يعد السوق القديم في محافظة الخرمة واجهة الماضي التليد، وما إن يذكر في خبر أو يسمع في قصة من القصص التي سطرها الآباء والأجداد حتى تحن له الأنفس من أبناء الخرمة لذلك المكان، فقد كان في الماضي مجمع غالبية أهالي المحافظة وكان المركز الرئيسي لتجار الخرمة ومحافظاتها المجاور كرنية وتربة، وغالبية اهتمامهم بالبيع والشراء بكافة الأنشطة التجارية في ذلك الوقت. إلا أن واقع الحال تبدل، فطالته يد الإهمال من بعض القطاعات الخدمية، حيث لم يعد يتواجد بالسوق إلا كبار السن. وخلال جولة لـ «عكاظ» في سوق الخرمة القديم، تحدث عدد من الأهالي مبديا أسفه عما آل إليه حال السوق، حيث قال علي مطلق دراج: في الزمن البعيد كان يوجد بالسوق كل شيء وكانت الحركة دؤوبة، أما اليوم فالعكس تماما حركة السوق شبه معدومة إلا فيما ندر، وهذه الحركة غالبا ما تكون في يوم الجمعة عند قدوم المصلين إلى المسجد الجامع، والمعروف في المحافظة بهذا الاسم وكان يعتبر ملتقى لأبناء المحافظة والمحافظات المجاورة، وأضاف بأن السوق القديم مهمل، حيث يفتقد إلى الخدمات التطويرية التي تواكب نهضة البلد، والسبب يعود إلى إهمال البلدية والمجلس البلدي في تنفيذ وتوفير العديد من الخدمات بالسوق. يشاطره الرأي عبدالله الحلاف إذ أوضح أن السوق القديم ضعف بالكامل، ورواده معظمهم من كبار السن وغالبية زبائنه لايأتون إلا في أوقات نادرة، أما بعد صلاة العصر أو في الشتاء بسبب وجود الحطب قديماً، ولأن غالبية البائعين في السوق الآن خصصوا بيع الحطب قبل صدور قرار منعه كموقع هنا، مطالباً المجلس البلدي والبلدية الاهتمام بالسوق القديم الذي فقد بريق الماضي بسبب التوزيع الجغرافي للمحافظة وانتقال العديد من سكانه إلى الأحياء الراقية، فيما انتقل البعض الآخر إلى خارج المحافظة، بالإضافة إلى انتشار الأسواق الحديثة، ما تسبب في إهمال السوق القديم وبيعت محلاته وتولى إدارتها العمالة الأجنبية. وأوضح سعود خالد السبيعي أن الأهالي أصبحوا يسمونه السوق المنسي وليس القديم، وذلك لنسيانه من الخدمات وأقرب مثال الحلقة الموجودة، وتساءل لماذا لا يستفاد منه بدلا من إغلاقه ولماذا لم تحظ بتطوير الخدمات وأردف بأن غالبية سكان السوق القديم اليوم من كبار السن والمسنين التي تتعطل مصالحهم بسبب خروجهم لقضاء حاجياتهم؛ لأن منهم المقعد والضرير، مبيناً أن الجهات المعنية وفرت الإمكانيات من خلال وجود التثمين، ولكن البلدية بالمحافظة لا تولي المكان وساكنيه اهتماما أكبر. محمد سعد العبيسي أحد سكان السوق القديم أكد على ضرورة أن يخضع السوق للإشراف التام من البلدية والمجلس البلدي، لتعمل على إعادته إلى سابق عهده، ليظل واجهة حضارية تراثية تعكس قدم المحافظة، مطالبا بعرض مشاركات الأسر المنتجة في السوق القديم، حيث إن عددا لا بأس به من الأسر يعتمد على التراث كمصدر دخل رئيسي له، مضيفا أن أصوات أهالي الحي طالبت عدة مرات بتهيئة الموقع، لكن دون جدوى فهناك عمالة وافدة تبيع كل شيء دون رقابة أو منع، مناشدا الجهات ذات العلاقة بالاهتمام بهذا التراث، مؤكدا أن الوضع الحالي لسوق المحافظة الشعبي مثير للشفقة. من جانبه أوضح مصدر في بلدية الخرمة لـ «عكاظ» بأن ما يسعدهم هو تطوير السوق القديم، لأنه يعكس تاريخ المحافظة، ولكن المشكلة والعائق المسبب لعدم الاهتمام بالسوق، هو أن غالبية ممتلكات السوق القديم تعود إلى أملاك خاصة، وهذه الأملاك تخص أناسا منهم المتوفى، وآخرون خارج المحافظة، ولا يعرف لهم وجهة، كما أفاد المصدر بأنه تم رفع خطاب إلى الأمانة بهذا الشأن حيث وجهت لدراسة وتطوير السوق القديم بالطرق المثلى، كما تم عقد اجتماع ما بين البلدية والمجلس البلدي بهذا الخصوص وأقر الجميع وأيد تطوير السوق القديم. من جهته أوضح لـ «عكاظ» رئيس المجلس البلدي في الخرمة سعد علي الشريف أنه تم عمل جدولة لإعادة نشاط وحيوية السوق القديم من خلال تفعيل سوق الخميس التراثي، بالإضافة إلى دعم الأسر المنتجة من خلاله، إلا أن الظروف المكانية الحالية والمتمثلة في هدم وإعادة بناء المسجد الجامع حالت دون ذلك، مبينا في الوقت ذاته بأنه تم تأجيل ذلك بسبب ضيق الساحات، مختتما بالقول: سيتم دعوة هيئة السياحة من أجل دعم السوق فور إعادة بناء المسجد الجامع.
مشاركة :