ومما قامت به وسائل إعلام عربية الإتيان ببطرس غالي، الذي كان ركناً من أركان حكومة أنور السادات التي أَبرمت اتِّفاقية كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني؛ مُتحدِّثاً عن سيرته ومدافعاً عن تاريخه. وكان أحد قادة هذا الكيان قد وصف تلك الاتِّفاقية مع ذلك الكيان بأنها لا تقلُّ أهمِّية ونفعاً لدولته عن قيامها سنة 1948م. ومن الأدلَّة على أهمِّية تلك الاتِّفاقية للكيان الصهيوني أن الدول التي قاطعت هذا الكيان أعادت علاقاتها معه. وكانت مقاطعة تلك الدول لذلك الكيان نتيجة لجهود الملك فيصل، رحمه الله، بدرجة كبيرة. فقد زار تلك الدول؛ وبخاصة الدول الإفريقية، وأقنعها بالمقاطعة. فالصهاينة يحتلون أرضاً عربية إسلامية إفريقية. لكن ما دامت مصر- وهي دولة عربية إسلامية إفريقية - أقامت علاقات مع دولة الصهاينة فلم يبق داعٍ لمواصلة المقاطعة. وقد عُيِّن بطرس غالي - فيما بعد - أميناً عاماً للأمم المتحدة. ومن الناس من يرون أنه عُيِّن في ذلك المنصب مكافأة لدولته لتوقيعها اتِّفاقية كامب ديفيد. المُهمُّ، هنا، أنه بعد تَولِّيه المنصب المذكور حدثت مجازر الصرب لمسلمي البوسنة والهرسك. فلم يَتحَّرك كما يقتضي العدل. بل إنه تباطأ في اتِّخاذ أَيِّ إجراء تجاه ذلك العدوان إلى درجة يمكن أن يقال: إنها بلغت حدَّ التواطؤ مع مرتكبي المجازر. وكنت قد أشرت إلى ذلك في أبيات شعرية حينذاك. ومن تلك الأبيات: الصِّرب ضد بني الإسلام قد كشفوا ما أضمروا من نوايا مكرهم حقبا كشَّروا عن نيوب الحقد فارتكبوا ما دونه بطش هولاكو وما ارتكبا والسادرون من الحكام ما برحوا يرجون من نَهَبَ الأوطان واستلبا لمجلس الأمن قد مَدُّوا أكفَّهمُ ساء المؤمِّل والمأمول منقلبا هل يفرض المجلس الدوليُّ سلطته إلا إذا استهدف الإسلام والعَرَبا؟ لو أن شعب سراييفو وقادتها من اليهود تَلظَّى بطرسٌ غَضَبا وأُرسِل الجيش تِلو الجيش مُنتقماً ممن طغى واستباح العِرْض واغتصبا هو الأمين.. وهل تخفى مناقبه وهو الذي لرضا أرحامه كسبا؟ سعى إلى المنصب العالي ففاز به من يحسن الظن قد لا يدرك السببا ومما قلته في قصيدة أخرى عن هذا الموضوع بالذات وتَحكُّم أمريكا بمجلس الأمن: مجلس الأمن الذي زعموا حيثما شاءت له يكنِ وأمين من صنائعها نصبته غير مُؤتَمِن جَدُّه المشهور عَلَّمه غدره بالأهل والوطنِ دنشواي الأمس ما فتئت حَيَّة في خاطر الفطِن ترتدي أثواب ذي شَغفٍ بهوى صهيون مفتتنِ
مشاركة :