لو تدري ماذا يقول الناس عنك

  • 3/6/2018
  • 00:00
  • 36
  • 0
  • 0
news-picture

هناك قصة طريفة ذكرها علي الوردي في أحد كتبه، عن قيامه بتكليف أحد تلاميذه ليكتب تقريراً عما يقوله الناس عنه وعن وكتبه، وطلب ألا يشار إلى أصحاب الرأي بالاسم، ولكن يكتفى بتوضيح درجتهم العلمية وانتماءاتهم الفكرية، ثم وعد تلميذه بالدرجة النهائية مهما كان التقرير. بعد زمن رجا الطالب أستاذه أن يعفيه من المهمة وأخذ يتلوى ويظهر الحرج وأن الناس دائما يبالغون، لكن الوردي أصر وبشجاعة على إتمام التقرير وإحضاره له. وعندما أحضر الطالب التقرير وقرأه لم ينم علي الوردي ليلتها وضج به الألم، كيف يراه الناس هكذا؟ وكيف ينالون من قدرته وكفاءته وسمعته ببساطة، وكيف يقللون من جهده؟ وكاد يعطي تلميذه صفراً، هل لم يجد الطالب رأياً يسر أستاذه ويدفعه للمزيد من العمل، ما هذه الكراهية؟ ما هذا الحقد الذي امتلأت به القلوب ضده؟ لكنه في النهاية اضطر إلى أن يعطي الطالب ما وعده، وهو حزين ربما لأن معظم من حوله كان يجامله ولا يقول له الحقيقة. قال الوردي «أدركت أني أملك عن نفسي صورة زاهية جدا بعيدة عن تلك التي يأخذها الناس عني». في رأيي أن اعتقادنا أننا جيدين في نظر الناس لا يضر إلا إذا خدعنا ذلك وأوقفنا عن الاجتهاد والتميز، كما أن رأيهم السلبي يكون سيئا فقط إذا لم يمنحنا فرصة للتفوق والتميز بإدراك ما ينقصنا عند التطلع لأنفسنا في مرآتهم. الشيء الآخر والمهم جداً هو ما يقوله أهم الموجودين حولنا، وأعني أبناءنا ونصفنا الآخر، حول تجربتهم معنا، والتي أجد من المهم الحرص على معرفة رأيهم فينا؛ لأنه من المؤذي أن نستمر في ارتكاب الأخطاء حتى يأتي يوم يختارون الابتعاد فيه عنا، في وقت سيكونون أقوى على هجرنا ونحن أضعف لنفارقهم. لا شك لا نستطيع إرسال أحد طلابنا ليكتب تقريرا مثل الوردي، لكن هناك الكثير من الطرق لاكتشاف رأيهم لا أستطيع تحديدها، لكن الكثير من النقاشات والقدرة على كتم الغضب ومنحهم الأمان، واعتبار إصلاح ما يضايقهم منا أولوية، ربما يفيد.

مشاركة :