على وقع انقسام الخبراء والمحللين بين من يتنبأ برفع أسعار الفائدة الأميركية الشهر المقبل، ومن يتوقع تأجيلها حتى شهر ديسمبر المقبل، تشهد الأسواق الناشئة اضطرابات كبيرة. ويشير تقرير لـ «بلومبرغ» إلى أن هبوط العملات المحلية يلقي بظلاله الثقيلة على اقتصادات الدول الناشئة، التي تشهد موجة متسارعة من عمليات بيع الأسهم والسندات، بالتزامن مع ارتفاع معدلات التضخم وتعطيل عجلة الاستثمارات. ويبين التقرير أن العديد من الدول «الناشة» تراقب مسألة رفع أسعار الفائدة الأميركية عن كثب نتيجة ربط عملاتها بالدولار من جهة، ونتيجة تأثر النظام الاقتصاد العالمي ككل بعملية رفع الفائدة المرتقبة. وأكد التقرير أن عملات ما يزيد على 20 دولة قد تراجعت بشكل ملحوظ خلال الأونة الأخيرة، حيث انخفض بعضها إلى أدنى مستوياتها منذ العام 1993. وتأتي الليرة التركية والروبل الروسي والبيزوس التشيلي والكولومبي، إضافة الى الريال البرازيلي في طليعة العملات التي هبطت بشكل كبير أخيراً، حيث انخفضت قيمة بعضها أكثر من 10 في المئة، في حين وصل تراجع الروبل الروسي منذ شهر مايو الماضي مقابل الدولار إلى 30 في المئة، بفعل العقوبات الاقتصادية وتراجع أسعار النفط. كما هبطت العملة التايلندية لأدنى مستوياتها منذ 6 أعوام، بينما سجلت عملة جنوب أفريقيا إلى أقل مستوى في 10 أعوام. ويمضي تقرير «بلومبرغ» إلى التأكيد أن السبب الرئيس وراء ما وصفها بـ «المذبحة النقدية»، ازدياد معدلات الفائدة المرتقبة في الولايات المتحدة إلى جانب بعض العوامل الأخرى. وترى رئيسة مجلس الاحتياطي الفيديرالي الأميركي جانيت يلين، أن زيادة معدلات الفائدة الأميركية المتوقعة في سبتمبر المقبل تأتي كنتيجة طبيعية لتحسن نمو الاقتصاد الأميركية وفق ما تشير البيانات الخاصة. وفي حين يؤكد المتخصص في الاقتصادات الناشئة في شركة «مورغان ستانلي» جيمس لورد، بأن «البنوك المركزية في الاقتصادات الناشئة تبذل جهوداً حثيثة لاستباق التغييرات التي قد تطرأ على قيمة عملاتها مع رفع أسعار الفائدة»، يرى المحلل المالي لشركة «غولدمان ساكس» كاماكشيا تريفيدي أن استمرار انخفاض قيمة العملات المحلية في هذه البلدان سيتواصل خلال الأيام المقبلة. من جهته، يرى مدير الاستثمار في «Stone Harbor Investment Partners» بابلو سيسيلينو، أنه مع تواجد احتياطي أجنبي جيد لدى الدول النامية، فإن هذه الدول ستتمكن من تجنب الأزمات الحرجة، ولكن ذلك لا يعني عدم وجود تحديات كبيرة. وكانت البرازيل من ضمن الدول الكثيرة التي عانت تذبذب قيمة عملتها المحلية، التي شهدت انهيارا وصلت نسبتها إلى ما يزيد على 21 في المئة، وهو ما يعني أن هذا الاقتصاد الضخم، على وشك أن تراجعاً في العديد من المؤشرات الاقتصادية التي شهدت تحسناً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة. أما البنوك المركزية في أرجاء القارة الأفريقية فقد واصلت اتخاذ سلسلة إجراءات تدابير بغية تحسين قيمة عملاتها، في محاولة لتجاوز الأسوأ مع الاقتراب من رفع أسعار الفائدة. وفي ماليزيا أيضاً، تدخّل صنّاع القرار من خلال القيام ببيع بعض الاحتياطيات لدعم «الرنجيت»، التي هبطت قيمتها الى أقل مستوى في 16 عاماً. أما البنك المركزي التركي فقد ترك معدلات فائدته الرئيسية دون تغيير، بسبب ضعف العملة والتضخم المتزايد في البلاد، في حين توقع وكالة «ستاندرد أند بورز» أن تبدأ أنقرة باتخاذ إجراءات مشددة تجاه سياستها النقدية خلال الأيام والأسابيع المقبلة تجنباً لهبوط أكبر. وفي كولومبيا كذلك، شهدت العملة المحلية انخفاضاً تجاوز نسبة 17 في المئة منذ مطلع العام، في وقت أكد فيه البنك المركزي أنه يقوم بالعديد من الإجراءات والتدابير بهدف كبح جماح مسيرة الهبوط.
مشاركة :