وسط حركة نزوح واسعة، حقق النظام السوري تقدماً ملحوظاً بسيطرته على نحو ربع مناطق الغوطة الشرقية بعد أسبوعين من القصف العنيف على معقل الفصائل المقاتلة، التي أقرت بتراجعها لإعادة رصّ صفوفها، في وقت اعتبرت طهران الحل السياسي هو الأمثل لحل الأزمة لا العسكري. في تقدم بارز دفع مع القصف الجوي العنيف مئات العائلات إلى النزوح هرباً باتجاه مناطق سيطرة فصائل المعارضة، سيطر جيش الرئيس السوري بشار الأسد على أكثر من 25 في المئة من الغوطة الشرقية قرب دمشق بعد تقدمه على جبهات عدة، ووصوله إلى وسط المدينة المحاصرة. ووفق مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، فإن قوات النظام مدعومة بمستشارين روس على الأرض، باتت تبعد حالياً نحو 3 كيلومترات عن دوما، أبرز مدن المنطقة المحاصرة، وبلدتي بيت سوى والأشعري، موضحاً أن "التقدم السريع يعود إلى أن العمليات العسكرية تجري بشكل أساسي في مناطق زراعية، فضلاً عن التمهيد الجوي العنيف". وأوضح عبدالرحمن، أن "القصف الجوي يتركز على مناطق تسعى قوات النظام للتقدم فيها مثل بلدتي بيت سوى ومسرابا"، مشيراً إلى أنها "الاستراتيجية ذاتها التي جرى اتباعها في البلدات الأخرى مثل الشيفونية التي طاول الدمار نحو 80 في المئة منها". ويأتي تقدم النظام تزامناً مع هدنة أعلنتها روسيا، تسري منذ الثلاثاء يومياً بين التاسعة صباحاً (07.00 ت.غ) والثانية بعد الظهر (12.00 ت.غ) ويُفتح خلالها "ممر إنساني" عند معبر الوافدين، الواقع شمال شرق مدينة دوما لخروج المدنيين، الذين لم يخرج منهم أي حتى الآن، وفق المرصد. وأقر "جيش الإسلام" بأنه اضطر للتراجع "بعد اتباع النظام سياسة الأرض المحروقة"، مؤكداً أنه تمت "إعادة الصفوف وترتيبها وتحصين المواقع من جديد لمواجهة" توغل القوات الحكومية في الغوطة. وتعهد المتحدث باسم الفصيل البارز حمزة بيرقدار، في رسالة صوتية، بطرد القوات الحكومية من الأرض التي سيطرت عليها في الغوطة، آخر معقل كبير للمعارضة قرب دمشق. عقاب جماعي وفي حين اتهم المتحدث باسم مركز القيادة الروسي في حميميم اللواء فلاديمير زولوتوخين المسلحين بفرض حظر تجول أثناء فترات الهدنة الإنسانية، حذر منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية بانوس مومسيس من أن العنف تصاعد رغم قرار مجلس الأمن لوقف إطلاق النار، معتبراً ما يحدث بالغوطة «عقاباً جماعياً غير مقبول بالمرة». وأكد مومسيس مقتل قرابة 600 شخص وإصابة نحو 2000 آخرين في هجمات النظام الجوية والبرية منذ 18 فبراير وسقوط عشرات المدنيين بين قتيل وجريح بسبب قذائف مورتر انطلقت من الجيب الخاضع لسيطرة المعارضة، مشيراً إلى أنه «بدلا من توقف مطلوب بشدة ما زلنا نرى المزيد من القتال والمزيد من الموت والمزيد من التقارير المزعجة عن الجوع وقصف المستشفيات». جهود فرنسية وفي الوقت الذي لا تزال الغوطة تعيش تحت القصف، تحاول فرنسا والأمم المتحدة إعادة إحياء أو فرض الهدنة التي أجهضها النظام. وأجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمس محادثات مع نظيره الإيراني حسن روحاني، الذي تعد بلاده أحد أبرز حلفاء الاسد. وأبدى الرئيس الفرنسي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «قلقاً عميقاً» إزاء الوضع في الغوطة، وأكدا مجدداً تصميمهما على حمل النظام وحلفائه على تطبيق القرار 2401، خصوصاً فيما يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية. حل سياسي ودعا اللواء رحيم صفوي المستشار الأعلى لقائد الثورة الإسلامية للشؤون العسكرية الأسد الى السعي لإيجاد حل سياسي للأزمة، محذراً من منافسات بين القوى العالمية والإقليمية تشكل سورية أبرز ساحاتها الاستراتيجية. واعتبر صفوي أن «أعداء سورية تكبدوا هزيمة نكراء في مؤامراتهم لإسقاط الدولة»، موضحاً الهدف الرئيسي لأميركا والكيان الصهيوني والاتحاد الأوروبي والسعودية والإمارات والأردن وتركيا، اختلاق أزمة واستهداف استقلال ووحدة سورية وتدمير جميع بناها التحتية، أصبح بلا جدوى. العملية التركية وعلى جبهة أخرى في الحرب متعددة الأطراف، استولت القوات التركية على بلدة كردية في منطقة عفرين، حيث تخوض قتالاً ضد وحدات حماية الشعب الكردية منذ يناير بمساعدة مسلحين سوريين متحالفين معها. ومع انضمام أكبر أرتال للجيش التركي إلى عملية «غصن الزيتون»، أكد قائد عسكري في تجمع «أبناء الشرقية» سيطرت فصائل الجيش الحر على بلدة الشيخ حديد وقرية مستكان شمالها، في غرب مدينة عفرين، وعلى قريتي كركينلي وعلي بازانلي شمال غرب بلدة شران شمال شرق عفرين، وعلى قرية حاج خليل شرق بلدة راجو شمال غرب عفرين بعد اشتباكات مع الوحدات الكردية». وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنه لا توجد تناقضات مع روسيا حول عملية «غضن الزيتون»، مشيراً إلى أنه «في إدلب، تجري حالياً عملية إنشاء مراكز المراقبة، نفذ منها 8. وفي القمة الثلاثية بين روسيا وتركيا وإيران في إسطنبول ستكون هناك فرصة لتقييم ومناقشة كل القضايا».
مشاركة :