تراجعت أسعار النفط متجهة صوب 64 دولارا للبرميل أمس، بفعل التوقعات لطفرة كبيرة في إنتاج النفط الأمريكي خلال الأعوام الخمسة المقبلة. وبحلول الساعة 12:37 بتوقيت جرينتش كان خام القياس العالمي برنت منخفضا ثمانية سنتات بعد أن تخلى عن مكاسب صباحية بنحو 0.6 في المائة ليسجل 64.29 دولار للبرميل. والعقد أقل بكثير من أعلى مستوىاته للعام 71 دولارا للبرميل المسجل في كانون الثاني (يناير) الماضي، وفقا لـ”رويترز”. واستقر الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط دون تغير عند 61.24 دولار للبرميل بعد أن صعد في وقت سابق 0.7 في المائة. وفي سياق متصل، قال دان بوسكا كبير الباحثين في بنك يوني كريديت البريطاني، إن اللقاء بين “أوبك” والمنتجين الصخريين على هامش مؤتمر سيراويك في هيوستن يحتل أهمية كبرى بعد نجاح الدورة السابقة في العام الماضي، مشيرا إلى أن انعقاد المؤتمر يأتي في وقت دقيق حيث يشهد الإنتاج الأمريكي طفرة واسعة تقوده إلى أعلى مستوىات الإنتاج في العالم. ولفت إلى أنه على الأرجح سيجدد محمد باركيندو الأمين العام لـ”أوبك” الدعوة للمنتجين الصخريين للمشاركة في جهود ضبط المعروض النفطي العالمي وتحمل جزء من المسؤولية نحو استعادة التوازن في السوق وتثبيت علاقة جيدة وصحية بين العرض والطلب. من جانبه، أوضح أندرو موريس مدير شركة ” بويري” للاستشارات الإدارية، أن الفترة الماضية شهدت تركيزا كبيرا على علاج وفرة المعروض وهى الوفرة التي أرهقت الأسواق على مدار عدة سنوات ماضية، مشيرا إلى أن جهود “أوبك” والشراكة مع المستقلين جاءت في هذا الإطار ونجحت بالفعل بالقفز بالأسعار إلى مستوى 70 دولارا للبرميل إلى جانب امتصاص فائض واسع كان يعوق السوق فيما يتعلق بالمخزونات النفطية. وبين أن إجراءات خفض الإنتاج – رغم أهميتها – إلا أنها وحدها ليست كافية، حيث توجد حاجة إلى دعم نمو الطلب بشكل متواصل حتى يتحقق التوازن المستدام للسوق، لافتا إلى أن بعض الإجراءات الحمائية الأمريكية الجديدة في مجال الصناعة قد تؤثر بالسلب في مستوىات الطلب. من ناحيتها، قالت الدكتورة ناجندا كومنداتوفا كبير الباحثين في المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة، إن صادرات النفط في الولايات المتحدة تشهد نموا متسارعا، حيث إنها تضاعفت مقارنة بالعام الماضي خاصة مع السماح بالحفر والاستثمار في مناطق كانت محظورة سابقا، لافتة إلى نمو الاستهلاك في السوق الأمريكية وهي أكبر الأسواق العالمية للطلب حيث زاد استهلاك الوقود تحديدا بأكثر من 2 في المائة سنويا. وأوضح أن منتجي الصخري يحققون حاليا مستوىات قياسية من الأرباح ولذلك من الصعب أن يستجيبوا في عمل جماعي لخفض الإنتاج مثل الإعلان المشترك الذي جمع دول “أوبك” وخارجها، مشيرة إلى أنه رغم ذلك فالحوار مهم بين المنتجين وهو ما يمكن أن يحقق الكثير من التقدم في لقاء هيوستن هذا الأسبوع. وكان النفط الخام الأمريكي قد أنهي تعاملات الجمعة الماضية مرتفعا بنسبة 0.2 في المائة، في أول مكسب خلال أربعة أيام، ضمن عمليات التعافي من أدنى مستوى في أسبوعين 60.12 دولار المسجل في وقت ساق من التعاملات، وصعدت عقود برنت بنسبة 0.5 في المائة، بعدما سجلت في اليوم السابق مستوى 63.17 دولار للبرميل الأدنى منذ 14 شباط (فبراير) الماضي، والمسجل في وقت سابق من تعاملات الخميس. وعلى مدار الأسبوع الماضي فقدت أسعار النفط نسبة 3.3 في المائة، في أول خسارة أسبوعية خلال الثلاثة أسابيع الأخيرة، بفعل ارتفاع إنتاج النفط الأمريكي لمستوى قياسي جديد، وارتفاع المخزونات الأمريكية لأعلى مستوى هذا العام. ومن المنتظر أن تشهد المناقشات في هيوستن سبل التعاون بين منتجي “أوبك” ومنتجي النفط الصخري الأمريكي لإزالة فائض المعروض العالمي بالسوق. وأعلنت شركة “بيكر هيوز” للخدمات النفطية يوم الجمعة الماضي، ارتفاع منصات الحفر والتنقيب الأمريكية بمقدار منصة واحدة، في سادس زيادة أسبوعية على التوالي، إلى إجمالي 800 منصة وهو أعلى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2015. ويعزز ارتفاع المنصات الأمريكية توقعات تسارع إنتاج النفط في الولايات المتحدة لمستوىات قياسية جديدة، وقفز الإنتاج الأمريكي بنحو 21 في المائة منذ منتصف عام 2016 إلى إجمالي 10.3 مليون برميل يوميا، مقتربا من إنتاج روسيا أكبر منتج للنفط بالعالم البالغ نحو 10.9 مليون برميل يوميا. وتراجعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 61.58 دولار للبرميل يوم الجمعة الماضي، مقابل 62.18 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق رابع انخفاض له على التوالي، كما أن السلة خسرت أكثر من دولارين مقارنة بآخر تعاملات شهر شباط (فبراير) الماضي الذي سجلت فيها 63.97 دولار للبرميل. إلى ذلك، اعتبر تقرير “ريج زون” الدولي، استقرار دول إنتاج النفط والغاز، تأمينا لإمدادات الطاقة وضمانا لازدهار معدلات الاستثمار، مطالبا بتعاون عالمي واسع لتحقيق الاستقرار في تلك الدول. وتوقع التقرير زيادة تأثير العوامل الجيوسياسية وغياب الاستقرار خلال السنوات الثلاث المقبلة في عدد من الدول المهمة المنتجة للنفط والغاز. وقال التقرير – المعني بالمنصات وأنشطة الحفر – إن غياب الاستقرار سوف يؤثر في المشروعات الجديدة لشركات الطاقة الكبرى وذلك استنادا لرؤية شركة تحليل المخاطر العالمية “فيريسك مابلكروفت “، مشيرا إلى أن زيادة حالة عدم الاستقرار لا تعني بالضرورة الانقلابات أو الاضطرابات السياسية الكبيرة. ولفت التقرير إلى تحديات رئيسة تواجه أسواق النفط الخام في العام الجاري 2018 وأبرزها المواجهة الدولية المحتملة في شبه الجزيرة الكورية، إضافة إلى التوترات السياسية في بعض دول الشرق الأوسط باعتبارهما النقطتين الجيوسياسيتين الوحيدتين اللتين تنطويان على إمكانية واقعية للتأثير في أسعار النفط إذا تصاعدت الصراعات هذا العام. واستبعد التقرير الدولي، حربا صريحة في أي من المنطقتين على الرغم من زيادة احتمال وقوع شكل من أشكال الحوادث العسكرية أو إظهار القوة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية التي تقول “فيريسك” إنها زادت من 36 في المائة إلى 56 في المائة منذ بداية عام 2017. وأكد التقرير أن تصاعد العوامل الجيوسياسية خاصة في الشرق الأوسط سوف يؤثر في إمدادات النفط الخام، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، بينما ستكون للصراع في شبه الجزيرة الكورية عواقب سلبية على تجارة النفط والغاز الطبيعي المسال حول العالم.
مشاركة :