ضرب من الجنون.. هذا ما قاله صديقي الحائر.. أنا: ولكن يا صديقي قد تكون الوفاة لها أسباب أخرى.. صديقي: لقد شاهدت بأم عينيك الضجة وراء هذا الأمر، والتقارير والصحف التي اهتمت بالحدث، قد يكون ابني من مدمني المخدرات الرقمية، إنه يستوحد في غرفته بالساعات مع تلك الموسيقى المزعجة، ويبدو عليه الإرهاق والاكتئاب.. أنا: اعرضه على طبيب نفسي ليشخص حالته، لا تنس أنها ظاهرة منتشرة في دول الغرب وبعض الدول العربية بين المراهقين خاصة. تفكرت في عرض الموضوع لخطورته: المخدرات الرقمية، رغم أنه لا توجد دراسات تثبت مخاطرها ومضارها بأي حال من الأحوال وأنها تعمل عمل المخدرات، فإن هناك دراسات تثبت أنها لا تؤدي إلى تغييرات كيماوية في الدماغ، ولا تصل إلى حالة الإدمان على الموسيقى الرقمية إلا من وصل لحالة الإدمان الشديد والتدهور الصحي، خصوصاً النفسي.. وأن منشأها نفسي وليس كيماوياً، فتأثيرها قد يكون مجرد إيحاء يعتمد على مدى تقبل الشخص لها. وبحسب ما وصفته المنظمة العربية للمعلومات والاتصالات، فإن تلك المخدرات عبارة عن ذبذبات صوتية تتراوح أمواجها ما بين ألفا وبيتا وثيتا وصولاً إلى دلتا.. يؤدي الاستماع إليها لفترة طويلة إلى عدة أحاسيس كالنعاس أو اليقظة الشديدة أو الدوخة أو الارتخاء أو الصرع والانزعاج.. وجاء رأي أصحاب الاختصاص والمطلعين على الظاهرة أن هذه الذبذبات والأمواج الصوتية تؤدي إلى تأثير سيئ في المتعاطي على مستوى كهرباء المخ، كونها لا تشعر المتلقي بالابتهاج فحسب، بل تسبب له ما يعرف بالشرود الذهني، وهي من أخطر اللحظات التي يصل إليها الدماغ، حيث تؤدي إلى الانفصال عن الواقع وتقليل التركيز بشدة. ويحذرون من أن التعرض لهذا التغيير في اختلاف موجة الكهرباء في الدماغ وتكراره يؤدي، إضافة إلى لحظات الشرود، إلى نوبات تشنج عند المرء. وتوفر المخدرات على الموقع بعدة أسعار وجرعات حسب الشعور الذي تود الحصول عليه، وتلك الجرعات التي تقدم تعمل على محاكاة تأثير نفس التجربة في العالم الواقعي.. أي: المخدرات الحقيقية.. ويقدم الموقع عينات مجانية يمكن الاستماع إليها وبعدها طلب الجرعة الكاملة، وتتراوح الأسعار ما بين 3 دولارات لتصل إلى 30 دولاراً وأحياناً أكثر.. لم يتوقف الأمر على هذا الحد.. بل يمكن مساعدة المستخدمين بتصميم الجرعة الخاصة بهم للوصول إلى شعور معين يتم وصفه لهم.. وطالب نائب مدير أكاديمية الشارقة للعلوم الشرطية بمعاملة تلك الملفات الصوتية معاملة حبوب الهلوسة والقنب.. ومع الاعتراف بعدم وجود دليل علمي على تسببها في الإدمان أو الهلوسة، إلا أنه يراها خطراً على المجتمع، وطالب بضرورة تحذير الناس والبدء بحملات توعية حول مخاطرها. على الرغم من أنه ليس هناك دليل علمي على أنها تسبب الإدمان أو على مضارها، فإن هناك حالة وفاة تستمع لهذا النوع من الموسيقى.. على الرغم من عدم تأكيد علاقتها بهذه المخدرات.. ولا بد من تسليط الضوء عليها من الإعلام العربي الذي تأخر خمس سنوات عن الغرب.. فرد الفعل الحكومي العربي ضعيف في ظل ضعف انتشارها.. وما يدرينا أنها تقبع بيننا ويتداولها أبناؤنا ونحن في غفلة عنها لعدم معرفتنا بها.. فكيف يمكن تجنيب المراهقين ضررها؟.. وهل هي تعمل عمل المخدرات حقاً؟.. من وجهة نظري أن المنشأ النفسي والإيحاء أقوى من الإدمان الحقيقي.. فهي تحاكي الدماغ ضمن الذبذبات.. وتخرجه عن الواقع.. وتخلق حالة من اللاوجود، وهي كفيلة أن تدمر جيلا من المراهقين.. فحذار لكل الأهالي.. راقبوا أبناءكم.. للتدخل السريع قبل فوات الوقت. د. أحمد حسين الفيلكاوي Drahmadkw@
مشاركة :