ايفان شاكر الدوبرداني باحث في الشؤون الاقتصادية العراقية و العالمية تطوير سوق العقارات في العراق، يحتاج إلى تنظيم المستثمرين الصغار الهواة، و الذين تحدثت عنهم في مقالي السابق (المستثمر الهاوي / القطاع العقاري في العراق نموذجاً)، تحت قبة الشركات المساهمة (الصناديق الاستثمارية). هذا الإجراء، سيجعلهم قوة ضاربة في سوق العقارات، وكذلك في سوق العراق للأوراق المالية، مُشكِّلين بذلك رقماً صعباً. أجدُ إن هناك ضرورة ملحة، لتنظيم جيش قوي من قبل المستثمرين الصغار الهواة. سأعطي مثالاً توضيحياً عن الفرق بين أن تكون مستثمر هاوي ، أو عضواً في جيشٍ استثماري إذا صحَّت اللفظة، وأيهما اضمن ربحاً. إذا كنت تاجراً، وسنحت لك الفرصة، أن تشتري سلعة ما، من مصدر إنتاج، أو تشتريه من تاجر، أو وسيط.. أيهما سيكون أقل كُلفة و خطورة؟ و أيهما اضمن للربح؟ و أيهما سيسبب التضخم؟ الجواب، أكيد أنك ستشتري من مصدر الإنتاج، كونه أقل تكلفة، لا يسبب التضخم، و كذلك أقل خطورة. هذا مثال ينطبق على سوق العقارات، لكي لا يكون المستثمر الهاوي، ضحية فقاعة اقتصادية، ربما تنفجر في أي لحظة في وجهه، لأن الأسعار في سوق العقارات، في عموم العراق غير حقيقية، ومبالغ فيها كثيراً. تحالف المستثمرين الهواة: أرباح مضمونة و كُلف إنشائية منخفضة الربح كذلك سيكون اضمن للمستثمر الهاوي، وذلك لأن المستثمر الهاوي، سيتخلص من مخاطر شراء العقار من قبل صاحب المشروع السكني (المطور العقاري) ، و الذي يعتبر كحلقة ثالثة، أو من اي وسيطٍ آخر. بعض الأحيان الوسيط يكون حلقة خامسة أو اكثر، بعد تكرار عملية الشراء والبيع، بين المستثمرين الهواة لعدَّة مرات للعقار، والبعض منهم لا يجني إلَّا أرباحاً ضئيلة، أو يكون ضحية هذه المضاربات، و ربما يخسر رأس ماله في النهاية. تشكيل المستثمرين الهواة الصغار، تحالفاً فيما بينهم، وتأسيسهم لشركة مساهمة، سيضمن الربح لهم، وحتى هامش الربح سيكون أكبر، لأنه لن تكون هناك حاجة لوسيط لشراء العقار. الشركة المساهمة التي سيؤسسها المستثمرون الصغار الهواة، هي التي ستقوم ببناء المشروع السكني، ومن ثم البيع. هذا سيقلل التكاليف الإنشائية، و يزيد أرباح المساهمين في الشركة. الربح أضمن في الشركات المساهمة، من عمليات المضاربة على العقار التي تجري الآن في سوق العقارات، كذلك باستطاعة المستثمرين الصغار الهواة، تحت ظل قبة الشركات المساهمة التي سيؤسسونها، مواجهة ومنافسة المستثمرين الكبار، وكسر احتكارهم للمشاريع السكنية. واقعة أسهم شركة GameStop؛ تُعطي مثالاً آخر على ما ذهبت إليه. حدثت هذه الواقعة، قبل عدّة أشهر، عندما شكَّل المستثمرون الصغار الهواة، تحالفاً متيناً في بورصة نيويورك (Wall Street)، و واجهوا من خلالها حيتان هذه البورصة؛ الذين سعوا لإفلاس شركة GameStop، بسبب مصالحهم الشخصية، لكن المستثمرين الصغار الهواة، كانوا لهم بالمرصاد، ومن خلال هذه الملحمة العظيمة، اُنقِذت شركة GameStop من الإفلاس. اصبحت هذه المعركة الخالدة، أيقونة في أغلب البورصات العالمية، وغيَّرت شكل قواعد تداول الأسهم في البورصات، وأصبح للمستثمرين الصغار الهواة، ثقل كبير في البورصات العالمية يُحسب لها ألف حساب، ومن الممكن تطبيق هذه الثورة إلى العراق، من خلال تشكيل تحالف كبير، من قبل المستثمرين الصغار الهواة، لقيادة سوق العقار في العراق إلى الريادة، وتشكيل قوة ضاربة، تُنهي زمن الربح فاحش لحيتان العقارات. فوائد لها بداية و ليس لها نهاية كذلك الفوائد ستدر من كل جوانب، في حال تأسيس الشركات المساهمة، في قطاع العقارات، وتحقيق عدة أهداف، من كل جانب. بدايةً من مؤسسي الشركات المساهمة، حيث ستتوفر لهم سيولة كبيرة، مما يزيد هامش ربحهم، وكذلك السرعة في إنجاز المشروع، وتوفير الوقت، بدلاً من هدره. المستثمرون الهواة أيضاً سيزداد هامش ربحهم، لأن لديهم أسهم في الشركات المساهمة، كما سيدر ذلك بالمنفعة على المواطنين ذوي الدخل المحدود، لأن أسعار العقارات ستنخفض تدريجياً ، و ستكون بأسعار تنافسية، مدعومة، و مناسبة. سيكون بمقدورهم شراء العقار، وسيتم إنشاء المشاريع السكنية بأسرع وقت بسبب وفرة السيولة، مؤدياً إلى انخفاض اسعار العقارات. مثلاً إذا كان السعر الشقة 70 ألف دولار؛ فبدلاً من أن يرتفع سعرها إلى 100 ألف دولار، سينخفض إلى 50 الف دولار. الحكومة ستستفيد بدورها، لأنها ستحِدُّ من أزمة السكن، وسيكون هناك تقدم عمراني حقيقي، بالإضافة إلى تحقيق الفائدة من الأموال التي يكتنزها المواطنون الأموال، في مشاريع حيوية و مربحة. سوق العراق للأوراق المالية (البورصة العراقية)، ستستفيد أيضاً، حيث سترفع من القيمة السوقية للبورصة العراقية، و تجذب انظار رؤوس الأموال الأجنبية، للاستثمار في البلد، لتكون بذلك نقطة محورية، لجذب المستثمرين الأجانب، للاستثمار في قطاع العقارات، و في البورصة العراقية، بشرط أن تقوم هيأة سوق الأوراق المالية العراقية، بتسهيل الاجراءات، و تعديل القوانين ، والاهتمام أكثر بـ التكنولوجيا، وتأسيس (منصة إلكترونية متطورة) ، من أجل جذب المستثمرين الأجانب، من أجل تسهيل تداول الأسهم من قبل المستثمرين حول العالم، ودخول البورصة العراقية، من خلال هذه المنصة. الهدف من المقال، توعية أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة والمتوسطة، و المستثمرين الهواة، بضرورة مشاركة مدخرات ذوي الدخل المتوسط (المحدود)، لتأسيس شركات عقارية مساهمة ، و إدراجها في سوق الأوراق المالية العراقية، وتطوير و رفع القيمة السوقية لسوق العراق للأوراق المالية، و تشخيص مشكلة العقار في العراق، ومعالجتها، للتخلص من مشاكل التلكؤ بالمشاريع التي لا تفي بوعودها للزبائن، و التأخر في إنجاز المشروع لشهور أو لسنوات عديدة، بسبب الشحة في السيولة أو لسببٍ آخر. دخول قطاع العقارات بكل ثقلها في سوق العراق للأوراق المالية ، سيُشكِّل إضافة كبيرة ومهمة ، و سيرتقي بسوق العراق للأوراق المالية ، لتصبح كباقي الأسواق المالية الدولية، مثل الأسواق الخليجية للأوراق المالية، والتي تتجاوز تداولاتها يومياً، مليارات الدولارات، وكذلك في سوق مصر للأوراق المالية، يبلغ تداولها يومياً حوالي 125 مليون دولار، علماً ان سوق العراق للأوراق المالية يبلغ تداولته يومياً أقل من مليون دولار! هذا رقم ضئيل جداً مقارنة بالدول المنطقة وللأسف يُعد بورصة العراق من اسواء البورصات على مستوى المنطقة وهذه دلالة واضحة على هشاشة الاقتصاد العراقي والأداء السيء لسوق العراق للأوراق المالية، لأن البورصة (السوق الأوراق المالية) تعتبر إحدى أسس واعمدة الاقتصاد لأي دولة حول العالم، من لا يملك بورصة قوية لايملك اقتصاد قوي، لذا فإنَّ تأسيس الشركات المساهمة، وأدراجها في سوق العراق للأوراق المالية ضرورة ملحة للبدء باقتصاد وطني متكامل.
مشاركة :