في تقريرها السنوي الذي عرضته أخيراً على النقاش أمام البرلمان الإيطالي، رأت الاستخبارات الإيطالية في تقييم شامل للحالة الأمنية في البلاد أن تهديد الإرهاب «ملموس ومحدق». وتضمن التقرير تحذيراً «من تفاقم ظاهرة التطرف، وكذلك من إمكانية حدوث اعتداءات إما بمبادرة فردية أو بتحريض من جهات منظمة». وأشار التقرير كذلك إلى «قوة الدعاية المتشددة لتنظيم داعش الإرهابي في إيطاليا ما قد يسهل تجنيد عناصر جديدة في حالات عدم الاستقرار النفسي وأزمة الهوية أو لفهم خاطئ للدين». ويفسر مضمون التقرير تسارع وتيرة طرد العناصر الإرهابية التي يعتقد أنها تشكل خطراً محدقاً بأمن البلاد، لا سيما نزلاء السجون، حيث يقول التقرير في أحد فصوله إن «السجون تعد أرضاً خصبة لنشر الأفكار المتشددة من قبل المتطرفين في المعتقلات». وفي السياق، أشارت وزارة الداخلية الإيطالية في أرقامها الرسمية إلى أن حالات الطرد لأسباب تتعلق بالأمن العام من البلاد، وصلت إلى 25، منذ مطلع العام الجاري، فيما بلغ مجموع المرحّلين للسبب ذاته، منذ 2015، نحو 262. لكن التقرير يتطرق إلى جانب لا يقل أهمية، ألا وهو ظاهرة المقاتلين الأجانب ضمن تنظيم داعش، حيث أشار وفقاً لتقديراته إلى وجود 129 ممن لهم صلة بإيطاليا، لافتاً إلى أنه لم يسجل العام الماضي أي خروج جديد من إيطاليا نحو مسارح الحرب التي انخرط بها داعش. قضية ضخمة حول هذه النقطة، رأى وزير الداخلية ماركو مينتي أنه «بعد الهزيمة العسكرية التي مني بها تنظيم داعش في سوريا والعراق، فمن الممكن لمقاتليه الأجانب الفارين من هناك أن يجدوا ملاذاً آمناً في شمال أفريقيا، وأن يحولوا الأخيرة إلى ركيزة انطلاق بارز لشن هجوم إرهابي على أوروبا». ويشير إلى أن «المقاتلين الأجانب قضية ضخمة، فالبعض منهم قد مات، والبعض الآخر يعود إلى بلده الأصلي بطريقة غير منظمة»، وأضاف «إننا أمام عودة لهؤلاء من خلال الطرق المفتوحة، أي تلك التي تتبعها تدفقات الهجرة عبر أفريقيا والبلقان». ملاحظات مينتي، أكدها بصورة أو بأخرى زميله رئيس الدبلوماسية أنجيلينو ألفانو الذي قال أمام مؤتمر ميونيخ للأمن الشهر الماضي «لا يكفي تدمير الإرهاب على المستوى العسكري وحسب»، وأضاف «بعد هزيمته العسكرية، عاد تنظيم داعش للعمل كمنظمة إرهابية عابرة للحدود ولهذا علينا العمل لوقف قدرات تمويلها الذاتي. لأن في ذلك خطراً على أمننا»، لافتاً إلى أنه «قد تم القيام بالكثير في مواجهة داعش ويجب أن نفخر به، ولكن وقف التدفقات المالية ضروري لمكافحة أكثر فعالية للمنظمات الإرهابية»، علماً أن إيطاليا هي المساهم الثاني بعد الولايات المتحدة في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش. تأهب عالٍ وأخيراً، يحذر تقرير الاستخبارات الإيطالية من «استمرار الدعاية على شبكة الإنترنت لصالح تنظيم داعش باللغة الإيطالية التي توظف على مستويات مختلفة: من التجنيد إلى المحافظة على الاتصالات مع العناصر التي تعيش في الداخل والخارج»، وهو ما تسعى الأجهزة الأمنية إلى السيطرة عليه من خلال نشاط مكثف شهده العام الماضي لحجب المواقع التي تروج للإرهاب وتدعو إليه. وفي تعليق على مضمون التقرير، أكد رئيس الوزراء باولو جينتيلوني أن الأجهزة الأمنية في البلاد لا تزال تبقي على مستوى التأهب عالياً، معرباً عن تقديره للدور الحاسمي لأجهزة الاستخبارات في الحفاظ على الأمن.
مشاركة :