البلوتوغراطية | سعيد محمد بن زقر

  • 9/16/2013
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

البلوتوغراطية مصطلح اقتصادي أميركي يرمز لطبقة من الأثرياء يتكتلون للتأثير على القرار الاقتصادي في أميركا ظهر في بداية الثلاثينيات من القرن الفائت ودعمت كـ"تكتل" متطلعين للمواقع الحكومية التنفيذية والتشريعية وخاصة في الكونغرس خدمة لأغراضها الاقتصادية وبسط هيمنتها مقابل حماية مصالحهم، بعبارة أخرى زيادة ثراء الأعضاء بوسائل قانونية. وفي الغرب عموما وتحديدًا في الولايات المتحدة ليس من العيب أن يكون لمجموعة ما منبر للضغط أو تصعيد أفراد لحماية المصالح، ولكن حين تتحول ممارسات التكتلات إلى نوعٍ من الهيمنة أو تطال مصالح الآخرين لابد أن تكون موضوعًا للنقد والتصويب وحتى التجريم. ومنذ أزمة 2008م ترد أخبار سيئة عن البلوتوغراطية التي أصبح لديها ضحايا من تلك الأزمة ومنذ ذلك الزمن وهي تحت مرمى النيران الرأسمالية (الصديقة) وغير الصديقة وتواتر أن توجهاتها توسعت في تسهيل الدين للأفراد وللمجموعات، ثم قضت على آمالهم المستقبلية بإفلاس شركات كانت توظفهم وبالتالي انتشرت البطالة بمعدلات مرعبة، ولهذا تدرك البلوتوغراطية الآن بأن ديونها على الأفراد ضاعفت من ثرائها، ولكنها جلبت آثارًا سالبة على الاقتصاد الأميركي والعالمي وعلى مصارفها الخاصة، والدليل على ذلك تبخُّر (الثراء الوهمي) في ساعات عندما انهارت أسواق وول ستريت في 2008م وعندما تبخّرت الفقاعات المختلفة في أسواق العقار وشركات التأمين وغيرها. إن مستقبل البلوتوغراطية مرتبط بتداركها لطمعها ولجم شرهها والكف عن التوسع في الدين لجني فوائد حقيقية من جيوب محلية وعالمية أصبحت أفرغ من فؤاد أم موسى. إن كثيرا من توجهات هذا التكتل الاقتصادي متهم من قِبَل نقّاد عديدين بأنها تستغل حصان الرأسمالية الأميركية لتأخذ إنتاجا حقيقيا من أفراد أميركيين ومنحهم أوراقًا نقدية لا تعكس بالضرورة قيمة حقيقية لإنتاجهم يضاف أن "طبقة تكتل الأثرياء" متهمة بأنها أقلية تستحوذ على 49% من الثراء في أميركا، وإذا علمنا أن 3% فقط من كل المال الأميركي هو ورق ومعدن ومملوك لحكومة الولايات المتحدة فإن 97% من باقي المال الأميركي ديونًا من مصارف خاصة وهي تتراكم وفق آلية الفوائد (الربوية) حيث تُمنح الفوائد للبنوك الخاصة لتروج لهذا النوع من التمويل، ومع أهمية التمويل المصرفي كآلية اقتصادية إلا أنه في وجهه الربوي يأخذ ثراءً حقيقيًا من الأفراد ليضعه في جيوب تكتلات المصالح الخاصة التي تمنح في مقابل الثراء الحقيقي (معاملة إلكترونية) تقيد في الحاسب الآلي للمصرف، وهذا الوضع أصبح ضرره عامًا، بحيث أن المواطنين البريطانيين يُسدِّدون سنويًا ما يعادل (80) بليون جنيه استرليني عبارة عن فوائد لمصارف بريطانية، ولهذا حين تستخدم هذه الآلية المالية بصورتها الرأسمالية المتوحشة فإنها ستقضي على الثراء الحقيقي للأفراد وتنقله لجيوب ملاك المصارف الخاصة وما أقصده بالثراء الحقيقي هو ما ينتجه المزارع من مزرعته والمقاول من أعماله الإنشائية والمُصنِّع من مصنعه، باختصار كل منتج أو خدمة حقيقية تفيد الإنسانية وتسعد حياتها، وهذا الثراء الذي يتوسع بالديون ويتكسب منها ثم يودعها في جيوب الأثرياء فإنه أقرب إلى ممارسة (حيل) اقتصادية للحصول على منافع من ثراء حقيقي. وهو يوضح الحكمة الربانية لماذا أحل الله البيع وحرم الله الربا. وإذا تمددت توجهات البلوتوغراطية في الاقتصاد الأميركي فإن مصير الرأسمالية أن تكون طبقتين "مسحوقة وثرية"، وإذا حدث ذلك فإنه قد يشير إلى بداية نهاية تلك المجتمعات، ولكن من المفيد الإشارة إلى أن من محاسن الرأسمالية أنها تمتلك آليات تصحح نفسها بنفسها.

مشاركة :