بعد انتهاء عصر أسطوانات الجراموفون، ظهرت وسيلة جديدة لسماع الموسيقى وهى شرائط الكاسيت، قطعة البلاستيك المستطيلة التى طالما أمتعت أجيال السبعينيات وحتى أوائل الألفية، بألحان وأغان تفوق الوصف، فكان جمهور المطرب هو الجمهور العاشق لسماع الأغانى، يجلس داخل بيته أو فى سيارته، مستمعًا للكاسيت وهو مشغل شرائط الموسيقى. وظهر بعد ذلك الأسطوانات «سى دى» وبعدها ظهر الإنترنت، الذى يمكنك من سماع وتحميل مليارات الأغانى فى وقت قليل، لكن مهما حدث فإن الشرائط لن تنقرض.تلك الجملة التى لازمت لسان «ناصر الثورة» أقدم بائع شرائط ف مصر أثناء حديثه لـ«البوابة»، الذى ورث مهنة تجارة شرائط الكاسيت من شقيقه قبل أكثر من ثلاثين عامًا، وبدأ وقتها بكشك صغير، وضع فيه 20 شريطًا طالبًا الرزق، ولكن ما زاد مكسبه فى ذلك الوقت مثلما ذكر لنا هو براعته فى قص ملصقات الفنانين «البوسترات» وتعليقها على الحوائط بطريقة جذابة، بالإضافة إلى مطربين جيل التسعينيات، الذى قال عنهم ناصر إنهم كانوا دائمى التردد على أكشاك شرائط الكاسيت، لمتابعة طلب الزبائن على ألبوماتهم الجديدة.يحكى لنا ناصر موقفًا جمعه مع المطرب عمرو مصطفى والهضبة عمرو دياب ويقول: «عندما طرح ألبوم عمرو دياب الجديد «ليلى نهارى» عام 2004، قصيت البوستر ولصقته على الحائط بطريقة جذابة، فشاهده عمرو مصطفى الذى تجمعنى به صداقة قوية، وأبدى إعجابه به، والتقط صورًا له وأرسلها لعمرو دياب، ليتصل بعدها ويطلب الحديث معى، لم أصدق نفسى فى هذا الوقت، لقد تحدثت مع هضبة الغناء المصرى».ويضيف ناصر: «معظم المطربين أصدقائى لكن الأقرب إلى قلبى، هو المطرب محمد الكيلانى، فهو شخصية متواضعة وابن بلد، عشقت التعامل معه».وعن صناعة الشريط قال ناصر: فى البداية تستورد عجينة الشريط من الخارج، وتجمع معلومات المحتوى الغنائى على شريط البانكيك، وهو الشريط بنى اللون الموجود داخل الشريط، ثم يرسل لبعض المصانع لتجمع وينتج الشريط.وأشار ناصر: تجار الشرائط الآن أصبحوا قلة للغاية فهم ثلاثة أو أربعة، والمستمرون بها يرون أنها صاحبة الفضل عليهم، فقد كسبوا الكثير والكثير منها، وبالنسبة إلىّ فهى عشقى الأول لم أفكر يومًا فى تركها، ألاحظ التقدم التكنولوجى فقد أثر بالسلب كثيرًا على مهنة بيع الشرائط خاصة الإنترنت، وما يجهله البعض هو أن «الفلاشة» تقلل من جودة الأغانى فأستمع إلى شريط وفلاشة وأقارن بينهما، ورد فعلى على التكنولوجيا، هو الاحتفاظ بمهنتى مع معاصرة التكنولوجيا من خلال تجارة الأسطوانات وفلاشات الميمورى والوصلات والسماعات الحديثة.وعن المقارنة بين «السى دى» والشريط أوضح ناصر: بالطبع جودة السى دى تفوق جودة الشريط بسبب أنه يصنع بالليزر، كما أنه يدوم أكثر من الشريط، فالسى دى يتحمل عوامل المناخ بشكل قوى.وختم ناصر بالحديث حول المستمعين الحاليين للأغانى، وقال: حاليًا الجمهور المستمع للشريط يستمع إليه لأنه بينه وبين هذا الشريط ذكرى معينة، شخصًا ما استمع لتلك الأغنية من على هذا الشريط معه، فيظل معه كذكرى، أما الأسطوانات فيشتريها المستمع لغرض التباهى بها أمام أصدقائه، والجميع الآن يستمع للأغانى عن طريق الإنترنت، وجميع الوسائل الحديثة الأخرى، وأرى أن الفترة المقبلة هى فترة عودة الشرائط والأسطوانات، والمهنة لن تنقرض أبدًا وسأظل أعمل بها حتى أموت.
مشاركة :