في الوقت الذي تستعد فيه القاهرة لاستقبال ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في أول زيارة خارجية له منذ توليه هذا المنصب، تشهد العلاقات بين مصر والسعودية تقدما غير مسبوق وتنسيق استثنائي على المستوى الاقتصادي والدبلوماسي والأمني، مما يحقق نقطة تلاقي هامة لحفظ الأمن القومي في ظل منطقة تعاني من موجات إرهاب وانقسامات واسعة.على أرض الواقع، يمكن القول أن العلاقات المصرية - السعودية ومنذ يوليو 2013، نشأت أواصر علاقات قوية وغير مسبوقة بين القاهرة والرياض ليصبح الدولتين بمثابة محور إقليمي عربي يهدف إلى خلق توازن في المنطقة وتشكيل حائط صد أمام الفوضى التي باتت تعصف بالشرق الأوسط.علقت الكثير من وسائل الإعلام العربية والدولية على أسباب اختيار ولي العهد السعودي مصر كأول وجهة له منذ توليه هذا المنصب، مؤكدة أنه يحمل الكثير من الدلالات والمعاني التي تؤكد قوة العلاقات المصرية- السعودية والتنسيق بينهما حول الملفات الإقليمية المختلفة وكافة القضايا التي تهم منطقة الشرق الأوسط بما يحفظ الأمن القومي.لا تنسى القاهرة الموقف النبيل والشجاع الذي اتخذته الرياض بعد 3 يوليو ،والتي شهدت اضطرابات اقتصادية وانخفاض في الإنتاج القومي المصري، نتيجة الأزمة السياسية والأمنية التي كانت تعصف بالبلاد، وعلى الفور سارعت السعودية بمد يدها للوقوف إلى مصر، وتقديم ما يقرب من 20 مليار دولار دعما للاقتصاد المصري، والذي ترافق مع دعما بالغاز مع موافقة السعودية على توفير الغاز الطبيعي لتزويد محطات الكهرباء المصرية بالطاقة اللازمة للإنتاج، في عقود مقابل شروط ميسرة.توج هذا التقارب أيضا، بإقرار ترسيم الحدود البحرية بين البلدين وهو ما سمح باستثمار هام للمنطقة الحدودية بين البلدين، في حين بدأ الملك سلمان بضخ استثمارات ضخمة في سيناء من أجل تنميتها.هذا التقارب أيضا أنعكس على الجانب الدبلوماسي بين البلدين، إذ تدعم مصر التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اليمن ضد جماعة الحوثي المدعومة من إيران التي تسيطر على السلطة في صنعاء، كما يتشارك الدولتين نفس النهج السياسي لمكافحة التنظيمات الإسلامية المتطرفة، لاسيما الأخوان المسلمين مع تصاعد حدة الإرهاب في المنطقة.كما تدعم مصر السعودية وتشاركها نفس الموقف في مقاطعة قطر، المتهمة بتمويل الإرهاب والتقارب مع إيران بشكل يضر بمصالح الدول العربية ،وكذلك استضافة عناصر متطرفة تخطط لأعمال إرهابية ضد الأمن القومي للدول العربية.ومنذ يوليو 2013، عقدت الدولتان أيضا الكثير من المناورات العسكرية للتأكيد على التنسيق الأمني والمعلوماتي ونقل الخبرات لاسيما من الجيش المصري إلى السعودي، إضافة إلى تبادل الزيارات كثيرا بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك سلمان بن عبد العزيز، خادم الحرمين.وفيما يتعلق بزيارة ولي العهد السعودي إلى القاهرة، المقرر لها غدا، أوضحت مصادر دبلوماسية لموقع "24" الإماراتي أن بن سلمان سوف يناقش مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القضية اليمنية، وتكون على رأس الملفات التي يتم طرحها التنسيق بشأنها والعمل على حفظ الأمن القومي العربي من التدخلات الخارجية.قالت المصادر، إن هناك عددًا من الملفات الأخرى التي يتم طرحها على طاولة المناقشات بين الجانبين وأبرزها مسار القضية الفلسطينية، والتنسيق بشأنها وذلك قبيل زيارة محمد بن سلمان إلى واشنطن والحديث حولها مع الجانب الأمريكي مع اقتراب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
مشاركة :