مصر تخوض معركة معقدة لإصلاح صناعة الإعلام الحكومية

  • 3/9/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة – وصف خبراء اتجاه الحكومة المصرية إلى تأسيس شركة للاستثمار في قطاع الإعلام والتكنولوجيا بأنها خطوة تستهدف التخلص من الأصول الخاسرة في ماسبيرو بعد أن وصلت الديون إلى مستوى يصعب على التلفزيون الرسمي سدادها من موارده الإعلانية المحدودة. وأعلنت شركة “إن آي كابيتال” الذراع الاستثمارية لبنك الاستثمار القومي المملوك للدولة عن تأسيس شركة “كرييتيف ميديا فنتشرز” المعروفة اختصارا بـ“إبداع” بغرض تطوير صناعة الإعلام والمساهمة في زيادة المردود الاقتصادي لهذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي.   شكك خبراء اقتصاد وإعلام في قدرة الحكومة المصرية على إصلاح وتطوير الهيئة القومية لاتحاد الإذاعة والتلفزيون، والتي يطلق عليها اصطلاحا “ماسبيرو” نسبة للمكان الذي تقع فيه بالقاهرة، نتيجة تراكمات الديون والبيروقراطية التي تضخمت على مدار عقود طويلة وشهد القطاع خططا إصلاحية في الماضي، إلا أنها فشلت في تحقيق أهدافها الاقتصادية، نتيجة تعقد الهياكل الإدارية في ماسبيرو وعدم القدرة على ضخ دماء جديدة في شرايينه. واستبعد خبراء دخول الشركة الجديدة نطاق الصحافة المكتوبة في القطاع العام، باعتباره يعيش مشكلات تفوق قدرات الشركة، بعد أن سجلت إجمالي ديون الصحف الحكومية والمؤسسات التي تصدرها 1.1 مليار دولار. وعلمت “العرب” من مصدر مطلع في لجنة تطوير الصحف، رفض الكشف عن هويته، أن اللجنة انتهت من عملية إعادة الهيكلة والتطوير ورفعت تقريرها إلى رئيس الحكومة لدراسة المقترحات، وإعطاء إشارة العمل بتلك الرؤية التي قد ترفع من موارد المؤسسات الخاسرة. وأكد المصدر أن بعض المؤسسات تمتلك أراضي تصلح للاستثمار العقاري أو السياحي، ومن الممكن أن يتم استبدال ديونها للبنوك مقابل هذه الأراضي، ورفض الإفصاح عن تفاصيل أكثر إلى حين بتّ مجلس الوزراء في دراسة اللجنة. وقال محمود منتصر نائب رئيس بنك الاستثمار القومي لـ“العرب”، إن “الشركة الجديدة ستقوم بهيكلة للقطاعات الخاسرة في مختلف وسائل الإعلام الحكومي”. وأوضح أنها ستتجه كذلك إلى الإنتاج السينمائي والدراما التلفزيونية، في ظل التوسع في صناعة الإعلام ودخول القطاع الخاص فيها بقوة، فضلا عن الرغبة في المساهمة الفاعلة في زيادة الإيرادات الحكومية في هذا القطاع، وهو ما يخفف من أعباء الخسائر المتضخمة. محمود منتصر: 1.7مليار دولار ديون التلفزيون لبنك الاستثمار القومي والخسائر مستمرة ويصل إجمالي الأجور في ماسبيرو سنويا إلى نحو 125 مليون دولار، وتقول وزارة المالية إن عدد العاملين في التلفزيون يصل إلى نحو 50 ألف عامل، وهو رقم كبير يمثل عبئا على ميزانية اتحاد الإذاعة والتلفزيون في مصر. وأوضح منتصر أن حجم ديون ماسبيرو للبنك يبلغ 1.7 مليار دولار، وهو مرجح للارتفاع بسبب فوائد التأخير ونزيف الخسائر المستمر دون وجود خطط إصلاحية. وهناك فرص استثمارية أمام شركة إبداع، ليس على نطاق الإنتاج فقط، بل على صعيد تأسيس دور العرض السينمائية حيث تحتاج صناعة السينما إلى استثمارات جديدة لزيادة عدد الدور من 400 إلى ألف دار. وقال المنتج محمد العدل، إن “الشركة الجديدة سوف تتجه إلى الإنتاج فقط ولن تدخل في معركة ماسبيرو”، واصفا الاتجاه نحو إصلاح ماسبيرو بأنه “معركة خاسرة”. وجرت محاولات سابقة للإصلاح على مستوى المضمون أملا في تقديم رسالة إعلامية جيدة، تجذب الجمهور وتجلب الإعلانات وتحد من الخسائر، غير أن جميعها باء بالفشل. والآن جاءت إعادة الكرة بتشريك القطاع الخاص، لكن المؤشرات الحالية لا تشي بالتفاؤل، لأن التطوير يبدو مرتبطا بتوجهات رسمية معينة منحت الأجهزة الأمنية دورا فاعلا في توجيه دفته، وهو ما يتناقض مع خطة الإصلاح الطموحة. محمد العدل: إصلاح ماسبيرو معركة خاسرة والشركة الجديدة إبداع، تتجه إلى الإنتاج فقط وأشار العدل لـ“العرب”، إلى أن شركة إبداع، تستهدف تحقيق أرباح من هذه الصناعة وتريد الابتعاد عن المشكلات المعقدة في ماسبيرو، وتشي الميول الظاهرة للحكومة بالرغبة في الترفيع من الإيرادات أملا في تقليل خسائر الإعلام الحكومي بوجه عام. ويصل متوسط إنفاق المصريين على الثقافة والترفيه إلى نحو 2 بالمئة، ما يوازي حوالي 42 دولارا سنويا، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وشكك صفوت العالم، الباحث والأكاديمي في كلية الإعلام بجامعة القاهرة في نجاح الشركة الجديدة في مهمتها وذلك لعدم قدرتها على إدارة المشهد الإعلامي الرسمي الذي يتضمن الكثير من التعقيدات. وصرّح لـ“العرب”، أن الإدارة الإعلامية تحتاج إلى كفاءات ذات طابع خاص، أما الشركة الجديدة فهدفها عمليات إعادة هيكلة، وهو الإطار الذي تسير فيه شركة إن آي كابيتال، لأن نطاق عملها يرتكز على الأنشطة الاستثمارية ذات الطابع الإنتاجي. وتدير شركة إن آي كابيتال، برنامج الحكومة لطرح أسهم وزيادات رؤوس أموال الشركات الحكومية في البورصة، حيث تسعى الحكومة لطرح نحو عشر شركات تابعة لها في سوق المال خلال العام الحالي، في مختلف القطاعات الاقتصادية. وأكد الباحث المصري صعوبة إصلاح الإعلام الحكومي وتحويله إلى قطاع يدر الأرباح في ظل البيروقراطية التي تعج بها ماسبيرو، إلى جانب الصعوبات التي تواجه أي إدارة ترغب في إصلاح التلفزيون المحلي.

مشاركة :