قال تقرير صادر عن «QNB» أمس، إن المراقبين في الأسواق الناشئة ظلوا يتابعون بعناية تطورات التضخم الأخيرة في الولايات المتحدة الأميركية. وقد يعني ارتفاع التضخم لأكثر مما كان متوقعاً تشديد أسرع للسياسة، وهو ما يثير مخاوف البعض من أن يؤدي ذلك إلى عودة مزيد من المستثمرين إلى الولايات المتحدة، بحثاً عن عائدات أعلى، ويعوق بذلك تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة بدرجة كبيرة.غير أن «QNB» لا يرى أن مخاطر ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية تشكل تهديداً كبيراً لتدفقات الأموال إلى الأسواق الناشئة في عام 2018، فطالما أن النمو في الأسواق الناشئة يرتفع بشكل أسرع مما هو عليه في الولايات المتحدة -وهو أمر متوقع على نطاق واسع- من المرجح أن يقود ذلك إلى اجتذاب المستثمرين العالميين إلى هذه الأسواق، وتعزيز صافي التدفقات القادمة إليها في عام 2018. محفزان تاريخياً كان هناك محفزان رئيسيان لتدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة «باستثناء الصين»: أسعار الفائدة والنمو الاقتصادي، فارتفاع أسعار الفائدة والنمو في الأسواق الناشئة بالنسبة إلى الاقتصادات المتقدمة، يؤدي في العادة إلى جذب رؤوس الأموال إليها، لأن ذلك يعطي عائدات أعلى للمستثمرين، وبطبيعة الحال، فإن ارتفاع أسعار الفائدة النسبية في الأسواق الناشئة يجذب الاستثمارات الأجنبية في الأصول المحملة بالفوائد مثل السندات وودائع البنوك، أما قوة النمو الاقتصادي، فهي تعمل تقليدياً على جذب المستثمرين إلى الاستثمار في الأسهم، وتحفز لمزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر على أمل تحقيق أرباح أعلى في المستقبل. ومنذ الأزمة المالية العالمية، ظلت التدفقات نحو الأسواق الناشئة تُحدد بشكل رئيسي حسب معدلات النمو النسبية، وليس حسب أسعار الفائدة، وانخفض صافي التدفقات الرأسمالية إلى الأسواق الناشئة ما بين 2010 و2015، لكنه تعافى ما بين 2016 و2017، وخلال كامل هذه الفترة، ظلت فوارق أسعار الفائدة ما بين الأسواق الناشئة والولايات المتحدة مستقرة بشكل عام، بل حتى إنها ارتفعت مع تحول التدفقات إلى الجانب السلبي في عام 2015، وفي الفترة ذاتها، كانت فوارق النمو في الأسواق الناشئة متماشية مع التدفقات الرأسمالية، وحينما تراجع النمو ما بين 2010 و2015، انخفضت كذلك تدفقات رؤوس الأموال نحو الأسواق الناشئة، ثم ارتفعت ما بين 2016 و2017. النمو وقد تم تأكيد أهمية معدلات النمو بشكل واسع من خلال الأبحاث الاقتصادية حول تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة، وتبين التقديرات أن التدفقات الرأسمالية نحو الأسواق الناشئة أصبحت تتفاعل وتتأثر 1.5 مرة أكثر مع النمو، منها مع أسعار الفائدة خلال العامين الماضيين، إلى جانب ذلك، تراجع تأثير التغير في أسعار الفائدة على تدفقات رؤوس الأموال بحوالي 13 % مقارنة بفترة ما قبل الأزمة ما بين 2005 و2008، بينما ظل تأثر التدفقات بمعدلات النمو دون تغيير تقريباً. وعلى الرغم من أنها أقل أهمية من معدلات النمو النسبي، إلا أن فوارق أسعار الفائدة بين الأسواق الناشئة والولايات المتحدة لا تزال تدعم تدفق رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة، وقامت البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة بتخفيض أسعار الفائدة إلى أدنى المستويات التاريخية في أعقاب الأزمة المالية، وتم إبقاء أسعار الفائدة على انخفاض حتى عام 2015 عندما بدأت الولايات المتحدة في تطبيع السياسة النقدية، وظلت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة ترفع أسعار الفائدة منذ عام 2015، وذلك لعدة أسباب، فبعضها قام بذلك لمجاراة بنك الاحتياطي الفيدرالي، والبعض الآخر كان يحاول دعم عملته المحلية، والحد من التدفقات الرأسمالية الخارجة، نتيجة لصدمات أسعار السلع الأساسية أو المخاطر السياسية أو غيرها من الضغوط الخارجية، ونتيجة لذلك، ظل الفارق في سعر الفائدة بالمقارنة مع الولايات المتحدة مستقراً بشكل عام خلال فترة ما بعد الأزمة، وهو ما حافظ على جاذبية الأصول المحملة بالفوائد في الأسواق الناشئة بالنسبة للمستثمرين الأجانب، ونظراً لإجماع الآراء على أن النمو في الأسواق الناشئة سيرتفع بوتيرة أسرع من الولايات المتحدة في عام 2018، يتوقع «QNB» أن يستمر صافي التدفقات الرأسمالية لتلك الأسواق في الارتفاع، وأن يعوض بفارق كبير عن أي تأثير ناتج عن فوارق أسعار الفائدة الأقل جاذبية. وبينما سيؤدي إسراع بنك الاحتياطي الفيدرالي في تطبيع السياسة النقدية إلى تأثير معاكس، من الممكن أن يرد بعض صناع السياسات في الأسواق الناشئة باتخاذ تدابير لمقابلة ارتفاع أسعار الفائدة الخاصة ببنك الفيدرالي كما فعلوا في السابق، وبشكل عام، لا يُرجح أن يؤدي شعور مزاج السوق حيال ارتفاع أسعار الفائدة إلى إبعاد المستثمرين عن الأسواق الناشئة، ففي حال ارتفع النمو في الأسواق الناشئة كما هو متوقع، سترتفع أيضاً التدفقات الرأسمالية إلى تلك الأسواق.;
مشاركة :