عميد سوري منشق يروي حكايته مع صديقه "بشار الأسد": بائع الآيس كريم يرأس سوريا

  • 11/7/2014
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

صحيفة المرصد :لم يكن حافظ الأسد يتصور يوما أنه سيوكل الرئاسة السورية وحزب البعث وقيادته إلى ابنه بشار، إذ بعثه إلى إسبانيا لدراسة طب العيون. إلا أن الحادث الملتبس على طريق مطار دمشق الدولي الذي قتل فيه نجله البكر باسل اضطره أن ينظر إلى بشار كخليفة له. وعلى قاعدة مصائب قوم عند قوم فوائد توفي الأسد الأب ليرث بشار حكم سوريا ومن عليها بإخراج بعثي متقن من الحرس القديم رفاق والده الذين عدلوا الدستور ومنحوه الرتب العسكرية في أقل من ساعة واحدة ليكون خليفة لسلف ليس بالسهل أن تجد له من يخلفه. وفقا لصحيفة عكاظ يروي العميد الركن المنشق عن الجيش السوري محمد أنور سعدالدين حكاية وصول بشار إلى الرئاسة. ● كيف تعرفت على بشار وأين كان ذلك؟ ●● معرفتي ببشار تعود الى عام 1995، حيث علمنا في القيادة العسكرية أن الرائد الطبيب بشار حافظ الأسد موجود في دورة الأركان التي نخضع لها، وكان أبرز مرافقيه المقدم محمد سليمان، الذي قتل لاحقا لأسباب مجهولة في مجمع الرمال الذهبية في طرطوس. وفي أول لقاء، اقتربت منه وعرفته بنفسي، كان متواضعا، رحب بي واطمأن مني على أمور عديدة وعلى منطقة الرستن (مسقط رأسي في حمص)، كوني كنت الوحيد في هذه الدورة من الرستن. كان شقيقه باسل في الرستن آنذاك، فأخذتنا الأحاديث في هذا الصدد، وكانت أغلب أحاديثنا تدور في فترات الاستراحة، لكن ليس بشكل يومي، علما بأنه كان يتواجد بشكل دائم في الساحة العامة للأكاديمية. وكونه كان طبيبا لوحظ أنه يعتمد على مرافقه محمد سليمان في كافة الاستشارات العسكرية والقانونية، حتى طلبات الضباط التي كانت تصله كان سليمان يتابعها ويصدر القرارات بشأنها. ● ما نوع الطلبات التي كانت تقدم له؟ ●● كثيرة، ذات مرة تقدم منه أحد الضباط وأخبره أنه لا يملك جهاز تلفزيون في منزله، لأن الرواتب كانت متدنية، ففوجئ بشار بذلك، (علما بأن هذا كان الجو السائد في سوريا، إذ يمنع الاستيراد)، في اليوم التالي استحصل لنا من والده حافظ الأسد على أمر يقضي بموجبه أن يمتلك كافة الضباط أجهزة تلفزيون (بالتقسيط طبعا). وحدث أيضا أن تقدم منه ضابط يخبره عن فساد ورشاوى داخل الجيش فكانت ردة فعله مفاجئة، ما يشير إلى أنه لم يكن على دراية واطلاع بالأمور العسكرية أو يمكن القول إن أحدا لم يطلعه على هكذا ملفات، فما كان منه إلا أن طلب من مرافقه المقدم محمد سليمان التحقيق في الشكوى، وسليمان كان معروفا عنه مزاجيته وأنانيته وحرصه على مصالحه الخاصة، فاستغل بذكائه ضعف بشار الأسد وبدأ يسير الأمور كما يشاء. ● كيف كانت علاقتك بالمقدم محمد سليمان مرافق بشار؟ ●● ما عكر على سليمان صفوه، هو قربي من الرائد بشار الأسد في تلك الفترة، فقد تجاوزته وهو الموجود في نفس المجموعة التي كنت أدرس فيها، واللقاءات كانت تجمعني بسليمان أكثر مما جمعتني ببشار، فحذرني بعدم الاقتراب من مدير إدارتنا، فإدارة المركبات لها ميزانية بالمليارات لما تستورده من دبابات وسيارات وقطع تبديل وأجهزة مخارط ومفارز وأجهزة ميكانيكية، فحذرني قائلا بالحرف الواحد: إذا اقتربت من فلان وفلان، سأنهيك، وكان تهديده سلسا غير فظ، فشبكة هذه العلاقات التي كان يحيط سليمان نفسه بها كانت من أجل اقتسام الإرث المالي الموجود في الميزانية السنوية. وتمكن سليمان من تحييدي عن اللقاء ببشار الأسد خلال الدورة ونجح في ذلك، خاصة أن بشار لم يكن يملك شخصية مستقلة. ● ماذا حقق بشار من دورة الأركان هذه، وهل نجح فيها؟ ●● (ضاحكا).. خلال الامتحانات الثلاثة التي خضعنا لها خلال الدورة، خاصة في الامتحان الأول الذي كان يسمى مرحلة اللواء، نال بشار الأسد درجة مقبول، فيما نال سليمان درجة جيد جدا. وبعد إعلان النتائج وجدت بشار منزعجا، فاقتربت منه وسألته إن كانت نتيجة الامتحان سبب انزعاجه، فرد: لو أنني لا أستحق هذه الدرجة لماذا نلتها، وهنا تدخلت وقلت: هناك أشخاص غيرك لا يستحقون درجة مقبول ونالوا جيد جدا، فسألني عن الشخص الذي أقصده، فأجبته مباشرة: إنه مرافقك سليمان، لم يكن بشار على علم أن سليمان نال درجة أعلى من درجته، فسألني مستغربا: هل تقصد أن سليمان نال علامات لا يستحقها؟. فاقترحت عليه أن يطلب تشكيل لجنة لفتح أوراق الامتحانات وأن تتم مقارنة الخطوط، والتأكد إذا كان سليمان هو من أجاب على امتحانه، واستدركت الأمر فأضفت: الأرجح أنه حصل على الإجابات قبل الامتحان. وشرحت له بأن سليمان كان يمكث في قاعة الامتحان لدقائق معدودة ويغادر، فيما يستغرق الامتحان من باقي الضباط ساعات. وكان فاضحا امتحان الخرائط (ويتضمن التخطيط لعمل قتالي وتأمينه فنيا وعسكريا) حيث كانت مدة الامتحان 6 ساعات ولم نتمكن حينها من إنجاز 80%، فيما استغرق مع سليمان 4 ساعات فقط ونال العلامة القصوى (80)، فيما حصلنا نحن على 60 درجة. فطلب مني بشار أن أتقدم بشكوى لمدير الأكاديمية أحمد كرم، وكان معروفا عنه الاعتدال ووقوفه على الحق، وعندما علم بأمر شكواي، سألني إن كنت أريد علامات إضافية، فرفضت، لأنه في يوم من الأيام سيقول لي: زودت لك علامات الامتحان وأنت لم تكن تستحقها. ومرت هذه المرحلة دون أن نتوقف عندها. ● ما هي الحكاية التي تذكرها مع بشار وتشير إلى طبيعة شخصيته؟ ●● أحد العمداء في الجيش يأتي إلينا ويبقى على مقربة منا، أثناء لقائنا ببشار، فسأل أحد الضباط بشار: ماذا يفعل العميد هنا؟، فأجابه: أتى للقلقة.. أو ربما يريد أن يشي بأحد، أو يريد إبعاده لأنه قطع عنه المال. كان بشار يعلم أن هناك من يعطي أمولا للعميد، وتبين لنا أن بشار لم يكن يوليه أيه أهمية، فيما العميد كان ينتظرنا لدخول الحصص حتى يتمكن من التحدث إلى بشار، لعله يوصل أخباره الى الرئيس حافظ الأسد، حتى أدرك العميد بعدها أن بشار لا يحيط بهذه الأمور وبدأ يلعب لعبته. فعلمنا بعد فترة أن العميد كان يريد إقالة قائد فوج 41، وبعدها أصبح قائد فوج 35 الذي كان مسيطرا لفترة طويلة على مطار بيروت الدولي، ولم يمر أي شخص بمطار بيروت إلا وعلم بأمره وأصبح مليارديرا فيما بعد، ولكن بعد استلام عميد آخر قيادة القوات الخاصة طلب نقله، وتحدث مع بشار لأنه لا يستطيع الحديث إلى الرئيس حافظ الأسد. فالجيش عبارة عن تيارات، تيار للعميد وتيار لآخر، والكيدية كانت واضحة المعالم في صفوف الجيش، إلا أن بشار من قلة ذكائه لم يخبر والده، بل طلب من العميد إقالة من الفوج، إلا أن العميد لم يقله. بشار لم يكن يجيد التصرف باتجاه النقاط الحساسة لا في الجيش ولا في غيره. وأي موضوع كنا نتقدم به الى بشار كان يؤكد لنا أنه خلال أسبوعين سيحل الأمر، وعندما نأتيه بعد أسبوعين يطلب منا أن نذكره بما كنا قد طلبنا منه في الأساس. وهذه كانت تشكل لنا مصيبة أن بشار دائم النسيان. لذلك كان بشار يعتمد على محمد سليمان الذي خضع لدورة في الاتحاد السوفيتي وكان حاذقا وتمكن من كسب ثقة بشار وهمش كل المحيطين به، وكل من حاول الوصول الى بشار عن غير طريق محمد سليمان لم يصل. رجل العصابات الخفي ● هل عدت والتقيت ببشار الأسد بعد الدورة؟ ●● بعد نحو سنة ونصف السنة أعطاني بشار رقم هاتف وأخبرني أنه رقم اللواء الخاص به فاتصلت به مرة بعد الانتهاء من الدورة فرد مدير مكتبه وقال لي: من أنت وماذا تريد؟ وقال لي إنه سيخبره باتصالي. لكن يبدو أنه لم يخبره بهذا الاتصال، فعدت والتقيت به في مهرجان أقيم بمؤسسة المعلوماتية التي أنشأها باسل الأسد.. اقتربت منه مباشرة وألقيت عليه التحية، فجن جنون محمد سليمان، إلا أن وفدا قاطعنا ليتحدث إلى بشار، فاستأذن مني لخمس دقائق ومضى الوقت ولم ألتق به منذ هذا اللقاء. ● من خلال معرفتك ببشار الأسد.. ماذا استخلصت عن شخصيته؟ ●● أدركت يقينا أن بشار غير قادر على القيام بأي عمل استراتيجي، وأن محمد سليمان كان يسيطر على أغلب المخططات الاستراتيجية الخاصة بالجيش ويسير كل الأمور من خلف بشار، ولم يتمكن مكتب أي وزير أو أي مكتب مخابرات رغم سلطة المخابرات القوية إلا على تنفيذ كلام سليمان، ولذي يمكن وصفه بـالرجل الخفي، الذي يريد ثمنا لكل شيء، فتحول الجيش الى عصابات تتناحر فيما بينها. ● عين رئيسا خلفا لوالده، كيف كان انطباعكم كرفاق له؟ ●● معرفتي ببشار الأسد خلال دورة الأركان جعلتني متأكدا أنه شخص غير قادر على اتخاذ القرار، ضعيف الشخصية، ضعيف الذاكرة، وتوصلت الى قناعة قد تفاجئ الكثيرين، وهي أن بشار لا يجيد الخطاب ولا كتابته، بل إن هناك من يعد له الخطابات التي يلقيها، على عكس ما تم الإيحاء به بعد اختياره رئيسا خلفا لوالده. ضعف شخصية بشار الأسد أدى الى سيطرة العميد محمد سليمان عليه ومصادرة كافة قراراته، وهنا يمكننا تفسير عملية اغتيال سليمان لاحقا، حيث ظلت عملية الاغتيال مبهمة التفاصيل رافقها حرص من أجهزة النظام على التعتيم والتكتم على كافة التفاصيل المحيطة بها. الأسد شخصية متواضعة، ضعيفة، غير قادرة على تخزين المعلومات، وعلى سبيل الذكر، يطلب من المحيطين به ومن الضباط تذكيره بما يريدون. هو بمنتهى البلاهة، كان يحب أن يلتقي بكل الناس، وهذا يعود الى بنيته كطبيب وليس كقائد عسكري، الأمر الذي جعلنا نشعر بقلق كبير عندما علمنا أنه سيكون رئيسا للجمهورية، لأن شقيقه باسل متوفى، وبالتالي كان هذا سببا في إصدار قرار بتحويل بشار من طبيب الى ضابط حربي، وهذا التعيين جاء طبعا في زمن النفاق، حيث كان الأب ممسكا للبلد في صغائرها وكبائرها. كان بشار الأسد صاحب الشخصية الألعوبة التي يسيرها محمد سليمان، وكنا نطلق عليه (فيما بيننا) صفة (بائع البوظة - ICE CREAM) كونه ضعيف الذاكرة. فبائع البوظة يعرفه كل أولاد الحي إلا أنه لا يتذكر أحدا منهم، وعندما كنا نريد الحديث عنه نقول مثلا: هل رأيت بائع البوظة، وهكذا دواليك... بشار الأسد شاهد ما شافش حاجة، على عكس والده الذي كان يمتلك الذكاء والثقة والإيحاء بأنه قادر ان يعرف كل شيء، ويعلم ما يدور في كل اجتماع يعقد بين ثلاثة سوريين، فالحكم ثقة أولا، ثم دهاء، ثم عدالة، وبشار الأسد فاقد للثلاثة. العميد الركن محمد انور سعد الدين يعتبر صاحب الرتبة الأعلى عسكريا الذي ينشق عن الجيش السوري مع بداية الثورة، هو ابن عائلة من مدينة الرستن في حمص والتي ولد فيها ايضا وزير الدفاع السابق العماد مصطفى طلاس، مدينة كل رجالها في المؤسسة العسكرية، فأشقاء سعد الدين من قيادات المدفعية البارزة وهما العقيدان قاسم وبشار، كذلك ابناؤه وابناء اشقائه مما جعل انشقاقهم يشكل ضربة قاسية وموجعة للنظام خاصة في مدينة حمص.

مشاركة :