يقطعون مسافات طويلة من دول بعيدة عن مصر، من أوروبا وسواها، لزيارة محافظة الفيوم، التي تقع على مسافة 100 كيلومتر، جنوب غرب القاهرة، من أجل مراقبة بعض أنواع الطيور، والاستمتاع بمشاهدتها على طبيعتها، علماً أن بعضها يعيش في بلدانهم.سيدة بريطانية Debbie سيدة بريطانية ترافق زوجها لمشاهدة الطيور في مناطق تجمّعها بمحافظة الفيوم، تقول: "زرت مع زوجي محافظة الفيوم عدة مرات لمشاهدة الطيور، وشعرت بسعادة كبيرة خلال مرافقتي مرشداً سياحياً متخصصاً في ذلك. وفي كل مرة نزور الفيوم نتعلم أكثر وأكثر". وتضيف لرصيف22: "عرفت بهذا النوع من السياحة عن طريق صديق لي بالقاهرة، وقرأت كتاباً عن طيور الفيوم، وعندما جئت، قابلت المرشد الذي رافقنا في رحلات ممتعة للتعرف على الطيور وحياتها".سياح مصريون ولم يكن الأمر ممتعاً فقط لدى الأجانب، بل المصريين أيضاً، إذ جذبت رضوى هلال، العاملة في مجال الموارد البشرية، من محافظة القاهرة، "بوستات" وإعلانات بفيسبوك، ولقاءات تلفزيونية مع مرشد متخصص في مشاهدة الطيور منذ عام ونصف، وكانت حافزا لها من أجل القيام بهذه الرحلة لمشاهدة الطيور، الشهر الماضي، تقول: "جذبتي الصور والفيديوهات، التي شاهدت فيها طائر الفلامنجو، مع تميز الفيوم بجوها، فقررت أن أخوض التجربة وحدي". وبحسب "رضوى" فإن الرحلة استغرقت بين 5 و 6 ساعات. بدأتها في الساعة 12.30 ظهراً، خلال الشهر الماضي، وشاهدت أنواعاً مختلفة من الطيور المهاجرة، وجذبتها ألوانها البديعة، وكيف تعيش، وتأكل طعامها... 3 نظارات وتليسكوب أحمد منصور، مرشد سياحي، متخصص في تنظيم رحلات مشاهدة طيور، من قرية تونس، بمركز يوسف الصديق، يصف سياحة مشاهدة الطيور بأنها "عبارة عن رصد للطيور سواء كانت مهاجرة أو مقيمة في محميتي قارون ووادي الريان، فهناك سياح يحضرون معهم أدواتهم وآخرون أوفّرُ لهم تلك الأدوات، وأتواصل مع الراغبين في هذا النمط السياحي من خلال التواصل مع الفنادق والإعلان فيها، أو مع زائري قرية تونس، فعندما يعرفون أن هذا النمط السياحي موجود في الفيوم، يطلبون تنظيم رحلة لهم.أقوال جاهزة شاركغرديوجد 431 نوع من الطيور في الفيوم، تمثل الطيور المهاجرة 75% منها وتستقبل سنوياً قرابة 30 ألف طائر مهاجر شاركغردمن أشهر الطيور الفلامنجو العظيم، طائر ضخم لونه وردي، يفد في جماعات كبيرة في الشتاء ويقيم غرب بحيرة قارون ويضيف: "لدي 3 نظارات وتليسكوب يستخدمها السائح في مشاهدة الطيور، والنظارات من أجل مراقبة الطائر بوضوح من مسافة 300 متر، أما التليسكوب فيتم ضبط عدسته لرصد الطائر على بعد نصف كيلومتر. لم يعد الأجانب هم الأكثر إقبالاً على هذا النوع من السياحة، فهناك مصريون كثر بدأوا الاهتمام بمشاهدة الطيور". أكمل القراءة كم تكلف الرحلة؟ يوضح منصور: "تكلفة الرحلة للفرد المصري قرابة 500 جنيه (28$) وتزيد قليلاً للأجنبي، وإذا كانت مجموعة من 10 أفراد، تنخفض تكلفة الفرد إلى 100 جنيه (5$)، ونستخدم التلسكوب في رصد الطيور المميزة التي تكون بعيدة، ومهمتي أيضاً شرح نوع الطائر وخصائصه والبيئة التي جاء منها... ". ويقول: "هناك أنواع كثيرة من الطيور التي يرغب السياح في مشاهدتها، منها طائر (المك)، وهو خجول ويظهر في الصباح الباكر، ويصدر أصواتاً، ثم يختفي في الهيش أو النخل، ويطير بين 30 أو 40 متراً فقط للبحث عن الطعام أو للتكاثر. وهناك أيضاً الفرخة السلطاني، التي تتميز بألوانها وتعيش في المستنقعات والغابات، وتأكل الأسماك". ويختم: "هناك طيور أخرى يطلبها المصريون والأجانب مثل الفلامنجو والمكاء والبتاشينا".تاريخ طيور الفيوم وعن تاريخ الطيور ومشاهدتها، يروي الخبير السياحي نبيل حنظل، المستشار السياحي السابق لمحافظة الفيوم: "للفيوم مع الطيور تاريخ وحكايات يؤكدان أن علاقتها بالطيور قديمة، إذ عُثر على حفريات للطيور في شمال بحيرة قارون، كما تحفظ البرديات الفرعونية صوراً لصيد الطيور على أرضها، وتبرز شهرتها مع الحمام الزاجل وأبراج الحمام، وكانت سياحة صيد الطيور هي عنصر الجذب السياحي الرئيسي للفيوم". ويكمل: "أُقيمت بسبب هذه الهواية، منشآت سياحية متخصصة، من بينها فندق موريس(Moris de luc) ، الذي كان مكان شرطة الثروة المائية الحالية، وفندق البافيون دي شاس ( أي فندق الصيد)، وفندق أوبرج الفيوم، الذي لا يزال قائماً، وكان اسمه فندق البحيرة (HOTE DE LUC ) ، وشعاره بطة مهاجرة تسبح في مياه البحيرة، كما أقيم فرع لنادي الصيد المصري بكوم أوشيم، وكانت هي الهواية الملكية للملك فاروق. ويشدد على أن الفيوم كانت مقراً لبطولة العالم للصيد في الخمسينيات، وكان هناك انتعاش اقتصادي، وأبواب رزق للمتخصصين، والمحليين الذين لهم صلة بالموضوع، من بينهم "الشيكارية"، أصحاب الخبرة في إرشاد الصيادين وتجهيز مواقع وأدوات الصيد، وهم يمارسون عملهم حالياً في المستنقعات الخاصة المسموح فيها بالصيد.431 طائراً وحول أعداد الطيور في مصر، يقول حنظل إن الإحصاءات تبيّن وجود 431 نوعاً تستحوذ الفيوم على نصفها، وتمثل الطيور المهاجرة 75% من أنواع هذه الطيور، والباقي للطيور المحلية، بالإضافة إلى أن الفيوم تستقبل سنوياً قرابة 30 ألف طائر مهاجر، أشهرها الصقور، مثل صقر شاهين والصقر الحر، والبط، والبط الغواص، والفرخة السلطاني، والغر، والحمراوي، والخضراوي، والبلاشون الرمادي والأبيض، والبكاشين، ونكات، والكيش، والشرشير، والشتوي، والبشاروش، والنورس، والقرقطي، والمطوق، وأبو الرؤس، والقطقاط. ويضيف: "تشتهر منطقة وادي الريان بوجود أنواع من البط، وطائر الغر، والبط الغواص، بالإضافة إلى الطيور المقيمة، والطيور التي توطنت الفيوم، مثل الغر، والبلاشون، والكوهية، والفلامنجو المهاجر.مراقبة عالمية يشير الدكتور أسامة إبراهيم، أستاذ الإرشاد السياحي المساعد بكلية السياحة والفنادق بجامعة الفيوم، ومستشار وكيل جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل لمتابعة الأداء الأكاديمي، إلى أهمية سياحة مشاهدة الطيور، التي ترجع إلى إعلان منطقتي بحيرة قارون ووادي الريان، كمنطقتين مهمتين عالمياً في مجال مراقبة الطيور. ويضيف أن المنطقة تضم أكثر من 240 نوعاً من الطيور المهاجرة، فضلاً عن الطيور المقيمة بالفيوم، لوجود البحيرات والطبيعة البكر. من أشهر هذه الطيور الجريتير فلامنجو أو الفلامنجو العظيم، وهو طائر ضخم ولونه وردي، يفد في جماعات كبيرة في فصل الشتاء، ويقيم في أقصى غرب بحيرة قارون، وهناك طائر الكينك فيشر الملون، ويطلق عليه اسم ملك السمك، أو صياد السمك.بداية الاهتمام بالطيور ويؤكد إبراهيم أن سياحة مشاهدة الطيور هي من أشهر أنماط السياحة على مستوى العالم، ويقول: "نحن دخلنا مجال السياحة البيئية متأخرين قليلاً، ومنذ عام 1998 بدأنا الاهتمام بالسياحة البيئية بالفيوم عن طريق مشروع مولته دولة هولندا، وتم فيه إلقاء الضوء على مقومات السياحة البيئية بالفيوم، ودربنا مرشدين سياحيين على مشاهدة الطيور، منهم واحد فقط بقرية تونس واصل عمله في هذا المجال". وتابع: "هناك سائحون محترفون في مشاهدة الطيور، يأتون إلى الفيوم ومعهم قائمة بأنواع الطيور التي يريدون مشاهدتها، ومراقبتها ومتابعة سلوك حياتها، وذلك بهدف إرضاء متعتهم الذاتية. ويعد السائح البريطاني أشهر سائح في مشاهدة الطيور، فهو يشاهد الطائر، ويصوره في أوضاع مختلفة، ويكتشفه ويراقبه بكاميرات وتليسكوبات عالية الجودة، لمعرفة معلومات عنه، ومقارنته بالطيور الأخرى، وهنالك من يؤلف كتباً عن طائر معين". أشهر أماكن مشاهدة الطيور ويلفت إبراهيم إلى أن أقصى الشمال الشرقي، وأقصى غرب بحيرة قارون، هما من الأماكن الممتازة لمشاهدة الطيور، وقرب قرية تونس، وخلف مصنع أميسال للأملاح. وطالب الدولة بوضع سياحة مشاهدة الطيور كأحد أهم الأنماط السياحية في خطتها الإستراتيجية، وبإعادة إستراتيجية السياحة بمصر لتنمية الأنماط غير التقليدية، والبديلة للسياحة الثقافية المعروفة على مستوى العالم، بالإضافة إلى سياحة الحرف البيئية والمأكولات المحلية. وطالب بأن تهتم الدولة بالأراضي التي تعد مأوى للطيور، وبتحديد الأماكن الشهيرة بهذه النوعية من السياحة، ونشر الوعي والثقافة، والاهتمام بالطيور نفسها، التي تحتاج إلى بحوث. وطالب أيضاً، بوضع هذه الأماكن على الخريطة السياحية، وإعداد خرائط يتم تسويقها بالمكاتب السياحية خارج مصر. ويوضح الدكتور محمد حماد، مدير برامج التنوع البيولوجية بالمحميات بالفيوم، أن الموعد الأساسي لمشاهدة الطيور يمتد من سبتمبر إلى نوفمبر، إذ تفد الصقور والجوارح، أما الطيور المائية المهاجرة مثل البط، والفلامنجو، والبجع، والغر، والغطاس، وبعض أنواع الوز، والبلاشون، وموسمها من نوفمبر إلى أبريل، فهي أكثر عدداً من الطيور في ديسمبر ويناير. ويرى حماد: "هذا النوع من السياحة يحتاج إلى مجهود من الدولة للتعريف بالمقومات السياحية، وهذا يتطلب جزءاً من أنشطتنا الترويجية لمشاهدة الطيور، فالسائح لو شاهد فيلماً وثائقياً خلال سفره بالطائرة أو ملصقات في الفندق الذي يقيم فيه، سيكون هذا نوعاً من الترويج لهذه السياحة، مع ضرورة توفير معلومات عن أماكنها، ومرشد، وإقامة قريبة من موقع المشاهدة". اقرأ أيضاًماذا تفعل فتيات صينيات في الأحياء المصرية الشعبية؟هل "تنقرض" حرفة تصميم بدلات الرقص في مصر؟خريطة بأسعار المصايف المصرية: من بلطيم "الفقراء" إلى نخبة مراسيلصوص في قعر البحر يبحثون عن ملايين الدولارات بين الشعاب المرجانية ميشيل عبدالله صحفي حر من مصر. عمل بعدد من الصحف اليومية والأسبوعية وشارك في إعداد عدد من التقارير التليفزيونية بمحطات عربية ومصرية. كلمات مفتاحية سياحة مشاهدة الطيور هواية التعليقات
مشاركة :