هل لبنان على أبواب الحرب؟

  • 2/22/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت – أنديرا مطر | يحل موضوع النزاع البحري بين لبنان وإسرائيل في لحظة احتدام إقليمي بين إسرائيل وإيران تشكل سوريا ساحته الميدانية. تترافق ذلك مع تصريحات مسؤولين إسرائيليين بأن «احتمالات اندلاع الحرب على الحدود الشمالية في عام 2018 هي أكبر من أي وقت مضى، وربما تكون على الأبواب»، متزامنة مع تحذيرات متكررة للأمين العام للأمم المتحدة بأن «اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل و(حزب الله)، سيكون أسوأ كابوس، لأنها ستعني تدمير جزء كبير من لبنان». فهل لبنان على أبواب حرب النفط، كما يقول «حزب الله» ام على أبواب التطبيع من بوابة النفط والغاز الذي تعوم فوقه المنطقة بكل حروبها؟ المكّوك ساترفيلد في الغضون تمضي وساطة الموفد الاميركي دايفيد ساترفيلد لحل الخلاف القائم على ملكية بعض البلوكات النفطية في المياه الإقليمية من دون ان يتضح مسارها إيجابا ام سلبا. فهذه «مسألة شديدة الدقة ولا يجب أن نخضعها لتجاذبات الرأي العام»، وفق تصريح وزير المال علي حسن خليل، الذي أكد بأن اللبنانيين لا يرغبون بقيام حرب «ولكن إن أرادت إسرائيل اختبار اللبنانيين فنحن جاهزون للدفاع عن حقوقنا». جولة المفاوضات المكوكية الأخيرة لساترفيلد بين بيروت وتل أبيب لم يرشح عنها أي تقدم إيجابي، اذ كشف مصدر وزاري للقبس ان الوسيط الأميركي يدور باقتراحات إسرائيلية بصيغ مختلفة وانما بالمضمون نفسه، وقد لاقاها الجانب اللبناني بموقف ثابت بالتمسك بالحقوق اللبنانية كاملة. لا يقلل المصدر الوزاري من شأن التهويل الإسرائيلي بشن حرب محتملة ويلفت الى حركة ساترفيلد المكوكية التي شملت الى جانب وزير الخارجية جبران باسيل، قائد الجيش جوزيف عون. وهو ما يعطي إشارة عن جدية هذه التهديدات. ويضيف: «تصاعد اللهجة الإسرائيلية باحتمال شن حرب على لبنان أخرج الطبقة السياسية من خلافاتها المتصلة بتقاسم النفوذ والحصص ووحدها في الدفاع عن ثروتها النفطية. لا سيما ان التهويل بالحرب هذه المرة لا يتصل بوجود «حزب الله» وصواريخه كما اعتاد الإسرائيليون سابقا وانما يتصل بملف النفط والغاز الذي تعول عليه الدولة اللبنانية للنهوض باقتصاد لبنان المأزوم الرازح تحت 77 مليار دولار هي حجم دينه العام. بين قبرص وإسرائيل تأجل دخول لبنان في نادي الدول النفطية ثلاث سنوات بسبب أوضاعه السياسية المتأزمة وخلافاته الداخلية، وتوصل في 9 فبراير 2018 الى توقيع عقد مع ائتلاف شركات دولية هي «توتال» الفرنسية و«إيني» الإيطالية و«نوفاتيك» الروسية للتنقيب عن النفط والغاز في المجمعين 4 و9 بمياهه الإقليمية. النزاع على الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل يعود الى عام 2010، مع اكتشاف عدد من حقول الغاز مثل حقلي «لوثيان» و«تمار» الواقعين في المياه الإسرائيلية بالقرب من منطقة بحرية متنازع عليها مع لبنان، اعقبها توقيع اتفاق بين إسرائيل وقبرص رسم الحدود البحرية بينهما، اقتطعت إسرائيل بموجبه مساحة مائية تقدر بـ860 كيلومترا مربعا من المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية، وهي المنطقة التي تحتوي على كميات كبيرة من النفط والغاز. في يونيو 2011 توجه لبنان مرة أخرى إلى الأمم المتحدة، معرباً عن معارضته الاتفاق بين إسرائيل وقبرص الذي ينتهك الحقوق السيادية والاقتصادية للبنان. وفي ظل الخلاف بين بيروت وتل أبيب تقدم الموفد الأميركي فريدريك هوف عام 2012 بمقترح إلى لبنان يقوم على إعطاء 360 كيلومترا مربعا من المياه اللبنانية لإسرائيل من أصل 860 كيلومترا مربعا هي مجموع مساحة ما يسمى البلوك رقم 9، وبالتالي يحصل لبنان على ثلثي المنطقة الاقتصادية مقابل ثلث لإسرائيل. لكن لبنان رفض مقترحات هوف. ساترفيلد أعاد مقترحات هوف، غير أن لبنان رفض المقترح، مصرا على موقفه لجهة ترسيم الحدود البحرية عبر اللجنة الثلاثية المنبثقة عن تفاهم أبريل 1996 التي تضم لبنان وإسرائيل والأمم المتحدة. مصلحة في التفاوض يقول الباحث في الشؤون الشرق أوسطيّة والخبير الاقتصادي سامي نادر في اتصال مع القبس. ان هناك مصلحة لبنانية تقضي بعدم التصعيد والتسريع بالمفاوضات للتوصل الى تسوية مقبولة، قد يتم تحسين شروطها لاحقا: أولاً لأن لبنان وقع مع شركات دولية تخشى البلبلة، وثانيا لانه يسابق الوقت في استخراج النفط والغاز بسبب أزمته الاقتصادية بينما إسرائيل تستخرج منذ سنوات ومن مصلحتها إطالة امد النزاع. المطلوب اذا جهد لتعزيز المسار التفاوضي بعيدا عن المزايدات العسكرية والدبلوماسية. ويستبعد نادر وصول هذا النزاع الى هيئات تحكيمية دولية لكون المعني في مسألة ترسيم الحدود البحرية هي المحكمة الدولية لقانون البحار المنشأة في عام 1982 والتي دخلت حيز التنفيذ في 1994 ولكن إسرائيل غير موقعة عليها. اذا لا يبقى امام لبنان سوى المسار التفاوضي. لا يوافق نادر على ما يتردد على لسان الطبقة السياسية عن «انحياز» الوسيط الأميركي في هذا الملف الى الإسرائيلي. اما اذا صح ذلك فيمكن للبنان ان يلجأ الى وسطاء أوروبيين وفرنسيين او سواهم طالما ان هناك شركة فرنسية من ضمن الشركات المنقبة. وليوقف اللبنانيون البهورة بخلاف الاخرين يرى نادر ان المصلحة الأميركية في هذا النزاع قد تكون مع لبنان اكثر منها مع إسرائيل. والسبب هو قابلية الشركات الأميركية للاستثمار في البلوكات الأخرى مع الوقت. وهذا محفز للدفاع عن الحقوق اللبنانية للتوصل الى تسوية مقبولة. ويقول نادر ان شركة نوبل التي تنقب عن الغاز في إسرائيل هي أميركية ولكنها برأسمال إسرائيلي. الوسيط الأميركي هو الأفضل برأي نادر لأن لديه مصلحة ويملك التأثير. ويختم مطالبا بعدم تحويل المناطق المتنازع عليها الى مزارع شبعا بحرية. استبعاد الحرب من جانبه، يؤكد العميد المتقاعد وهبي قاطيشا لـ القبس، ان النزاعات على الحدود البحرية تحل عادة بمفاوضات مباشرة بين الدول المتنازعة (وهذا مستحيل في حالتي لبنان وإسرائيل) واما بتدخل دولي عبر هيئات تحكيمية او وسطاء. ويلفت قاطيشا الى ان الوسيط الأميركي يبحث عن حل ولكنه بالتأكيد سيراعي المصلحة الإسرائيلية، لذلك على لبنان البحث عن وسطاء آخرين. ويستبعد قاطيشا قيام حرب لا مصلحة لأحد بها وهي ستهرب الشركات الدولية التي تنأى بنفسها عن أماكن متنازع عليها. تمرين إسرائيلي في المقابل، قال المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي امس، إن الجيش أجرى هذا الأسبوع تدريبا يحاكي إمكانية نشوب حرب مع لبنان. وقال أدرعي «جرت هذا الأسبوع سلسلة تمارين على مستوى الألوية في القيادة الشمالية العسكرية، في إطار الجهود لرفع حالة الجهوزية في القيادة العسكرية الشمالية». وأضاف في تصريح مكتوب: شاركت في التمارين قوات في الخدمة الإلزامية والاحتياطي وتدربت على التجنّد بشكل سريع، وعلى القدرات بتفعيل النيران والاستعداد للحرب في منطقة لبنان. ولفت المتحدث العسكري الإسرائيلي إلى أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي أيزنكوت تفقد ساحة التمارين، حيث تم استعراض القدرات الميدانية وأهم نشاطات الالوية القتالية.

مشاركة :