لماذا يغضب بعض المُعلقين لدينا حول مرات تعليق الدراسة لدينا بسبب الأحوال الجوية، وكأنَّهم يحاولون الظهور بمثالية وحرص على الصالح العام أكثر من غيرهم، هؤلاء ليسوا أقدر ولا أجدر من كل تلك اللجان المُشكلة التي تضم في عضويتها مُتخصصين لدراسة تعليق الدراسة من عدمه، ومع ذلك هل هم على حق ويجب سماع رأيهم ومراجعة الآليات المتبعة عند تعليق الدارسة، أم أنَّهم لا يعون درجة وحجم المخاطر المتوقعة لعدم تعليق الدراسة في الظروف الجوية الصعبة، إمَّا نتيجة نقص البنية التحتية لتصريف سيول الأمطار، أو لتلك المخاطر الصحية التي يخلفها الغبار. لهؤلاء نقول في أمريكا وأوروبا وغيرها من الدول المُتقدمة يعطلون الدراسة مثلنا تماماً عندما تكون الأحوال الجوية صعبة جداً نتيجة هطول الثلوج وشلل الحياة، صحيح أن مرات تعليق الدراسة هناك محدودة جداً مُقارنة بما يحدث لدينا، ولكن السبب والهدف واحد لدينا ولديهم (سلامة الطلاب) أهم بكثير من فوات يوم دراسي، ولا يجب المُجازفة بحياة طالب واحد أو تعريضها للخطر، فما بالك بملايين الطلاب في مدارسنا، هذا الأسبوع أشعر أنَّ الثقة عادت مُجدداً إلى توقعات هيئة الأرصاد مع الأمطار الأخيرة التي شملت مختلف مناطق المملكة، بعدما فشلت التوقعات - أو هكذا ظهر لنا - في تحديد درجة المخاطر عند تعليق الدراسة بداية الأسبوع الماضي في الرياض تحديداً وهو ما يستدعي مُراجعة هذه الإجراءات المُتبعة منعاً للإحراج، وظهرت حينها أصوات بعضها (لمُتفيقهين ومُتسائلين) بحجة أنَّ الأجواء كانت يوم الأحد مُستقرة. لا يجب الذهاب بقوة إلى أي من الجانبين (التعليق أو التريث) ولنأخذ ما جرى يوم الخميس في منطقة عسير كنموذج حي، والحمد لله أنَّ أحداً من الطلاب لم يصب بأذى جراء تلك الصور والمقاطع التي تم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لطلاب تُرِكوا يعودون إلى بيوتهم وسط الأمطار والسيول من مدارسهم التي علقت الدراسة بقرار من مديريها، بعدما لم يصدر أي تعليق رسمي من إدارة التعليم رغم تحذيرات هيئة الأرصاد، ولنستثني من ذلك خبر إصابة نحو 15 طالبة جراء انقلاب حافلة تتبع جامعة الملك خالد انزلقت بفعل الأمطار في خميس مشيط، مازالت ذاكرتنا تحتفظ بالعديد من القصص والمآسي التي خلفتها السيول والأمطار لطلاب دفعوا حياتهم ثمناً لرحلة البحث عن العلم في يوم لم تُعلق فيه الدراسة. مرحباً بتعليق الدراسة حتى لو أخطات التوقعات مرة أو مرتين في السنة، ولنتأكد أنَّ حماس ومثالية من استغلوا الخطأ في التوقعات والتنبؤات لن ينفعنا أبداً، لو تعرض طالب واحد للخطر، فحياة أبنائنا وبناتنا أثمن وأغلى. وعلى دروب الخير نلتقي.
مشاركة :