رزان عدنان| يعتبر الاحتفاظ بالموظفين قضية رئيسية بالنسبة إلى وظائف الإدارة العليا والمناصب الأخرى، ويتعلّق السبب في ذلك أساساً إلى أنه عندما تغادر المواهب والمهارات العالية تخسر معهم الشركة الكفاءة والإنتاجية معاً. وتشير دراسة متخصصة إلى أن نحو %65 من الموظفين المثاليين الأكفاء يبحثون بشكل حثيث دوماً عن وظيفة جديدة. وفي هذا المقام، لا بد من طرح السؤال المهم التالي: لماذا يغادر الموظف الجيد شركته؟ لا يبدو أن العديد من أصحاب العمل يسألون «الموظفين الجيدين» عن التحديات التي تواجههم في مكان العمل، أو بالأحرى ما يجعلهم يبقون في وظائفهم الحالية. في ما يلي ثمانية أسباب رئيسية تدفع الموظف الجيد إلى ترك مكان عمله، بحسب موقع أكسبرتير: أولاً – غياب التقدير وانخفاض قيمة المكافآت والحوافزعندما لا يشعر الموظف الجيد بأنه يتقاضى تعويضاً كافياً عن عمله، ويرى أن راتبه منخفض جداً، عدا عن عدم تقديره، تصبح قضية مغادرة الشركة أمراً لا بد منه. فالمكافآت أحياناً قد تمثل لهذا النوع من الموظفين أهمية أكبر من الرواتب الحقيقية. ورغم غياب المكافآت والحوافز، فقد يستمر العديد من الموظفين في عملهم، إذا أحسّوا بأهميتهم ضمن فريق العمل. ومع ذلك، فمن المهم بالقدر ذاته أن يقيس الموظفون الرواتب وأن يضمنوا لأنفسهم مكافآت تنافسية. ثانياً – لا مبالاة الإدارةفي حالات معينة، يعاني كثير من الموظفين من استئثار رؤسائهم بالمزايا، إذ تحرص القيادة أحياناً على تشارك الإنجازات والمزايا العائدة على الشركة، ولكنها عند وقوع خطأ ما، لا تعترف الشركة بمسؤوليتها، بل تلقي اللوم كله على موظف واحد. الجزء المحزن هو أن هذا قد لا يحدث مباشرة مع الموظف الذي يغادر، ولكن حتى لو حدث لشخص يعرفه، فسيكون تأثير ذلك عليه قوياً. ثالثاً – الترقيات العشوائيةقد لا تكون الترقية لشخص معين هي الدافع أحياناً لمغادرة الشركة، بل إذا ذهبت أيضاً لشخص آخر لا يستحقها. وبطبيعة الحال قد يمثل موضوع الترقية أمراً شخصياً، وقد لا تكون المقارنات واضحة أو مشروعة، ولكن المشكلة الحقيقية تتمثل في التواصل. بمعنى يمكن للموظفين الذين لم يحصلوا على ترقيات أن ينظروا إليها على أنها نوع من «المحاباة». لهذا وفي تلك اللحظة، يجب أن تشرح الإدارة العليا أسباب الترقيات والتعاقد، وأن تضع في اعتبارها أيضا الأثر الذي قد يحدثه ذلك على معنويات أولئك الذين لا يحصلون على ترقية. رابعاً – الملف الوظيفي والمستقبل غير الواضح في كثير من الأحيان عندما يتم تعيين شخص لمنصب ما، يبدو المسمى الوظيفي مثالياً، ولكن واقع المنصب في الشركة يتغير من خلال التفاعلات داخل الشركة، وأحيانا بسبب تغير ظروف العمل. كل هذه العوامل تسبب الارتباك وانعدام الأمن، وقد يشعر الموظف الجيد بأن مستقبله في الشركة غير واضح. لحل هذه المسألة، يمكن للشركة أن توفر دورات تدريبية للموظف، وتعين مدربين وموجهين للموظفين الجيدين، بحيث تساعدهم على توضيح أدوارهم. خامساً – لا يوجد ما يكفي من الإلهامالبعض يرى في عدم وجود موسيقى أو وسائل راحة أو مرافق متطورة في بيئة العمل أمراً مزعجاً. لهذا يتعين على كل شركة أن تعي كل ما يحفز موظفيها على العمل، بحيث تسأل القيادة نفسها: لماذا يعملون، وما يلهمهم، وما الذي يمكن أن يغير إنتاجيتهم … والأساس هو المبادرة وطرح الأسئلة. سادساً – بيئة سلبية وضعف ثقافة العمل يسهم تطوير بيئة عمل سعيدة بحتة في زيادة الإنتاجية. كل شركة لديها ثقافة عمل تطورها وتتكيف معها. على سبيل المثال، لا أحد يريد أن يقضي 8 – 10 ساعات في وظيفة وبيئة عمل خانقة وسلبية. إذ تؤثر بيئة الشركة وثقافة العمل على قدرة الشخص على الإبداع، والاعتماد على نفسه. لهذا، لا بد من الاستثمار في ثقافة العمل التي تسمح للناس بتبادل أفضل ما لديهم. سابعاً – ضعف التوازن بين العمل والحياة هناك أبحاث تبين أن العديد من الموظفين الجيدين قد يتضايقون ويراودهم الشعور بعدم الرضا إذا لم يفصلوا بين حياتهم الشخصية وعملهم. إذ لا يمكن لموظف أن يتحمل العمل على نحو يستهلك أكثر من %80 من إنتاجيته. لهذا، تحرص الشركات الكبيرة مثل غوغل وغيرها على السماح لموظفيها بالاسترخاء حتى في مكان العمل. فمستويات الإبداع قد ترتفع عندما لا يشعر الموظف بالإفراط في العمل. ثامناً – غياب المرونةبالنسبة للموظف الجيد، يتولد لدى الموظف الجيد شعور بعدم رغبة رئيسه بالاحتفاظ به إذا لم يوفر له المرونة اللازمة في العمل. ومعظم جيل الألفية والقوى العاملة الجديدة تقّدر المرونة في بيئة العمل. وإذا قدمت شركة أخرى لهم ذلك، فربما قد يكون سبباً كافياً لمغادرتهم الشركة. نأمل أن يضع أرباب العمل هذه الأسباب في الاعتبار وبذل ما يمكنهم للحفاظ على موظفيهم الجيدين، لأنه لو حصل وأن خسروهم، فسيضطرون للبحث عن بديل عنهم مرة أخرى!
مشاركة :