أكد خبراء مصرفيون، على قدرة البنوك العاملة في الدولة على التكيف مع تبعات تحمل ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، عن العملاء الأفراد نظراً لما تتمتع به من موقف مالي قوي وبمستويات مرتفعة من رأس المال ومعدلات جيدة من السيولة والربحية. وقال الخبراء في تصريحات لـ«البيان الاقتصادي»، إن البنوك لديها من الآليات التي تمكنها من تمرير جزء من الضريبة إلى المستخدمين النهائيين منها زيادة الرسوم على الشركات باعتبارها غير ثابتة، ورفع الفائدة على بعض المنتجات وتخفيض العائد على الودائع ولكن قد يؤثر ذلك على المنافسة بين البنوك على جذب عملاء جدد أو إتاحة منتجات بأسعار تنافسية للعملاء الحاليين. وذكر هؤلاء أنه من المرجح أن يتراوح حجم تأثير فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة تتراوح بين 2 و5% على الدخل الصافي للبنوك خلال العام الحالي. وألزم المصرف المركزي البنوك وشركات التمويل العاملة بالدولة، بتحمل ضريبة القيمة المضافة التي بدأ تطبيقها اعتباراً من مطلع العام الجاري بنسبة 5%، على معظم السلع والخدمات بالدولة لحين صدور تعليمات أخرى. وجاء في إشعار أصدره المصرف أواخر ديسمبر الماضي حول «توضيحات بشأن تطبيق ضريبة القيمة المضافة» أنه يجب على البنوك وشركات التمويل أن تمتثل لنظام المصرف المركزي رقم 29/2011 بخصوص القروض المصرفية والخدمات الأخرى المقدمة للأفراد كما يجب أن تكون رسوم الخدمات المتحصلة من العملاء ضمن الحدود المبينة في النظام ولا يسمح للبنوك وشركات التمويل أن تتجاوز هيكل الرسوم المحدد بالنسبة للعملاء الأفراد بسبب ضريبة القيمة المضافة. دراسة ومن جهته أكد مبارك راشد المنصوري، محافظ مصرف الإمارات المركزي، أن المصرف يقوم حالياً بدراسة مستويات وهيكل الرسوم الخاصة بخدمات البنوك، للتأكد من مدى مناسبتها من عدمه، وذلك رداً على قيام بعض البنوك بتحميل الضريبة على العملاء بالمخالفة لقرار المصرف. وأضاف في تصريحات على هامش «ملتقى أسواق المال العالمية التاسع» مؤخراً، أن الهيئة الاتحادية للضرائب لم تحدد الجهة التي ستدفع الضريبة ولم تشترط تحميلها على العملاء ولكن من المهم أن تدفع الضريبة للدولة. وأضاف المنصوري أن المصرف المركزي طالب البنوك مؤخراً بضرورة الالتزام بمستويات الرسوم المعلنة والمحددة سلفاً لحين دراسة مدى مناسبتها للوضع الحالي. نتائج قال عبد العزيز الغرير، رئيس اتحاد مصارف الإمارات إن «المركزي» يعمل في الوقت الحاضر على دراسة الوضع وتقييم تأثير تحميل البنوك الضريبة على أداء القطاع، متوقعاً صدور نتائج تلك الدراسة والتي سيتم بموجبها تحديد من سيتحمل ضريبة القيمة المضافة على خدمات البنوك خلال الشهرين المقبلين. وحول قيام بعض البنوك بتمرير ضريبة القيمة المضافة للعملاء من خلال رفع الرسوم أو خفض معدلات الفائدة على الودائع، أضاف الغرير، إن معظم البنوك ملتزمة بتحمل القيمة المضافة على الخدمات المسّعرة للأفراد، ولكن العميل لا يزال يتحمل الخدمات الأخرى غير المسعّرة وخدمات الشركات الكبيرة، ونحن ننتظر توجيهات المركزي بهذا الشأن. التكيف وقال أمجد نصر الخبير المصرفي، إن البنوك تبقى قادرة على التكيف مع آثار تحمل القيمة المضافة نظراً لما تمتاز به من قوة وكفاية رؤوس أموالها، رغم أنها لم تكن معتادة على الضرائب بعكس فروع البنوك الأجنبية التي تتحمل ضريبة على الشركات. وأوضح أن تحمل البنوك للضريبة يعتبر تحدياً خاصة وأن قطاع الخدمات المصرفية للأفراد (عملاء التجزئة) يمثل بين 40 و60% من إجمالي الخدمات المصرفية وهو مصدر مهم للإيرادات ما يجعله عاملاً مؤثراً على زيادة التكاليف ما يضغط على الربحية نتيجة تأثر العمليات التشغيلية. وأضاف إن من بين تأثير تحمل الضريبة على البنوك بأن دورها بشكل عام بدأ ينحسر خاصة على مستوى خدمات الأفراد لذا نرى العديد من البنوك اليوم تقلل خدمات التجزئة وتركز على الشركات وتمويل التجارة والشركات العابرة للقارات. آليات وأوضح أمجد نصر، أن البنوك لديها من الآليات التى يمكن من خلالها تمرير جزء من الضريبة إلى المستخدمين النهائيين منها زيادة الرسوم على الشركات باعتبارها غير ثابتة، ورفع الفائدة على بعض المنتجات وتخفيض العائد على الودائع ولكن قد يؤثر ذلك على المنافسة بين البنوك على جذب عملاء جدد أو إتاحة منتجات بأسعار تنافسية للعملاء الحاليين. وأوضح أن تعميم المركزي يأتي في إطار رؤيته للقطاع المصرفي للوقت الراهن ولكن إذا ارتأى غير ذلك في مرحلة لاحقة بناء على الدراسات والملاحظات الواردة من القطاع يمكنه تغيير التعميم بحيث يحمي القطاع المصرفي من جانب وعدم الضغط على العملاء من جانب أخر. وتوقع أن يتم إعادة النظر في تعميم المركزي ومراجعة موضوع تحمل البنوك لضريبة القيمة المضافة المطبقة بالتشاور مع الجهات المعنية، على أن يكون هناك تعميم آخر في نهاية النصف الثاني من العام الجاري. تأثير طفيف من جهته، أكد الخبير المصرفي، سامي العوضي، إن البنوك ستتأثر بتحمل القيمة المضافة ولكن يبقى للمصرف المركزي رؤيته الخاصة بمقتضيات المصلحة العامة للقطاع المصرفي في الدولة. وقال العوضي: سيكون تأثير فرض ضريبة القيمة المضافة على البنوك المحلية بدوره سلبياً - ولكن بشكل طفيف –على الإيرادات والأرباح، حيث سيؤدي إلى رفع التكلفة التشغيلية مشدداً على أن القطاع المصرفي الإماراتي يتمتع برأس مال جيد. وأوضح أنه من السابق لأوانه تحديد ما إذا كان المركزي سيعيد النظر في التعميم أم لا في ظل وجود طلب من جانب اتحاد المصارف بذلك ولا تزال المفاوضات جارية حتى الآن. استيعاب وقال الخبير المصرفي محمد الشاذلي إن البنوك العاملة في الدولة قادرة على استيعاب آثار تحملها ضريبة القيمة المضافة لا سيما وأن تطبيقها جاء في وقت تتمتع فيه بموقف مالي قوي وبمستويات مرتفعة من رأس المال ومعدلات جيدة من السيولة والربحية. ولفت إلى أن تأثير ضريبة القيمة المضافة على البنوك المحلية سيكون ضئيلاً، مستبعداً أي تأثيرات كبيرة على ربحية العام الحالي بسبب ارتفاع التكاليف التشغيلية نتيجة لتحمل ضريبة القيمة المضافة. وأوضح أنه في حال وجود تأثيرات متوقعة على البنوك ستتراوح بين 3 و5% على الإيرادات التشغيلية. ولفت إلى أن الهيئة الاتحادية للضرائب هي الجهة الوحيدة في الدولة المسؤولة عن إعداد التشريعات الضريبية، وقد أفادت بأن ضريبة القيمة المضافة يتحملها المستهلك النهائي لذلك كان من غير المتوقع أن يقوم المصرف المركزي بإصدار تعليمات أخرى. محدود وقال ميك كابيا المحلل الائتماني المعني بالقطاع المصرفي دى وكالة موديز لخدمات المستثمرين، إن تأثير تطبيق القيمة المضافة على القطاع المصرفي بالدولة يبقى محدوداً. وأضاف كابيا، إن دخل البنوك من الرسوم لا يزيد على نسبة تتراوح بين 20 و30% من دخلها الإجمالي بينما الفائدة على الإقراض تمثل الحصة الأكبر من عوائد البنوك، ما يحد من تأثير فرض القيمة المضافة على القطاع المصرفي بصفة عامة. 5.2 % تأثير «المضافة» على صافي الدخل قيّم محمد دمق، الرئيس العالمي للتمويل الإسلامي لدى وكالة «ستاندرد آند بورز»، حجم تأثير ضريبة القيمة المضافة على ربحية البنوك في الإمارات في 2018، بأنه سيتراوح من 2 ـ 5% من إجمالي الدخل الصافي للبنوك بنهاية هذا العام، وذلك بحسب ما إذا كانت البنوك ستقوم بامتصاص الضريبة أو تقّرر أن العميل هو من سيتحمل عبئها. وأضاف في تصريحات خاصة لـ«البيان الاقتصادي»: «سيعتمد ذلك كذلك على الطريقة التي ستعوّض بها البنوك موظفيها مقابل التضخم الذي سيرتفع بسبب الضريبة». وحول ما يمكن للبنوك عمله لتخفيف تأثير الضريبة على أرباحها، قال دمق: «يعتمد ذلك على قرار البنوك في تحديد الشرائح التي قد يتم فرض الضريبة عليها».
مشاركة :