تسجل سوق العقارات في دمشق والمدن السورية الهادئة ارتفاعاً جديداً على رغم الركود الذي تشهده، بسبب الإقبال المحلي و «الصديق» (بعد تلويح الحكومة بتوزيع حصة إعادة الإعمار على الأصدقاء)، على الاستثمار في هذا القطاع. ونتيجة الدمار الضخم الذي خلفته الحرب بعد سبع سنوات، شكل هذا القطاع إغراء وجذباً للمستثمرين، إذ قدّر البنك الدولي عدد المساكن المدمّرة بنحو 1.7 مليون، تشكل 27 في المئة من مساكن سورية الإجمالية، والبالغة قيمتها مع البنى التحتية نحو 60 بليون دولار. وعلى رغم تراجع القدرة الشرائية، تبقى العقارات الأكثر ربحاً في ضوء فقدان نحو سبعة ملايين سوري منازلهم، ويبلغ سعر بيت صغير مؤلف من غرفتين في منطقة متوسطة نحو مئة ألف دولار. فيما يتوقع أن تفرض المناطق الجديدة الناشئة مثل «الرازي» القريبة من السفارة الإيرانية في شارع المزة الرئيس مستوى قياسياً للأسعار، إذ يصل سعر الشقة (نحو مئة متر) في هذه المنطقة التي لا تزال على المخطط، إلى 250 مليون ليرة حالياً (نحو 538 ألف دولار). وكان معاون وزير الإسكان والتنمية العمرانية نصر يونس، عزا سبب ارتفاع أسعار العقارات إلى «عدم توافر الأراضي المعدة للبناء، وتعدد المرجعيات العاملة في قطاع الإسكان وارتفاع أسعار مواد البناء وأجور اليد العاملة، إضافة إلى ارتفاع معدل النمو السكاني بما لا يتناسب مع النمو الاقتصادي والتنموي، ما أدى إلى زيادة الطلب على المعروض وارتفاع أسعار العقارات». وكان لافتاً مشاركة عشرات الشركات المتخصصة بإعادة الإعمار في «معرض دمشق الدولي» نهاية العام الماضي، بينها روسية ولبنانية ومصرية وإماراتية، وعروض لبيوت جاهزة (مسبقة الصنع) أو منازل خشبية صغيرة للأرياف. وتبحث الحكومة السورية حالياً في إعادة إطلاق القروض السكنية التي توقفت مع بداية الأزمة، لكن ضمن محددات وتعليمات تنفيذية واضحة. إذ يشير وزير المال مأمون حمدان، إلى «أن الكتلة المالية المتاحة لدى المصارف العامة للإقراض لا تتعدى 300 بليون ليرة، ونحو 100 بليون متوافرة في المصارف الخاصة». بالتوازي تسجل الإيجارات زيادة لافتة، ويقدر اقتصاديون ارتفاع الإيجارات خلال الحرب على سورية بمعدل عشرة أضعاف في المناطق المنظمة، و17 ضعفاً في العشوائيات. وفي إطار الاستعداد لإطلاق مشاريع إعادة الإعمار، ركّز «ملتقى رجال الأعمال السوري – الروسي»، على إيجاد صيغة مشتركة لتسهيل حركة انتقال الأموال بين البلدين، والدعوة إلى تأسيس شركة تأمين تحمي مصالح المستثمرين في كلا البلدين، مع توفير وسائل نقل تخدم انسياب السلع من دون طرف ثالث، وتسهيل منح تأشيرات دخول رجال الأعمال السوريين إلى روسيا. وكشف نائب وزير التنمية الاقتصادية الروسي أليكسي غروزدف، عن «حزمة من المشاريع المشتركة في مختلف القطاعات تلبي حاجات إعادة الإعمار، وقال في افتتاح الملتقى، «سنشهد شركات مساهمة مشتركة وغيرها من تعاون سوري – روسي، بدأ قطاره السير ولن يتوقف». وأعلن عن مشاريع في دائرة البحث، لإنشاء معمل ضخم للإسمنت في سورية، بطاقة إنتاجية تصل الى ستة ملايين طن، وبناء مصانع تنتج حاجات إعادة الإعمار، ومعمل زجاج ومشروع زراعي كبير ينتج للأسواق الروسية تحديداً. وقال «على رغم الحرب، لا تزال سورية مركزاً سياحياً مهماً، وسيزورها السياح الروس للتمتع بجمالها وطقسها الجميل، لذلك علينا بناء تعاون سياحي قوي». وأكد أن «وزارة التنمية الاقتصادية مستعدة لتأمين المبادرات والتعاون في قطاع السياحة وغيره». وأعلن أن الحكومة الروسية «ستعمل على تذليل الصعوبات التي يواجهها رجال الأعمال». وشدد رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة الروسي سيرغي كاترين، على أن روسيا «تبذل جهوداً من أجل دفع العلاقات الثنائية عبر منحها لسورية أفضليات تجارية واستكمال إجراءات «الممر الأخضر»، الذي سيضمن تدفق كميات كبيرة من الخضار والفواكه في شكل سلس، وخلال مدة زمنية محددة، وضمن مواصفات الأسواق الروسية، فضلاً عن العمل على تطوير الإجراءات المتعلقة بالتبادل التجاري، واستكمال وضع الممر الأخضر موضع التنفيذ». وأعلن رئيس مجلس رجال الأعمال السوري - الروسي سمير حسن، أن «قرار الحكومة السورية بأن تكون الأولوية للأصدقاء الروس، إنّما هو اعتراف منها بخبرة الشركات الروسية وقدرتها على تلبية حاجات الاقتصاد السوري وتنميته، ومساعدته على مواجهة إفرازات الحرب والانطلاق مجدداً». كما نوقشت الحلول للمشاكل المصرفية، خصوصاً في ضوء الحصار القائم على مصارف البلدين.
مشاركة :