قفصة (تونس) - دأبت مدينة قفصة التونسية منذ العام 2013 على تكريم أبنائها الكتاب في مجال الأدب والصحافة والنقد، وذلك ضمن الملتقى الوطني للآداب والفنون الذي تنعقد فعالياته كل عام على امتداد ثلاثة أيام بعاصمة المناجم، فكانت الدورة الأولى تكريما لعبدالحميد الزاهي والثانية لعلي العبيدي والثالثة للصافي سعيد، أما الرابعة المنتهية الجمعة، فخصصت للكاتب والشاعر الفيلسوف سليم دولة. "سليم دولة الكاتب الحر والفيلسوف الشاعر"، كان شعار الملتقى الوطني للآداب والفنون في دورته الرابعة، الذي انعقدت فعالياتها بمدينة قفصة (جنوب غرب العاصمة تونس) على امتداد ثلاثة أيام، 7 و8 و9 مارس الجاري، والذي نظمته “جمعية حماية وصيانة الواحة والمحيط قصر قفصة”، وحضره ثلة من الشعراء والأدباء والنقاد التونسيين ممّن جايلوا المحتفى به سليم دولة (13 مارس 1953) والبعض من أصدقائه. توزّعت الأيام الثلاثة التي تم فيها الاحتفاء بالشاعر الفيلسوف بين المداخلات الفكرية والنقدية لأدب وفكر سليم دولة، وبين القراءات الشعرية للمحتفى به وثلّة من شعراء تونس المُكرّسين والشباب على حد سواء، علاوة -كما أسلفنا- على الشهادات الحية للبعض من أصدقاء دولة الجامع والمُجمّع لكل الأجيال، كما وصفه الشاعر التونسي آدم فتحي. واحتضن المعهد العالي للدراسات التطبيقية في الإنسانيات بقفصة الندوة الفكرية التي أدارها محمد صالح البوعمراني، لتقدّم الشاعرة سامية لامين مداخلة باللغة الفرنسية تحت عنوان “صورة المرأة في كتاب كليمنسيا الجميلة لسليم دولة”، كما قدّم الفيلسوف التونسي مصطفى كمال فرحات مداخلة عنونها بـ”سليم دولة والصفاء الشعري الخالص”. وأتت مداخلة الروائي والباحث الأكاديمي التونسي مصطفى الكيلاني بعنوان “ترنيمة الحياة والعشق أو بعض من هذيانات فيلسوف شاعر: كتاب كليمنسيا لسليم دولة”. في باب القراءات الشعرية قرأ المحتفى به سليم دولة بالمركز الثقافي الخاص علي جيدة بقفصة من ديوانه “ديلانو شقيق الورد” ثم من ديوانه الجديد “معلقة أمي” بعضا من قصائده التي لم تنشر بعد. وفي اليوم الثاني من الملتقى احتضن مركز الفنون الدرامية والركحية بقفصة قراءات شعرية لكل من عشتار بن علي وسامية لامين (قرأت باللغة الفرنسية) ونفيسة التريكي ووليد أحمد الفرشيشي وفضة خليفة والشاعر السوري المقيم في تونس الهادي دانيال وآدم فتحي الذي قرأ قصيده “القراصنة” وسط تفاعل كبير من الحضور. ولعل أبرز لقاءات الملتقى ذاك الذي احتضنته المكتبة العمومية قصر قفصة، والذي خُصص للشهادات الحية لبعض أصدقاء ومجايلي المحتفى به سليم دولة، فأرسل الروائي التونسي حسونة المصباحي الذي لم يحضر الملتقى لانشغالات مهنية، شهادة حملت عنوان “براكين سليم دولة” تحدّث فيها عن علاقته بالمحتفى به والتي تعود إلى فترات الشباب البكر، وصولا إلى اختياره، كما ذكر في ورقته أن “سليم من ضمن الأصدقاء الذين زيّنوا كتابي ‘رسائل إلى أصدقاء بعيدين”. وتحدث الكاتب أحمد حاذق العرف في شهادته حول رفيق درب الشباب والطموحات “سليم دولة، بيننا حبْر وربْح قليل والكثير من الخسارات”. كما أدلى الروائي والإعلامي حسن بن عثمان بشهادة حية عن “سليم والوجع الحبريّ، الذي كانا يقتسمانه أيام الجمر”، على حد توصيفه لفترتي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وأيضا تحدّث الشاعر التونسي آدم فتحي عن ذات الحقبة التي صنعت جيلا من الشعراء والمفكرين التوّاقين إلى كتابة جديدة ومُغايرة ضمت ثلاثتهم: سليم دولة وآدم فتحي والراحل محمد الصغير أولاد أحمد. ومن الجيل الجديد تحدّث الشاعر والروائي وليد أحمد الفرشيشي عن سليم دولة الحاضن لكل طاقة إبداعية متّقدة، وهو المُعلمّ والسند لجيل من الشعراء والأدباء الشبان الذين كان يصطفيهم ليصطفّوا ضمن القادم من كتّاب تونس. وعلى هامش فعاليات الملتقى قدّم المصوّر الفوتوغرافي التونسي زكرياء الشايبي معرضا فوتوغرافيا عن الجنوب ونسائه العاملات الكادحات، كما خصّص المنظمون للفعاليات سهرة طربية بصوت الفنان عامر خلف الله، أصيل قفصة، ليختتم الملتقى بتكريم المُحتفى به سليم دولة نصا وشخصا، وهو على قيد الحياة، وهي سابقة تونسية تُحسب لمنظمي الملتقى. ويُعدّ سليم دولة ممثلا للفلسفة المنفصلة عن البحث الأكاديمي، صدرت له في النقد الفلسفي “ما الفلسفة؟” و”ما الثقافة؟” و”الثقافة والجنوسية الثقافية”، كما صدر له “الجراحات والمدارات” و”بيان بغداد السقراطي”، وفي الشعر “السلوان والمنجنيقات” و”ديلانو شقيق الورد” و”كليمنسيا الجميلة”، وقريبا يصدر له ديوان “معلقة أمي”.
مشاركة :