ينظم بيت السناري في حي السيدة زينب بالقاهرة التابع لمكتبة الإسكندرية، في الفترة من 28 فبراير (شباط) حتى 24 أبريل (نيسان) المقبل، على مدى تسع حلقات، ورشة تدريبية عن «مراحل تطور العملة الكلاسيكية في الإمبراطوريات والممالك القديمة».تقدّم اللقاءات الباحثة الدكتورة إيمان عبد الخالق، مسؤولة الوعي الأثري في قطاع الآثار المصرية، يوم الأربعاء من كل أسبوع. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» قالت عبد الخالق إنّها تهدف إلى دارسة العملة الكلاسيكية من خلال منظورين: أحدهما اقتصادي وسياسي وعلى خلفية تاريخية، والثاني أثري؛ مشيرة إلى أنّ الورشة تعتمد على عدة عناصر أساسية، وهي توضيح المادة المصنوعة منها، والموضوع الذي تصوره، والتقنية التي نُفّذت بها، ثم باجتماع هذه العناصر تحدّد الباحثة الطراز الفني الذي كان سائداً في الدولة، وزمن صناعتها واستخدامها، فضلاً عن إمكانية قراءة النقوش والكتابات لاكتشاف مراحل تطور النقش نفسه والكتابة وشكل الحروف. وأضافت أنّها ستسعى خلال حلقات الورشة، لتوضيح كيف كانت العملة الكلاسيكية تمثل الوسيلة الرئيسية للدعاية، وإبلاغ الرعايا بما كان يفعله الإمبراطور، في وقت لم تكن معروفة بعد وسائل الاتصال والإعلان، كما تتناول الورشة كيف استطاع الرومان من خلال فن العملة تعليم أفراد الشعب الولاء للدولة، وقد استغلوها للإعلان عن إنجازاتها في كل المجالات.وتؤكد عبد الخالق أنّ أنماط العملة في العصور الحديثة سارت على مقاييس العملات الكلاسيكية، ومعايير صناعتها وسكها، فضلاً عن المادة التي تسبك منها. وتشير إلى عناصر تميّزها عن نظيرتها الحديثة بما تحمله من سمات وأشكال تنتمي بشكل أساسي لملامح مجتمعاتها القديمة.أما الناحية السياسية فستكون حاضرة في الورشة، من خلال المقارنة بين العملة الرومانية ونظيراتها في الممالك الهلينستية، وسيُقارن بينها من الناحية الفنية، لإظهار كيف أنّ العملات كانت واحدة من المصادر التي اكتشفها الباحثون، وعرفوا من خلالها الاختلافات بين الفنين اليوناني والروماني، والأسباب التي تكمن وراء ذلك. ومن خلال عرض نماذج مصورة للعملات الكلاسيكية، مثل البطلمية واليونانية والسكندرية الرومانية، فضلاً عن الدينار، سوف تبرز الباحثة التمايزات الفنية بينها، فالأخير مثلاً - حسب رأيها - لم يكن يمثل إنتاجاً فنياً بارزاً؛ وكان موضوع الصورة المطبوعة عليه محدوداً جداً، إذ نجد رأس الآلهة حامية المدينة على الوجه، وشخصاً في عربة تجرها أربعة خيول على الظهر، وعلى الرّغم من استمرار سك هذه الإصدارات من فضة جيدة لسنوات كثيرة؛ فإن الناحية الفنية ظلّت تنقصها، وهو ما يختلف تماماً مع الحالة الفنية للعملة اليونانية التي استفادت من ثراء أساطيرها وتقدم فنونها.يذكر أن الحلقة الأولى من الورشة، سعت خلالها الباحثة للربط بين المستوى الذي تكون عليه العملة وبين العصر الذي تعبر عنه، وكيف أنّ المتخصص يستطيع من خلال دراسة العملة، معرفة ملامح حضارة الدولة التي أصدرتها، والحالة السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية والفنية التي صاحبت صدورها، فضلاً عن تاريخها واللغة التي كانت سائدة.وينسحب ذلك - طبقا للباحثة - على باقي نواحي الحياة، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو دينية أو اقتصادية، وهي الأبرز في ذلك المجال، إذ يمكن معرفة حالة الدولة ومستوى الرخاء فيها من خلال نوع المعدن المستخدم في عمليات السبك، فإن كان ذهباً أو فضة، مثلما في مصر الفرعونية التي ظهرت على معابدها رسوم تبين عمليات تصنيع وضرب النقود، وممالك شبه الجزيرة العربية والدول الإسلامية فيما بعد، يقرر الباحثون أنّ الدولة كانت متطورة وغنية ومزدهرة.
مشاركة :