عندما تسير في شارع المعز لدين الله الفاطمي تجد أصوات المطارق والتي لا تكف عن الطرق من الصباح حتى المساء، وكأنها في عزف مستمر على أسطح النحاس المختلفة، وكأنها تدعوك لتدخل إلى عالم يمتلئ بعبق الماضي والتاريخ ، لتدخل وتجد ورش النحاسين تصنيع النحاس والألومنيوم.وسط تلك الورش التقت عدسة "صدى البلد" بأحد محترفي الصناعة أبًا عن جد ليسرد تاريخ صناعة الألومنيوم والنحاس وتاريخ شارع النحاسين.فى البداية، قال الأسطي "صبري سعيد" إنه توارث مهنة صناعة الألومنيوم أبًا عن جد، معلقًا: "من ساعة ما اتولدت وأنا فى المهنة دى" ، موضحًا أنهم يصنعون "الحلل وآذان التسوية "حسب الطلب، فيحدد الزبون مقاس قطرها، ويقوم بحساب مساحتها وقد يصل قطر "الحلة" الى 150 سنتيمتر.وأشار إلى أنهم قديمًا كانوا يصنعون "الحلل وقدر الفول وحلل تسوية الكشري والزبد" من النحاس الأحمر ولكن مع ارتفاع سعر الدولار تم الإستغناء عنه وتم تبديله بالألومنيوم ، لافتًا إلى أنه يصل كيلو الخام من النحاس إلى ٢٠٠ جنيها، بينما يقدر كيلو الألومنيوم بـ٦٠ جنيها فقط لذا تم الاتجاه إلى الألومنيوم.وعن اندثار المهنة، فقد أوضح أن المهنة بدأت تندثر بسبب ظهور الخامات الأخرى مثل الجرانيت والسيراميك والاستانلس ليحل محل النحاس والألومنيوم ، بالإضافة إلى أن المهنة لاتجد من يحملها ؛ حيثُ أنه من الصعب تعليم المهنة لعاملين جدد لأنها تحتاج إلي التركيز والدقة.ووسط أصوات المطارق على النحاس، سرد الأسطى أشرف حكاية شارع أمير الجيوش أو النحاسين سابقًا بأنه يرجع تسمية الشارع بهذا الاسم لأنه كانت تنطلق منه الجيوش أثناء الحرب وعند النصر لا تدخل الجيوش إلا من خلال بوابات النصر التي تؤدى إلى شارع أمير الجيوش.ويضيف :"ويرجع تسمية الشارع النحاسين سابقًا لأنه يحتوى على كل العاملين فى مجال النحاس والألومنيوم منذُ العصر الفاطمى وتصنيع أواني المطبخ والنجف وقدر الفول وصواني الطعام وأباريق المياه ومستلزمات المقاهي، والكثير من قطع الديكور المتنوعة ذات الاستخدامات المتعددة في القصور والبيوت ودور العبادة".
مشاركة :