بعد قطع الدول الداعمة لمكافحة الإرهاب (المملكة العربية السعودية، الإمارات، مصر والبحرين) علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، لثبوت تورط نظام الدوحة في دعم الإرهاب وجماعاته في المنطقة، كتنظيم الإخوان والقاعدة وداعش، لجأت الدوحة إلى إيران وارتمت في أحضان الملالي؛ للبحث عن مخرج سياسي واقتصادي من جهة، وحشد جبهة مضادة في هذه الأزمة من جهة أخرى. فقد عملت الدوحة منذ سنوات على اتباع مشروع جديد، تسعى من خلاله لتأجيج الصراعات الطائفية والفوضى الأمنية، ويتمثل في دعم الجماعات المتطرفة الطائفية في القطيف واليمن والبحرين، من خلال اعتمادها على التمويل الاقتصادي وتحريض منابرها الإعلامية. ولم تكن صدفة أن تعمق قطر من علاقاتها مع أعداء العالم العربي في المنطقة لا سيما إيران وتركيا، لتشكيل تحالف مضاد ذو أهداف توسعية وتخريبية في المنطقة. فبالرغم من الضغوط السياسية والدبلوماسية على قطر، إلا أن الدوحة لم تتراجع عن سياساتها التخريبية في المنطقة حتى الآن، ولم تتوقف عن دعم الجماعات المسلحة في المنطقة. فزيارة تميم الأخيرة لتركيا جاءت في توقيت أعلنت فيه الدوحة صراحًة عن اشتراكها في المؤامرة التركية الإيرانية على سوريا وانتهاك وحدة وسيادة هذه الأراضي، إذ تبع هذه الزيارة بأيام قليلة انطلاق العملية العسكرية والتغول البري التركي في الأراضي السورية والتي عُرفت بعملية "غصن الزيتون". ولعل التصريح الأخير للمتحدث باسم الخارجية القطرية دليلًا واضحًا على مواصلة نظام الدوحة تآمره وعدم تسليمه بضرورة الكف عن زعزعة أمن واستقرار المنطقة؛ حيث أكد قائلًا، إن قطر رسمت سياستها، ولن تتراجع عنها حتى وإن استمرت الأزمة للأبد. وفي ظل هذه الأزمة، بدأ النظام الإيراني بتحديد سيناريو لاستغلال الأزمة سياسيًا واقتصاديًا. فحسب محللين، ينتظر الإيرانيون الفرصة المناسبة لتحديد رؤيتهم الشاملة حول نهاية الأزمة التي تفتعلها قطر مع الدول العربية الأربع، بهدف رسم الأهداف والمكاسب من هذه الأزمة. ففي حالة عدم تراجع قطر عن سياساتها، فلن يكون أمامها سوى أن تسلم سيادتها واقتصادها بالكامل لإيران. ظنًا منها أن هذا سيكون بمثابة مخرج جديد من المأزق السياسي التي ورطت نفسها فيه. وقد رأينا بالفعل خطوات تعميق العلاقات العسكرية بين قطر وإيران، لدرجة أن الدوحة وكلت طهران لتأمين مياهها الإقليمية في خطوة اعتبرها محللون تنازلًا مباشرًا من قطر عن سيادتها وحدودها للملالي. وهنا ستقترب المسافة بين قطر وإيران أكثر على المستويات كافة، فعلى المستوى الدبلوماسي ستستغل طهران الأزمة من خلال تشجيع قطر للضغط على الجماعات المسلحة المعارضة للحكومة السورية والتي تتلقى دعمًا مباشرًا منها؛ ما يساعد في تثبيت مكانة ونفوذ إيران العسكري والسياسي على الأراضي السورية. وعلى المستوى الاقتصادي سيلعب الإيرانيون على تعويض العقوبات الاقتصادية المفروضة عليهم وفتح سوق جديدة لهم في الدوحة. اقرأ أيضًا:
مشاركة :