية والبراغماتية لا تتعارضان". ففي هذا السياق، قدم وزير الداخلية جيرار كولومب الأربعاء أمام مجلس الوزراء مشروع قانون اللجوء والهجرة الجديد لأجل مناقشته قبل أن يعرض على البرلمان في نيسان/أبريل المقبل، على أن يتم إقراره على الأرجح في حزيران/يونيو أو تموز/يوليو 2018. ويدور مشروع القانون أساسا حول ثلاثة محاور، أولها "تسريع إجراءات طلب اللجوء" من خلال تقليص مدة معالجة الطلبات إلى ستة أشهر بدلا من عام في الوقت الحالي، ما يستوجب تقليص مدة تقديم الطلبات من 120 يوما إلى 90 يوما، وبالتالي تسهيل عمليات الترحيل في حال رفض الملفات. والمحور الثاني هو ما تقول الحكومة إنه تعزيز لفعالية ومكافحة الهجرة غير الشرعية" التي تعتبرها فرنسا كما البلدان الأوروبية عموما، بأنها "تهديدا" على أمنها وسيادة أراضيها. أما المحور الثالث، فهو تخفيف قانون الإقامة بالنسبة للأجانب المتواجدين في وضع قانوني لأجل تسهيل إدماجهم في المجتمع الفرنسي. للمزيد: مئات المهاجرين يواجهون قسوة الشتاء بعد عام على تفكيك مخيم كاليه مشروع قانون "لجوء وهجرة" هو في الأساس تطبيق لوعد إنتخابي قطعه الرئيس إيمانويل ماكرون خلال حملة الرئاسيات في مطلع 2017. وفي استذكار هذا الوعد، أكد ماكرون في 16 أكتوبر/تشرين الأول خلال مقابلة مع شبكة "تي آف 1" التلفزيونية أن حكومته ستشدد القواعد بهذا الشأن"، مضيفا: "سيكون لدينا قانون جديد في مجال الهجرة واللجوء في مطلع 2018 (...) سنتخذ إجراءات أكثر قساوة وسنقوم بما يتوجب علينا القيام به". ولكن الجمعيات الناشطة في المجال الإنساني تختلف اختلافا جذريا مع الحكومة الفرنسية بشأن هذا المشروع، والذي يتضمن نقطة رمزية يقوم عليها الجدل وهي تقليص مدة دراسة طلب اللجوء وتسريع الترحيل في حال رفض الطلب. وهو ما شدد عليه الصحفي المختص في الشؤون الدولية بقناة فرانس 24 وسيم الأحمر، قائلا إن هذا البند يقضي بترحيل لاجئ قوبل ملفه بالرفض حتى في حال استئناف قرار الترحيل، مضيفا أن وزير الداخلية الفرنسي يرى أن هذا الإجراء ينسجم مع القوانين الأوروبية. ومن بين أبرز نقاط الخلاف بين الحكومة الفرنسية والجمعيات الناشطة بالمجال الإنساني، تمديد فترة الاحتجاز الإداري من 45 يوما إلى 90 يوما وتقليص فترة طلبات الاستئناف -أمام المحكمة الفرنسية لحق اللجوء- بالنسبة إلى الذين ترفض ملفاتهم، من 30 يوما إلى 15 يوما. وقد أطلقت الحكومة في 18 يناير/كانون الثاني مشاورات مع الجمعيات بشأن مشروع قانون "لجوء وهجرة"، والذي تريد الحكومة من خلاله زيادة حالات وعمليات الطرد والترحيل من ناحية، ومن ناحية أخرى تحسين حق اللجوء والإدماج –وعلى سبيل المثال تمديد صلاحية بطاقة الإقامة للقصر من سنة إلى أربع سنوات. واعتبر النائب عن حركة "الجمهورية إلى الأمام" الحاكمة أورليان تاشيه، وهو صاحب تقرير من 72 اقتراح حول "إدماج المهاجرين"، الأربعاء في مقابلة مع قناة "فرانس2" العمومية أن "إجراءات اللجوء (في فرنسا) طويلة، إذ أنها تستغرق عموما 14 شهرا مقابل ستة أشهر في كثير من الدول الأوروبية". وقال النائب إن تسريع العملية أمر حتمي. ممثل شبكة "هجرة، تنمية، ديمقراطية" في فرنسا عبد الله زنيبر يعارض الموقف الرسمي إلا أن ممثل شبكة "هجرة، تنمية، ديمقراطية" في فرنسا عبد الله زنيبر يعارض الموقف الرسمي، إذ قال في تصريح لقناة فرانس 24: "هذا المشروع يشكل قطيعة خطيرة مع تقاليد فرنسا في حق اللجوء"، فهو يسجل "تراجعا في حقوق اللاجئين". وتابع عبد الله زنيبر قائلا إن مشروع القانون "يحمل مقارنة أمنية غير صالحة.. ويهدف إلى خلق نوع من الإحباط لدى اللاجئين حتى لا يكملوا عملية طلب اللجوء"، لافتا إلى أن باريس "لم تف بالتزاماتها تجاه اللاجئين والمهاجرين، مقارنة مع دول أخرى مثل ألمانيا".   من جهته، اعترض المقرر في المحكمة الوطنية الفرنسية لحق اللجوء سبستيان بريزار على مشروع القانون، وقال في مقابلة مع موقع "ستريت برس" في 19 فبراير/شباط 2018: "نتفهم رغبة الحكومة في تسريع إجراءات اللجوء، لكن الطاقة البشرية للمحكمة لا يمكنها معالجة كل الطلبات". وأوضح بريزار أن "كل قاض بالمحكمة يعالج 325 ملفا في عام واحد، وأنه يبث في نحو 13 ملفا خلال جلسة واحدة، وهذا عدد هائل". وختم بالقول إن "الملفات ليست مجرد أرقام، بل إن وراءها رجال ونساء".       وكان المدير العام للمكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية (أوفبرا) باسكال بريس أعلن في 18 يناير/كانون الثاني الماضي أن طلبات اللجوء بلغت مستوى "تاريخيا" يتمثل في ارتفاع بنسبة 17%، إذ تخطت خلال عام 2017 عتبة مئة ألف طلب. الرئيس إيمانويل ماكرون وهو يتحدث إلى مهاجرة غير شرعية خلال أحدى زياراته داخل فرنسا وأشارت الإحصاءات الرسمية إلى أن ألبانيا في الدولة الأولى التي يتحدر منها طالبو اللجوء (7630 طلبا)، تليها أفغانستان (5987) وهايتي (4934) والسودان (4486). فيما حذر رئيس وكالة حماية الحدود الأوروبية (فرونتكس) فابريس ليجري الثلاثاء الماذي من أن حدود الاتحاد الأوروبي الجنوبية على البحر المتوسط ستظل تشهد ضغطا مرتفع للغاية في 2018. وقالت الوكالة إن 211 ألف شخص عبروا إلى الاتحاد الأوروبي في 2016. وتعتبر فرنسا ضمن أبرز دول طلبات اللجوء في أوروبا، بعد ألمانيا. وكان الرئيس ماكرون صرح في 27 يوليو/تموز أنه بحلول نهاية 2017 لا يريد رؤية "رجالا ونساء يعيشون في الشوارع أو في الغابات" ولا يريد رؤية "أشخاصا تائهين". يذكر أن تقرير النائب عن حزب "الجمهورية إلى الأمام" أورليان تاشيهيتضمن إجراء خاص يهدف إلى ما تسميه الحكومة عملة اندماج طالبي اللجوء، وذلك من خلال تكثيف حصص تعليم اللغة الفرنسية وتسهيل حصولهم على مناصب الشغل والإيواء. وقدد تخفف هذه الخطوة من حدة الجدل الذي يثيره مشروع قانون "لجوء وهجرة" الذي قدمه وزير الداخلية الأربعاء أمام مجلس الوزراء. علاوة مزياني نشرت في : 21/02/2018

مشاركة :