رحيل جواد صيداوي الأديب والشاعر اللبناني تاركاً إرثاً فكرياً

  • 3/7/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

بعد مسيرة حافلة بالعطاء الأدبي على صعيدي الكتابة والإعلام، رحل الأديب والشاعر والروائي والمترجم اللبناني جواد صيداوي «أبو حيان» في باريس، عن عمر يناهز 86 عاماً، قضاها بين لبنان وفرنسا يناضل بكل ما أوتي من قوة الكلمة في سبيل الحق والعدل وضد الإقطاع والظلم والصهيونية. ولا عجب في ذلك فهو ابن الجنوب اللبناني الذي عانى ويلات الاحتلالات الإسرائيلية وتعديها الغاشم على الأراضي اللبنانية. من مواليد مدينة النبطية في جنوب لبنان، كان جواد صيداوي من خريجي الدفعات الأولى في دار المعلمين، مارس التعليم الثانوي، وسعى إلى تأسيس أول ثانوية رسمية في النبطية وتولى إدارتها. انتدبته الدولة اللبنانية للسفر مع مجموعة من الأساتذة الرسميين إلى تونس، في مهمة تعريب التعليم فيها. كذلك كان أول من نال إجازة في الأدب العربي في مدينته عام 1955، وخرّج على يديه أجيالاً من طلاب الجنوب وشبابه منذ الستينيات. بعد ذلك نال دبلوماً في التربية (1956)، وآخر في التخطيط التربوي (1958)، تابع الدراسات العليا في السوربون إلا أنه لم يتقدم لمناقشة بحثه في الدكتوراه. في بداية الحرب اللبنانية، سافر إلى باريس، وتولى مسؤولية قسم الصحافة والإعلام في السفارة السعودية هناك. عاد إلى لبنان في العام 1988 وتفرغ للكتابة الروائية والأدبية. ورغم أن شعره لم يجمع في ديوان، إلا أنه كتب أكثر من 13 رواية من بينها: «سقف المدينة (1988)، أجنحة التيه – الوكر (سيرة ذاتية بأسلوب روائي 1993)، أجنحة التيه – الإقلاع (1994)، أجنحة التيه – تونس (1994)، جمانة (1996)، العودة على متن الرحيل (1996)، مطاردة (1997)، أسنان المشط (2001)، صرنا على الليسته (2002)، فساتين هندومة (2004)، ثمالة حب (2006)». ترجمت ثلاثيته «أجنحة التيه» إلى الفرنسية والإنكليزية. وترجم روايات عالمية أبرزها: «الخيميائي» و«الشيطان والآنسة بريم» لباولو كويلو. ومن أعماله أيضاً: «الطغاة في التاريخ» (دراسة تاريخية)، «ليلى المعنى» (حوار مع الشاعر صلاح ستيتية)، «جعفر محسن الأمين، سيرة وعامليات» (تقديم)، «الأمثال العامية في جبل عامل (تأليف جعفر محسن الأمين - تقديم جواد صيدواي).   خاض المجال الإذاعي عبر برامج ثقافية، ففي عام 1949 اختاره معلمه فؤاد أفرام البستاني مع زميل له لمحاورته في إذاعة «الشرق الأدنى»، وفي الخمسينيات قدّم برامج في إذاعة تونس، وفي الستينيات قدم برنامجاً أسبوعياً في إذاعة لبنان عنوانه «ذكريات مدرسية»، وفي الثمانينيات قدم برنامجاً إذاعياً بعنوان «لغة الحياة». روايات من الواقع «ثمالة حب» إحدى أبرز روايات جواد صيداوي، فيها يتحدّى الحياة ويعتبر أنها لا توهب لنا مرتين، لذلك ينبغي لنا، كلما ساء مجرى حياتنا، وفي أية مرحلة من مراحل العمر، أن نوجِّه الدفَّة، متى كنا قادرين على ذلك، نحو مجارٍ أكثر هدوءاً وأمناً مثلما يفعل البحار الحاذق، حتى إذا بلغنا الشاطئ الأخير، غادرنا سفينة الحياة سعداء، ولو بثُمالة الحب، غير آسفين على ما فاتنا. لأنه كاتب واقعي يلتزم بالإنسان، يصوّر في روايته «أجنحة التيه» هذا الالتزام بمعناه الإنساني الشامل، البريء من الانقياد الأعمى لنهج فكري أو سياسي أو مذهبي معين. يصف صيداوي روايته هذه بأنها تميل إلى الحديث عن الحياة العادية للبشر العاديين، ويتمنى القارئ أن يجد في الكتاب الذي يقرأ صورته ومشاكله ومكان عمله وهمومه اليومية. من هنا تدخل نماذج من شتى شرائح المجتمع إلى عالم الرواية من الباب الواسع، حتى الكاتب ذاته قد يجد في الرواية التي يكتب متسعاً ليعبر عن أفكاره ومشاعره الشخصية من دون أن يكون ما يقوله جزءاً من سيرته الذاتية، أو أن يحمل أشخاص الرواية تلك الأفكار والمشاعر على نحو متعسف. من أبرز رواياته أيضاً «أسنان المشط» المنتزعة من عمق الواقع الإنساني، تجري أحداثها في بوكابو عاصمة غوالادور، حيث يهاجر جميل حمدون مع عائلته، طلباً للثراء، ولكن ماذا يستفيد الإنسان إذا حصل على الثراء وفقد نفسه وعائلته؟ الخيميائي «الخيميائي» هي الرواية الثانية التي كتبها باولو كويلو، حققت نجاحاً عالمياً باهراً، جعل كاتبها من أشهر الكتاب العالميين، وقد ترجمها جواد صيداوي إلى العربية. تتحدث الرواية عن سانتياغو، راعٍ أندلسيّ شابّ، مضى للبحث عن حلمه المتمثّل بكنزٍ مدفون قرب أهرامات مصر. بدأت رحلته من أسبانيا عندما التقى الملك ملكي صادق الذي أخبره عن الكنز. عَبَرَ مضيق جبل طارق، مارّاً بالمغرب، حتى بلغ مصر، وطوال الرحلة كانت تُوجّهه إشاراتٌ غيبيّة. في طريقه للعثور على كنزه الحلم، تقع أحداثٌ كثيرة، تكاد تمنعه من متابعة رحلته، إلى أن يجد الوسيلة التي تساعده على تجاوز هذه العقبات. يُسلب مرّتين، يعمل في متجرٍ للبلَّور، يرافق رجلاً إنكليزياً، يبحث عن أسطورته الشخصية، يشهد حروباً تدور رحاها بين القبائل، إلى أن يلتقي الخيميائي عارف الأسرار العظيمة الذي يحثّه على المضي نحو كنزه. وفي الوقت نفسه يلتقي فاطمة، حبَّه الكبير؛ فيعتمل في داخله صراعٌ بين البقاء إلى جانب حبيبته، ومتابعة الرحلة بحثاً عن الكنز. تتلخص فكرة الرواية بجملة قالها الملك لسانتياغو: «إذا رغبت في شيءٍ، فإن العالم كله يطاوعك لتحقيق رغبتك». في هذه الرواية، يستعيد كويلو موضوع رحلة موغلة في القدم، بدأها الذين فتشوا عما يجعل الحياة أجمل: حجر الفلاسفة، وإكسير الحياة، فهل يصبح الذهب ذريعة للبحث عن كنوز أخرى؟ وهل تكون أسطورتنا الشخصية اكتشافنا حقّنا في السعادة؟

مشاركة :