انتقدت تركيا بشدة فرنسا والولايات المتحدة لمطالبتهما بأن يشمل وقف إطلاق النار في سورية عمليتها العسكرية ضد المقاتلين الأكراد في منطقة عفرين شمال غربي البلاد، وسط تصاعد حدة التوتر بين أنقرة ونظرائها في حلف شمال الأطلسي «ناتو». وأقرّ مجلس الأمن السبت الماضي، اتفاقاً لوقف النار مدته 30 يوماً في أنحاء سورية، على رغم أن العنف لا يزال مستمراً في الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، كما أن تركيا واصلت عمليتها العسكرية في عفرين. ورحبت تركيا بقرار وقف النار، لكنها أصرت مراراً على أن أي هدنة لن تؤثر في عمليتها المستمرة منذ أكثر من شهر في المنطقة ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية. وخلال مكالمة هاتفية الاثنين مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن قرار وقف النار يجب أن يطبّق على كامل أنحاء سورية «بما في ذلك عفرين»، وفقاً لما ذكرت الرئاسة الفرنسية. غير أن وزارة الخارجية التركية اتهمت باريس أمس، بتقديم «بيان كاذب» عن المحادثة، مشيرة إلى أن ماكرون لم يأتِ على ذكر عفرين خلال مناقشة وقف النار. وأفادت بأن تركيا أبلغت السلطات الفرنسية بأن بيانها «يفتقر الى الصراحة» وارتكبت خطأ «تضليل الرأي العام». وقال الناطق باسم وزارة الخارجية التركية حامي أقصوي، إنّ التصريحات الصادرة عن واشنطن حول وجوب قراءة تركيا نص قرار مجلس الأمن (2401) في شأن الهدنة في سورية «في شكل جيد»، «لا تستند إلى أي أساس»، معتبراً أنها «محاولة لتحريف محور ذلك القرار. وأضاف في بيان نشرته وكالة «الأناضول» التركية أمس، أن الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت، «لم تستطع إدراك السبب الموجب الذي دفع مجلس الأمن إلى اتخاذ قرار وقف إطلاق النار في سورية»، معتبراً أن الهدف الأساسي من هذا القرار هو وقف هجمات النظام السوري على غوطة دمشق الشرقية، إضافة إلى إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة. وأكّد أنّ قرار مجلس الأمن لم يُدرج منطقة عفرين بين المناطق التي تعاني من أوضاع إنسانية سيئة، وأنّ العملية العسكرية الجارية في المنطقة تستهدف «التنظيمات الإرهابية» التي تشكل خطراً على وحدة الأراضي السورية والأمن القومي التركي. ولفت إلى أنّ تركيا «ليست طرفاً» في الصراع الدائر داخل سورية، وأنّ عملية «غصن الزيتون» الجارية في عفرين، تُعتبر «حقاً مشروعاً» لتركيا استناداً إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة الخاص بحق الدفاع عن النفس. ودعا الناطق باسم الخارجية التركية الأطراف المعنية كافة، إلى تطبيق قرار مجلس الأمن «من دون التلاعب بأهدافه ومحوره وغايته»، كما طالب الإدارة الأميركية بـ»العمل على إنقاذ الأبرياء من هجمات النظام السوري، بدل الإدلاء بتصريحات داعمة للإرهابيين». وكانت نويرت أصرّت في تصريحات على أن قرار وقف النار ينطبق على عفرين كذلك. وقالت: «في إمكان تركيا معاودة قراءة النص الدقيق لقرار مجلس الأمن. وأقترح عليهم القيام بذلك». وأكدت أيضاً أن وقف النار لا يستثني إلا العمليات ضد مقاتلي «داعش» و»القاعدة» وغيرهما من «المجموعات المتطرفة». وتسببت العملية التركية في عفرين بتصعيد التوترات مع واشنطن، التي تعمل عن قرب مع «الوحدات» الكردية في حربها ضد «داعش» في سورية.
مشاركة :