تونس حائرة بين مواجهة التضخم وحماية النمو الهش

  • 3/7/2018
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

تونس – تفاقمت محنة صنّاع السياسات المالية التونسية بين مواجهة ارتفاع التضخم وغليان الأسعار وبين حماية النموّ الاقتصادي الهش. واضطر البنك المركزي التونسي إلى رفع أسعار الفائدة لمواجهة قفزة كبيرة في معدل التضخم، لكن ذلك يمكن أن يقوّض قدرة المستثمرين على الاقتراض ويهدّد النموّ المتعثر. وهذا أوّل قرار يتخذه مجلس إدارة البنك المركزي منذ تولي المحافظ الجديد مروان العباسي لمهامه على رأسه قبل نحو أسبوعين، وهي الزيادة الثالثة في غضون عشرة أشهر. ورفع المركزي نسبة الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس لتصبح عند 5.75 بالمئة، وبرّر الخطوة بأنها لمواجهة “مخاطر فعلية تتمثل في استمرار التضخم الذي شهد تسارعا مع مطلع هذا العام حيث بلغ في فبراير الماضي 7.1 بالمائة، مقابل 4.6 بالمائة في الفترة نفسها العام الماضي”. ومن المتوقّع أن يضخ المركزي سيولة في السوق الرسمية، كما اعتاد على ذلك في السابق، لتفادي أي اضطرابات محتملة. وأرجع المركزي التونسي ارتفاع معدل التضخم إلى “الارتفاع الحاد في مؤشر أسعار الاستهلاك في يناير بنحو 1.1 بالمئة مقابل 0.4 بالمئة في ديسمبر 2017”. وتوقّع خبراء المركزي استمرار ارتفاع معدلات التضخم، خلال الفترة المقبلة، مع الارتفاع المتوقّع للأسعار العالمية للمواد الأساسية ومن بينها الطاقة، من دون الإشارة إلى نسبة الارتفاع المحتملة. وكان المركزي قد رفع نسبة الفائدة مرتين، خلال العام الماضي، الأولى كانت في أبريل بمقدار 50 نقطة أساس، لتصل إلى 4.75 بالمئة، قبل أن يعود في الشهر الموالي لزيادتها بمقدار 25 نقطة أساس لتصل إلى 5 بالمئة. وتشهد نسبة التضخم في تونس ارتفاعا متسارعا رغم كل محاولات الحكومة للحدّ من النزيف الذي تزايد مع تواصل انهيار قيمة الدينار أمام الدولار واليورو. وبحسب بيانات البنك المركزي، فإن سعر صرف الرسمي للعملة المحلية عند 2.43 دينار لكل دولار ونحو 2.97 دينار لكل يورو. وحتى الآن، لا تستهدف السياسة النقدية لتونس تخفيضا في قيمة الدينار، كما أن الحكومة نفت مرارا نيتها تحرير سعر الصرف رغم أن هذه القضية لا تزال تثير جدلا واسعا في الأوساط الاقتصادية. ويؤكد المتابعون للشأن الاقتصادي التونسي أن قرار المركزي قد يكبح المستثمرين أكثر وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة على الاقتراض بنسبة فائدة مرتفعة في ظل الوضع الراهن. وأشاروا إلى أن القرار قد يؤثر أيضا بشكل مباشر على حجم السيولة المتداولة بين البنوك وبالتالي الحد من القروض بهدف تقليص الاستهلاك والتحكم في التضخم. ويعاني القطاع المصرفي من غياب الحوكمة التي تنشر الفوضى والترهل الذي أدى لضعف كفاءة المصارف وحوّلها إلى عائق كبير بدل تحريك النشاط الاقتصادي في جميع القطاعات. ويأتي الإجراء، وفق خبراء اقتصاد، ضمن ضغوط يمارسها صندوق النقد الدولي على تونس بعد أن أكدت بعثته في نهاية المراجعة الثانية خلال زيارتها للبلاد في ديسمبر الماضي قبل ضخ القسط المتبقي من قرض بقيمة 2.9 مليار دولار، أنّ تصاعد الضغوط التضخمية يتطلب تحرّكا قويا لمواجهته. وتأمل السلطات في أن يساعد تشديد المركزي لسياسته النقدية، بما في ذلك احتواء إعادة التمويل للبنوك، على تثبيت التوقعات التضخمية ودعم الدينار في سوق الصرف في الأشهر القليلة القادمة.

مشاركة :