لماذا ينتشر الفساد؟

  • 3/4/2018
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

سواء اتفقنا أو اختلفنا على حدود مصداقية مؤشر مدركات الفساد السنوي الصادر من منظمة الشفافية الدولية، وهو بالمناسبة جدل عالمي بين مؤيدين ومشككين لا تنفرد به الكويت، إلا أن لدينا هنا من الشواهد ما يدلل على وجود فساد تنوء بحمله معظم أجهزة الدولة، ويمثل – بلا شك – تحديا أساسيا لأي خطط تنموية تتبناها. واستحالة الوسائل الى غايات تقف عندها ولا تتحرك بعدها، هي واحدة من أهم أسباب استشراء الفساد. ومن مظاهرها تشكيل لجان التحقيق الداخلية في الجهات التي تقع فيها الانحرافات، وكذا لجان التحقيق البرلمانية، والإعلان عن الإحالة إلى النيابة، والإحالة الى هيئة مكافحة الفساد، ونشر المخالفات التي يرصدها ديوان المحاسبة وأحيانا بعض جهات رقابية أخرى، وحصر الذمم المالية للمسؤولين في السلطات الثلاث، وهو اجراء يعنى في الأساس بكشف تضخم الثروات المجهولة المصدر. ونادراً ما يصل الأمر في معظم هذه الأحوال الى تحريك المساءلة تجاه متهمين بعينهم، ناهيك عن المتسببين فيها بتجاهلهم أو تسيبهم أو ضعف أدائهم. وفي أحسن الأحوال قد تلقى المسؤولية على ثغرات في القوانين أو الأنظمة أو نقص التحريات وجمع الأدلة أو تغييبها. ويفاقم من هذا الوضع محاسبة الضعفاء وإفلات المستقوين بإرثهم العائلي أو القبلي أو الطائفي أو السياسي، والاستغلال السيئ للاستثناءات التي يمنحها القانون، وصلاحيات الابعاد الإداري من دون محاكمة ووجهها الآخر المتمثل في الإقالة أو النصح بالاستقالة. وغياب الشفافية بتعمد التعتيم وتقاعس الأجهزة المختصة عن المتابعة وتجنب الإعلاميين متاعب وتبعات الاستقصاء. وفي كثير من ملفات الفساد يكمن القصور في غياب الإرادة الحقيقية لحساب تمكين النوايا غير المعلنة مثل الرغبة في تحويل الانتباه عن أوضاع ما تهدد بعواقب أكثر خطورة أو السعي لتحقيق ثأر شخصي أو ممالأة الناخبين أو التوظيف السياسي لمصالح هذا التيار أو ذاك. والأجهزة الرقابية على كثرتها ما بين أجهزة مركزية مستقلة أو تابعة، وأجهزة مشابهة داخل الجهات الحكومية مثل المراجعة الداخلية والتفتيش وضمان الجودة، تغيب الشفافية عن معظمها فلا تنشر تقارير إنجازاتها أو نتائج أعمالها ولا يعلن عن مراجعة أدائها من قبل أي جهة محايدة رغم القصور الواضح في أداء الكثير منها مما تظهره فحوى الانحرافات المنشورة وتكرارها ومآل التحقيق فيها اذا ما تم. ان كبح جماح الفساد يتطلب قبل كل شيء تشخيص أسبابه حال أي علة نشتكي منها فليس من المتصور أن يباشر الطبيب في علاجها قبل أن يعرفها.. أيها السادة، افتحوا النوافذ وشرعوا الأبواب. عبدالحميد علي عبدالمنعم aa2monem@hotmail.com

مشاركة :