لخص الأخ الكبير والعزيز الأديب الدكتور خليفة الوقيان في محاضرة له بعنوان «هموم ثقافية» التحديات التي تواجهها حريات التفكير والتعبير، خصوصا في ميدان «الفنون التشكيلية والموسيقى والسينما ووسائل التواصل الاجتماعي»- كعادته- بأسلوب علمي هادف وبصوت المثقف الحريص على التنوير وليس التحريض. الدكتور خليفة الوقيان شخصية تتميز بالهدوء ومستمع راقٍ جدا لشتى الآراء وفي الوقت نفسه صريح وجريء في الطرح الموضوعي والاستعداد لمقارعة الحجة بالحجة من زوايا ثقافية وسياسية وتاريخية أيضًا. «هموم ثقافية» محاضرة ألقاها الوقيان في ديسمبر 2017 في المكتبة الوطنية لكنها ،للأسف الشديد، لم تأخذ صداها وانتشارها الإعلامي، خصوصًا إذا ما تم الرجوع إلى النص الكامل للمقال كما نشر في مجلة البيان الصادرة عن رابطة الأدباء في فبراير 2018 وتحديدًا تساؤله «ما الذي يجعل دولة حديثة نامية كالكويت ترتد عن مسيرة التحديث والإصلاح والتنوير الذي بدأها الآباء في مطلع القرن المنصرم؟». أجاب الدكتور الوقيان باختصار شديد من خلال استعراض للمادة الـ36 من الدستور الكويتي التي نصت على «أن حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقًا للشروط والأوضاع التي بينها القانون». لكن المعضلة كما يبدو تكمن في قوانين وتوجهات تتناقض مع المادة الدستورية المذكورة، خصوصا في ما يتعلق بمواجهة الغلو الذي يجتاح الكويت والعالم ككل! «الاستسلام لرؤية فكرية موغلة في الغلو» كما أشار اليه الدكتور الوقيان في مقاله وكذلك «مقصلة الرقابة» هو نتيجة مباشرة لعدم تركيز واهتمام الجهات المعنية في معالجة هذه التعقيدات الخطرة، خصوصا الجهات المختصة في مواجهة الإرهاب بمختلف أشكاله وكذلك الفكر المتطرف! الدكتور الوقيان يتميز في تأييده لحرية التعبير والرأي كتابة ورسمًا وفنًا وشعرًا ليس في تقبل الرأي الآخر فقط بكل ود وهدوء، وإنما حريص للغاية على الحوار البناء وعدم الانزلاق نحو التجريح والتسطيح لقضية الحريات من اجل تصدير التسامح والجدل الموضوعي الذي يمكن أن يستفيد منه جميع افراد المجتمع بمختلف تياراته الفكرية والسياسية وهو اسلوب صعب على من يهوى الاستعداء والتصيد والتكسب الإعلامي! نحن بحاجة ملحة إلى ترسيخ مثل هذه المبادئ في الوقت الذي نشهد فيه تسابقًا محمومًا وهوسًا من البعض نحو اختلاق الفتن والإثارة الإعلامية. خالد أحمد الطراح
مشاركة :