بعد يوم على الاجتماعات المكثفة التي عقدها ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان مع المسؤولين السياسيين والأمنيين البريطانيين، وتوقيع عدد من الاتفاقات لتعزيز التبادل التجاري والاستثمارات في كلا البلدين، التقى ولي العهد مساء أمس رئيسة الوزراء تيريزا ماي للمرة الثانية، وأجرى معها محادثات حول الأوضاع السياسية في الشرق الأوسط، واتفقا على «مواجهة التدخلات الإيرانية»، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى اليمنيين «من دون قيود». والتقى الأمير محمد بن سلمان أمس أسقف كانتربري (كبير أساقفة الكنيسة الإنغليكانية) جاستن ويلبي في قصر لامبث وسط لندن لمدة ساعة. وقال الأسقف إن الأمير محمد «أبدى التزاماً قوياً بالعمل لنشر التقاليد الدينية المختلفة» وبالحوار بين الأديان. وعرض الجانبان مختارات قديمة من النصوص المسيحية والإسلامية واليهودية بما في ذلك أجزاء من مصحف قديم كتب بالخط الحجازي بين عامي 568 و645 ميلادي. وعلمت «الحياة» من مصدر في وزارة الخارجية أن ماي أقامت مأدبة عشاء تكريماً لولي العهد السعودي في مقرها الريفي في قصر «تشيكيرز». وتناولت محادثاتهما الأوضاع في الشرق الأوسط، وتطرقا إلى الأزمة في اليمن، واتفقا على العمل من أجل حل سياسي يعيد الاستقرار إلى هذا البلد. كما اتفقا على توصيل المساعدات الإنسانية إلى اليمنيين عبر الحدود «من دون قيود». وشدد الطرفان على أهمية «التصدي للتدخلات الإيرانية التي تزعزع الأوضاع في غير بلد في المنطقة، خصوصاً في اليمن وسورية». إلى ذلك، أعلنت ناطقة باسم ماي أن الرياض ولندن تعملان لرفع حجم التبادل التجاري بينهما في الأعوام المقبلة. وقالت في بيان: «تم الاتفاق على هدف طموح للتبادل التجاري وإيجاد فرص استثمار بنحو 65 بليون جنيه استرليني، بما في ذلك استثمار مباشر في المملكة». وأضافت أن الاتفاق «يدل بوضوح على الثقة الدولية القوية في اقتصادنا البريطاني بينما نستعد لمغادرة الاتحاد الأوروبي». وكان الأمير محمد بن سلمان أكد في حديث إلى صحيفة «تيليغراف» أن «خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يشكل فرصة كبيرة للمملكة المتحدة كي تستثمر (في السعودية) بما ينسجم مع رؤية 2030». وكتب وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون مقالاً في صحيفة «ذي تايمز» جاء فيه: «قبل 73 عاماً تقريباً في مثل هذا اليوم، سافر ونستون تشرشل إلى واحة الفيوم في مصر لعقد اجتماع مع ملك المملكة العربية السعودية عبدالعزيز بن سعود، وكتب عن هذا اللقاء قائلاً: قدم إلي الساقي كأساً من ماء البئر المقدسة في مكة، وكان ألذ ما تذوقت في حياتي». وأضاف جونسون: «إذا كان ذلك الاجتماع في الصحراء فصلاً أول في العلاقات بين بريطانيا والمملكة العربية السعودية، فإننا سنكتب صفحة جديدة خلال زيارة حفيد ابن سعود، محمد بن سلمان». وأشار إلى «بدء ولي العهد ووالده الملك سلمان تجديد الواقع الاجتماعي والاقتصادي في السعودية». وزاد أن الهدف الرئيس من حملة الإصلاحات في السعودية هو بناء «دولة إسلام معتدل منفتحة على كل الأديان والعالم، والقضاء على مروجي الأفكار المتطرفة»، وأثبت الأمير محمد بن سلمان «قولاً وفعلاً أنه يهدف إلى قيادة السعودية نحو توجه أكثر انفتاحاً». وعن الأمن، كتب جونسون: «عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على سلامة بريطانيا، فقد كانت الاستخبارات السعودية عاملاً مهماً في مكافحة الإرهاب، بل تم إنقاذ حياة بريطانيين. وكانت هذه العلاقة منذ فترة طويلة مهمة للأمن العالمي». وتابع: «اليوم، نتعاون مع السعودية في مواجهة سلوك إيران التخريبي في الشرق الأوسط، ولإنهاء الحرب في اليمن، وقد اتخذ الملك سلمان بن عبدالعزيز العام الماضي قراراً حكيماً بالتقارب مع الحكومة في العراق، ما يساعد في استقرار البلاد بعد هزيمة داعش».
مشاركة :