حمل فوز الجمهوريين بالأغلبية في مقاعد مجلس الشيوخ -إلى جانب مجلس النواب الذي يسيطرون عليه منذ العام 2006- وحكام الولايات يعني تقلص صلاحيات الرئيس أوباما وشل سياساته خلال العامين المتبقيين له في البيت الأبيض لاسيما بعد أن اعتبر العديد من المراقبين أن تلك الانتخابات تعد بمثابة استفتاء ضد باراك أوباما الذي يحملونه مسؤولية سلسلة أخطاء مثيرة للجدل مثل الفضيحة السياسية في الضرائب وعدم التحضير لمواجهة وباء إيبولا والنزاع السوري، وأيضًا بعد 11 شهرا من دخول نظام الإصلاح الصحي حيز التنفيذ وكلفته العالية التي ستتحملها الخزينة الأمريكية من الآن وصاعدًا. هذا الفوز الذي توقعه غالبية المراقبين واستطلاعات الرأي التي أجريت عشية الانتخابات النصفية أعطى المؤشر بأن المرجح أن يكون الرئيس الأمريكي القادم من الحزب الجمهوري، مع الاحتمال الأكبر بأن يكون من المحافظين الجدد، وبما يعني أيضًا أن الولايات المتحدة تقف أمام حقبة جديدة تتسم بعودة شهيتها إلى الحروب وإعادة بناء تحالفها الإستراتيجي التقليدي مع إسرائيل التي تدعي أن علاقاتها مع واشنطن تدهورت بشكل غير مسبوق في عهد الرئيس باراك حسين أوباما بالرغم من الدعم الكبير الذي قدمته إدارة أوباما لتل أبيب على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية خلال الستة أعوام الماضية. تجدر الملاحظة هنا أنه في خضم التردي الذي شهدته العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية في الآونة الأخيرة والتي وصلت إلى ذروتها عبر نعت مسؤول كبير في الخارجية الأمريكية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه «حقير وجبان» – على حد قول هذا المسؤول- في خضم هذه الأزمة في العلاقة بين البلدين جاء تصريح نتنياهو قبيل الانتخابات النصفية بأنه «شطب إدارة أوباما» ويعتزم مخاطبة الكونجرس والشعب الأمريكي مباشرة «اعتبارًا من الآن» بمثابة إشارة واضحة منه بأن الديمقراطيين سيخسرون الانتخابات ، وأن تل أبيب تنوي تجاوز الرئيس أوباما خلال فترة العامين المتبقيين من ولايته والتوجه إلى الكونجرس الذي يعتبر الحليف الأول والداعم الأكبر لها. بيد انه توجد دلالة أخرى لا تقل أهمية، وهي أن إسرائيل في ظل هذا الوضع المواتي لها سيكون لها مطلق الحرية في اتخاذ ما تراه من إجراءات وانتهاكات في التعامل مع الفلسطينيين خلال ما تبقى من ولاية أوباما الثانية، وأيضًا في التعامل مع الملفات الأخرى مثار الجدل التي كان الخلاف يحتد حولها بين الإدارة والكونجرس خاصة فيما يتعلق بالملف النووي الإسرائيلي والأزمة السورية. المثل الدارج « تجري الرياح بما لا تشتهي السفن» ينطبق بشكل كبير على مشهد الانتخابات النصفية ودور اللوبي الإسرائيلي والعلاقات الخاصة التي تربط واشنطن وتل أبيب إذ لابد وأن يصرخ المواطن الأمريكي ذات يوم: إلى متى تظل السياسة الخارجية الأمريكية رهن اللوبي الإسرائيلي ومصلحة تل أبيب؟.
مشاركة :