ارتبطت الرياضة في بعض المجتمعات بمعاني الحارة. أن يكون هناك فريقان يتنافسان وبين هذين الفريقين يصطف الناس. التشجيع ذاته بدأ قديماً بوصفه موضوعاً للتسلية من قبل العصر الإغريقي، حيث كانت مباريات المصارعة بين الأشاوس واللاعبين تقام، ومن ينهزم تتراجع جماهيريته، ومن يفز ترتفع. كرة القدم هي امتداد حضاري قديم، وهي تتطور تبعاً لتطور الإنسان وأفكاره وخيالاته. ولو قارنّا بين كرة القدم الآن، وكرة القدم قبل عشر سنوات سنصاب بالذهول، ذلك أن المسافة كبيرة بين الزمنين صورةً وأداءً وعظمةً. حتى اللاعبين اليوم يقدمون "مسْرحة" الرياضة، بمعنى أن الرياضة مثل الفن أخذت صيغة مسرحية. قبل أيام كتب في "واشنطن بوست" ستيفن روبرتس، أستاذ الصحافة والسياسة بجامعة جورج واشنطن، ويعكف حاليا على تأليف كتاب عن الرياضيين المهاجرين في أميركا مقالةً ترجمتْها "الشرق الأوسط" جاء فيها:"انهارت بعض الأنماط التقليدية (في الرياضة) تحت تأثير العولمة، وأصبحت الرياضة بمثابة عملية تجارية ضخمة تحقق أرباحاً هائلة، وبات النجاح على المستوى الاحترافي يتطلب درجة عالية من التخصص وقواماً معيناً يصعب العثور عليه – ليس في كل رياضة فحسب، ولكن في كل مركز من مراكز كل رياضة. ويمكن الحصول على المواهب من أي مكان في العالم، حيث تبحث أندية كرة السلة الأميركية، على سبيل المثال، على العمالقة في كل مكان، وقد وجدت ضالتها بالفعل في صربيا وكرواتيا وليتوانيا". من نافلة القول أن الرياضة باتت سوقاً مالية كبرى، والصفقات التي تدار يومياً هي جزء من الاقتصاد أكثر منها جزءاً من عملية الرياضة، تحولت الأندية إلى أسواق كبرى وهذا ليس عيباً بفعل العولمة كما يقول الكاتب، لم تعد الرياضة مجرد عضلات تعرض، ولا لياقة تستنفد، بل أصبحت ترفاً. هناك بطولات للرياضة عبر الأجهزة الالكترونية وقد يفوز فيها شخص ضخم البنية شديد السمنة، لم تعد الرياضة نمطية بل فقدت نمطيتها. المهم أن الرياضة علم قائم بذاته، وهو تخصص يتداخل مع مجالات علم النفس، وعلم الاجتماع، والأنثربولوجيا، فهو مجال متشعب، وقبل تلك المجالات كلها يتداخل مع الاقتصاد، إذ أضخم الصفقات مع بني البشر تعقدها أندية رياضية مع لاعبين من لحمٍ ودم... آمل أن تكون الأندية الرياضية مراكز معلوماتية لدراسة مثل هذه الدراسات والأبحاث، فلا ينقصها المال ولا والجهد، السؤال: هل تستطيع؟! هل تجرؤ؟!
مشاركة :