لندن - حمل قادة الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا بصورة مشتركة، روسيا مسؤولية استخدام غاز أعصاب لتسميم العميل الروسي السابق سيرجي سكريبال، فيما أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيتخذ في الأيام القليلة القادمة حزمة إجراءات عقابية ضد روسيا، لم يستبعد محللون أن تكون شبيهة بالعقوبات البريطانية المعلن عنها الأربعاء. ووصف بيان القادة هذه الواقعة “بأول استخدام هجومي لغاز أعصاب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية”، مؤكدين أن “هذا الهجوم يهدد أمننا جميعا”. وأضاف البيان أن الهجوم “يمثل اعتداء على سيادة المملكة المتحدة، وأي استخدام من هذ القبيل من جانب أي دولة يمثل انتهاكا واضحا لمعاهدة حظر الأسلحة الكيميائية وخرقا للقانون الدولي”. وأوضح البيان أن بريطانيا أخبرت حلفاءها بأنه “من المحتمل بصورة كبيرة أن روسيا كانت مسؤولة عن الهجوم”. وتابع “نحن نشارك المملكة المتحدة في تقييمها بأنه لا يوجد أي تفسير واضح بديل، ونشير إلى أن عدم رد روسيا على الطلب المشروع الذي تقدمت به حكومة بريطانيا يؤكد بصورة أكبر مسؤوليتها”. ديمتري بيسكوف: الرد على عقوبات بريطانيا لن يتأخر وبالطبع سنختار الأفضل لشعبنا ويأتي هذا الموقف الموحد للدول الأربع غداة إعلان رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي عقوبات ضد روسيا محملة إياها مسؤولية تسميم الجاسوس الروسي السابق. وأعلنت رئيسة الحكومة البريطانية، الأربعاء، حزمة عقوبات ضد روسيا من بينها طرد 23 دبلوماسيا وتعليق جميع الاتصالات عالية المستوى معها لدورها في التآمر على تسميم العميل المزدوج السابق سيرجي سكريبال بغاز الأعصاب. وقالت رئيسة الحكومة إن لا أحد من أفراد العائلة الملكية البريطانية أو أي مسؤول بريطاني رسمي سيحضر مباريات كأس العام 2018 التي تستضيفها روسيا، في تأكيد قوي على أن بريطانيا لن تسمح لأي كائن من كان بما في ذلك روسيا المس بأمنها القومي. ونوهت ماي بأنها لن تسمح لعملاء الاستخبارات الروس بالبقاء على الأراضي البريطانية، في إشارة إلى الدبلوماسيين المطرودين، ومنحتهم أسبوعا لمغادرة البلاد. ومع بلوغ العلاقات مع موسكو أسوأ مستوياتها، في أعقاب الهجوم على الجاسوس السابق سيرجي سكريبال وابنته جوليا، اقترحت ماي شن هجمات انتقامية سرية ضد الهجمات الروسية السيبرانية، مؤكدة أن حزمة العقوبات “ستؤدي إلى تدهور مقدرة الاستخبارات الروسية في المملكة المتحدة”. ودعت وزارة الخارجية البريطانية إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لإطلاع الأعضاء على مستجدات الأمور، فيما ينتظر أن يطلع مجلس حلف شمال الأطلسي (ناتو) على تطورات القضية. واتهم ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، الخميس، روسيا بمحاولة زعزعة استقرار الغرب، مشيرا إلى أنه سيلتقي وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون الاثنين القادم في بروكسل لبحث هجوم غاز الأعصاب الذي وقع على أراض بريطانية. وقال ستولتنبرغ إن بإمكان بريطانيا الاعتماد على تضامن حلف شمال الأطلسي، لكنه ذكر أن لندن لم تطلب تفعيل بند الدفاع المشترك لدى الحلف، كما لم تطلب المساعدة في التحقيق. وأضاف “وقع الهجوم في سالزبري في إطار نمط رأيناه على مدى سنوات عديدة”، في إشارة منه إلى روسيا، مؤكدا “نستجيب للأمر بوسائل كثيرة ومختلفة”. وأكد أن الهجوم يأتي في سياق ضم موسكو لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا، ودعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا، ووجودها العسكري في جورجيا ومولدوفا، والتدخل في شؤون غرب البلقان و”محاولات تقويض الانتخابات والمؤسسات الديمقراطيتين”. وتأتي هذه التطورات، بعد أن انقضت مهلة حددتها لندن لكي توضح موسكو كيفية استخدام غاز أعصاب، روسي الصنع، في تسميم سكريبال (66 عاما) وابنته جوليا (33 عاما) في مدينة سالزبري في جنوب شرق إنكلترا. وتنفي موسكو علاقتها بحادثة تسميم العميل سكريبال، مؤكدة أن لندن تحاول تحويل الانتباه عن بريكست بقضية الجاسوس السابق. واتهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الحكومة البريطانية باستخدام قضية تسميم الجاسوس الروسي السابق بهدف “تحويل الانتباه” عن صعوباتها المتصلة ببريكست. وقال لافروف “من الواضح أن لندن في وضع صعب جدا في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حول بريكست”. وأضاف “شعبية هذه الحكومة تتراجع باستمرار”، مؤكدا أن “هذا الأسلوب في ترتيب أعمال استفزازية محورها سيرجي سكريبال يصرف النظر” عن ذلك. وجهات نظر متناغمة وأعلن وزير الخارجية الروسي أن بلاده تدرس الرد المناسب على العقوبات البريطانية، فيما أكد الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن الردّ لن يتأخر. وقال بيسكوف إن “القرار سيتخذه الرئيس وليس هناك من شك بأنه سيختار الأفضل لمصالح روسيا”، مضيفا “نحن بالطبع قلقون إزاء هذا الوضع. إنه يحمل كل مؤشرات الاستفزاز”. وأضاف أن “الجانب الروسي ليست له أي علاقة بهذا الحادث الذي وقع في سالزبري”، فيما اعتبرت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الاتهامات ضد روسيا سخيفة. وتصدر خبر إصابة العميل الروسي السابق المقيم في لندن بالتسمم، عناوين الصحف البريطانية الثلاثاء الماضي، حيث ذكرت صحيفة “ديلي ميل” أن سكريبال ربما كان هدف “ضربة” انتقامية من زملائه السابقين. وقال وليام برادر مدير صندوق بريطاني للتحوط ترأس حملة ضد الكرملين بعد مقتل موظفه السابق سيرجي ماغنتسكي أثناء احتجازه في روسيا، إن “الاشتباه الأول” هو أن موسكو ضالعة في الحادثة، مشيرا إلى أن الكرملين “يعتبر هذا الرجل خائنا لروسيا”. وأضاف “لهم تاريخ في الاغتيالات في روسيا والخارج، ولهم تاريخ في استخدام المواد السامة بما في ذلك في بريطانيا”.
مشاركة :