نظرية «الصبر الاستراتيجي» تؤجل «صفقة القرن» ؟!

  • 3/13/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

كشفت دوائر سياسية في واشنطن، عن نجاح رئيس حكومة دولة الاحتلال، في اقناع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بتأجيل طرح مبادرته «صفقة القرن»، ومنح الفرصة لنظرية نتنياهو عن «الصبر الاستراتيجي» الكفيل بفرض متغيرات وتطورات جديدة في المنطقة تمهد لنجاح «صفقة ترامب» للحل السياسي للصراع العربي ـ الإسرائيلي.. ويراهن نيتانياهو على الزمن، وعلى حدوث تحولات جيوستراتيجية وسياسية تخلق واقعاً جديداً يمكِّن إسرائيل من السيطرة الكاملة على أرض فلسطين وإقامة الدولة اليهودية دون الدخول فى صدامات مع العرب أو مع الحلفاء !!             المشروع القائم في إسرائيل يستند إلى نظرية «الصبر الاستراتيجي»، بحسب تعبير «آفى جيل» المستشار السابق للرئيس الإسرائيلى الراحل شمعون بيريز، والتى تقوم على فرضية أن الزمن يعمل لصالح إسرائيل، وأن واقعاً جيوسياسياً سينشأ فى المستقبل تستطيع فيه إسرائيل أن تضم أكبر مساحة من الأرض الفلسطينية مع العدد الأقل من السكان الفلسطينيين، وهذا ما يجعل نيتانياهو يرفض مطالب اليسار الإسرائيلى وجماعات السلام المتعجلة بإقامة دولة فلسطينية على غزة وأجزاء من الضفة الغربية، وهذا ما يجعله يرفض أيضاً مطالب جماعات اليمين بضرورة الإسراع بضم وتهويد المستوطنات المقامة على أراضى الضفة الغربية كخطوة أولي، إلى أن يتم ضم باقى الأراضي، خشية أن تؤلب هذه الخطوة العالم ضد إسرائيل، وربما تحدث صداماً حتمياً مع الحليف الأمريكي.               زيارة بنيامين نيتانياهو رئيس حكومة الكيان الصهيونى لواشنطن الأسبوع الماضى والتى استمرت لخمسة أيام قضاها نيتانياهو فى عقد لقاءات مكثفة مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وأركان إدارته وقيادات بارزة فى الكونجرس، كانت معنية بالدرجة الأولى، بتحقيق رؤية إسرائيل تجاه مبادرة ترامب «صفقة القرن»، وكان واضحا حين  خرج نتنياهو من لقائه مع ترامب يوم الثلاثاء الماضى متهللاً وسعيداً بما حققه من إنجازات فى هذا اللقاء، رغم  ما صرح به للتعتيم على ما جرى من مباحثات، قائلا: «لم نتحدث عن الفلسطينيين أكثر من ربع ساعة، وأن نصف الوقت قد خصص لإيران، وربما أكثر.. موضوع المحادثات المركزى كان إيران، إيران، وإيران» .             ويرى رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام، والمتخصص في العلاقات الدولية الإقليمية وخاصة النظام الإقليمي للشرق الأوسط والصراع العربي ـ الإسرائيلي، د. محمد السعيد إدريس، أن الحقيقة هى العكس، ولكن كل ما حدث أن كل ما أراده نيتانياهو حصل عليه فى لقائه مع ثلاثى الإدارة المسئول عن هذه الصفقة فى الإدارة الأمريكية ( جاريد كوشنير مستشار ترامب وصهره رئيس هذا الفريق، وجيسون جرينيلات الموفد الخاص للرئيس إلى الشرق الأوسط، وديفيد فريدمان السفير الأمريكى فى تل أبيب) قبل يوم من لقائه الرئيس ترامب، لحسم كل القضايا الخلافية، وجعل الصفقة متماشية مع ما تريده إسرائيل وتخطط له.       وما لم يفصح عنه نيتانياهو أو ترامب بخصوص مآل «صفقة القرن» كمحصلة لزيارة الأيام الخمسة جرى الإفصاح عنه على لسان نيتانياهو نفسه، خاصة فى حديثه أمام المؤتمر السنوى للجنة الأمريكية الإسرائيلية للعلاقات العامة «إيباك»، وتصريحات كل من مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي، ونيكى هايلى رئيسة الوفد الدبلوماسى الأمريكى بالأمم المتحدة أمام هذا المؤتمر. مجمل هذه التصريحات كشف ما يمكن اعتباره الحقائق الخفية لهذه الصفقة ومآلاتها:    أولى هذه الحقائق، أن «نيتانياهو» نجح مع الإدارة الأمريكية فى تأجيل أو حتى تجميد طرح المشروع الأمريكى للتسوية «صفقة القرن» مع تفعيل الأجزاء التى تحقق المصالح الإسرائيلية، ومن هنا جاء تصريحه عقب انتهاء محادثاته مع الرئيس الأمريكى بأنه «لم ير أى مسودة أو جدول زمنى لخطة السلام الأمريكية».    والحقيقة الثانية: أن الإدارة الأمريكية، بعد زيارة نيتانياهو لم تعد فى عجلة من أمرها لطرح «صفقة القرن». يبدو أن نيتانياهو نجح فى تمرير مشروعه الخاص بالتسوية، والذى من أجله يعتنق سياسة «الصبر الإستراتيجي» بالرهان على الزمن الذى يؤمن أنه يعمل، بالمطلق لصالح إسرائيل، وأنه نجح فى أن يأخذ من الصفقة ما يريده وأن يرجئ ما لا يريده.      والحقيقة الثالثة: بحسب المحلل السياسي ،د. محمد السعيد إدريس، هى تطابق الرؤى الأمريكية، كما عبر عنها رموز الإدارة، مع الرؤى الإسرائيلية وبالتحديد رؤى نيتانياهو، وعلى هذا النحو جاءت كلمات مايك بنس نائب الرئيس، ونيكى هايلى رئيسة الوفد الأمريكى بالأمم المتحدة أمام مؤتمر منظمة «إيباك» الصهيونية، اللذين أخذا يعددان «مفاخر دولة إسرائيل اليهودية الديمقراطية» ويطلقان التهديدات لأعدائها من العرب والإيرانيين.. والأهم ما قاله بنس: إن «الإدارة الأمريكية لم تتخذ أى خطوات لاستباق قضايا الحل النهائي»، مؤكداً أن «الأمن الإسرائيلى غير مطروح للتفاوض»، وفى ذات الوقت أخذ يركز على أهمية دعم التدافع العربى للتقارب مع إسرائيل، وقال بالنص: «رياح التغيير تهب على الشرق الأوسط.. والأعداء القدامى أصبحوا أصدقاء(!!).

مشاركة :