"لا داعي للفزع" هذه باختصار الرسالة، التي بعث بها عبد الله البدري الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» خلال أعمال المؤتمر السنوي للنفط والمال المنعقد في العاصمة البريطانية لندن. رباطة جأش أمين عام «أوبك» في مواجهة التراجع الحاد في الأسعار خلال الأسابيع الأخيرة، كان مصدره قناعته بأن الانخفاض السعري سيؤدي إلى تراجع العرض عبر خروج العديد من المنتجين من خارج أعضاء المنظمة من السوق، إذ وفقا لرؤيته لن يتحملوا مواصلة الإنتاج في ظل انخفاض الأسعار وارتفاع تكلفة إنتاجهم، وقد بدت الثقة تجاه المستقبل أكثر وضوحا في تصريحات البدري بتأكيد أن إنتاج المنظمة خلال العام المقبل سيكون مماثلا لإنتاج العام الحالي، نافيا أن تكون هناك حرب أسعار بين الدول الأعضاء. ويقول جون بيتر المختص النفطي في شركة شل لـ "الاقتصادية"، إن تصريحات البدري لا تعكس رؤية فردية، وإنما حالة ثقة جماعية يتمتع بها أعضاء «أوبك»، وأعتقد أن هذا يعود لوجود قناعة داخل المنظمة بضرورة عمل شيء ما لإخراج المنتجين غير الأعضاء وتحديدا شركات النفط من سوق النفط، فهم يحملونها المسؤولية الأولى عن انخفاض الأسعار جراء زيادة الإنتاج. وأكد البدري أن وصول أسعار الخام إلى 85 دولارا للبرميل يعني خروج العديد من منتجي النفط الصخري في أمريكا من الأسواق، وسيكون أعضاء «أوبك» الرابح الوحيد من هذا، نظرا لانخفاض تكلفة إنتاجهم مقارنة بالآخرين. وأشار البدري إلى أن 65 في المائة من المنتجين الحاليين للنفط ينتجونه بتكلفة مرتفعة، وهو ما يعني أن سعر 85 دولارا للبرميل لن يكون كافيا لتغطية تكلفة إنتاجهم. وتعكس تلك الرؤية أن الاجتماع المقبل لـ «أوبك» في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل لن يشهد خفضا للإنتاج على الرغم من تصريحات بعض الدول الأعضاء بأنها تريد أن يصل سعر البرميل إلى 100 دولار. وأشار جيمس راي الصحافي المتخصص في شؤون النفط لـ"الاقتصادية"، إلى أن تصريحات البدري تعكس طبيعة المحادثات، التي جرت في كواليس المنظمة، حيث سادت وجهة النظر الداعية لضرورة عدم خفض الإنتاج، فالمتابع لتصريحات البدري سابقا يكتشف أنه رجح الشهر الماضي أن تتبنى أوبك قراراً بخفض الإنتاج لمواجهة هبوط الأسعار في اجتماعها المقبل، واقترح خفض الإنتاج بنحو نصف مليون برميل، لكنه الآن يتبنى وجهة نظر أخرى بأنه لا داعي للقلق ولا لخفض الإنتاج. ورفض أمين عام أوبك الكشف عن توقعاته بالمدى، الذي يمكن أن ينخفض إليه سعر برميل النفط، مشيرا إلى أن المنظمة الدولية ليس لديها سعر محدد تريد الوصول إليه، وأنها تترك ذلك لآليات السوق. ودعا إلى ضرورة استعداد «أوبك» لإنتاج المزيد من النفط الخام بحلول عام 2018-2020 حيث توقع انخفاض إنتاج الولايات المتحدة، واعتبر أنه من الضروري أن تكون البلدان الأعضاء في المنظمة قادرة على إنتاج 40 مليون برميل من النفط يوميا. وتتزامن تصريحات البدري مع تحسن طفيف في أسعار مزيج برنت، الذي ارتفع إلى 87 دولارا للبرميل أمس جراء توقعات السوق بأن يحافظ مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي على سعر الفائدة منخفضا عند مستوياته الحالية.
مشاركة :