غيب الموت البارحة أحد رواد الصحافة عبدالله بن عثمان القصبي رئيس بلدية جدة سابقا، الذي وافته المنية بمستشفى التخصصي بجدة، بعد رحلة حافلة بالإنجازات، وستتم الصلاة عليه ظهر اليوم في المسجد الحرام، حيث سيوارى جثمانه الثرى بمقبرة العدل في مكة المكرمة. والفقيد والد الدكتور ماجد، وأسامة، ومنى، ومي. وتتقبل أسرة القصبي التعازي في منزلهم الواقع بشارع التحلية بجدة، علماً بأن اليوم أول أيام العزاء. وأعرب عدد من المسؤولين والاعلاميين عن عميق حزنهم لوفاة الفقيد، معددين كثيرا من مناقبه وصفاته الحميدة، لما عرف عنه من حب الخير وطيبة القلب، ودماثة الخلق والالتزام الديني، مؤكدين إيمانهم بقضاء الله وقدره، سائلين المولى عزوجل أن يتغمده بواسع رحمته ويجعل مثواه الجنة ويلهمهم الصبر والسلوان. قال الدكتور ناصر بن محمد السلوم، وزير المواصلات الأسبق: لقد تعاملت مع الشيخ عبدالله القصبي، رحمه الله، منذ أن كنت وكيلا مساعدا للشؤون الفنية بوزارة المواصلات، وكان هو صاحب شركة كرا للمقاولات، وقد وجدت راحة تامة في التعامل معه، حيث كان يغلب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، فقد كان حريصا بأن يكون تنفيذ شركته على أفضل ما يكون، وكان يقترح علينا بعض التعديلات، وكان رأيه في كثير من الأحيان صائبا، وخلاصة ذلك أنه كان يؤدي عمله بأمانة وإخلاص. وأضاف السلوم: يعد الشيخ عبدالله القصبي، أول مدير عام سعودي لمصلحة الطرق والكباري، وقد كلف بهذا العمل من قبل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ عندما كان وزيرا للمواصلات، ومن خلال لقاءاتي المتعددة بالشيخ عبدالله القصبي، لمست فيه حبه لدينه ومليكه ووطنه، كما وجدته متصفا بالدقة في الإدارة، والحكمة في معالجة الأمور، والحرص على الأداء الأفضل، وكان قياديا بارزا له تجاربه في إدارة وتخطيط وتصميم الطرق. من جانبه يقول الإعلامي المخضرم وعضو مجلس الشورى سابقا الدكتور عبدالرحمن الشبيلي عن الراحل «صاحب قلم صريح، ورأي إصلاحي مستنير، توارى عن الأضواء في مزرعته بين مكة المكرمة والطائف، بعد أن فرغ نفسه من صحبة معدات المقاولات، ومعاناة المراجعات، وصداع المناقصات، وما يستتبعها من منغصات، تفرغ ليفتح ويقرأ ويتأمل ويكتب». لقد أسهم الراحل مع الأمير طلال بن عبدالعزيز في تأسيس وزارة المواصلات، وشارك في وضع هيكلها التنظيمي الأول عام 1373هـ (1953م)، وكان من بين اهتماماته في الوزارة أمور السكك الحديدية، وقد تلقى دورة تدريبية في بريطانيا في إدارتها، ثم عين بعد حين مديرا عاما لمصلحة الطرق، ثم رئيسا لبلدية جدة. وبعد استقالته عين مديرا لمؤسسات عبدالله هاشم ثم أصبح مديرا عاما لمؤسسة المدينة الصحفية لفترتين، وكان أحد أعضائها المؤسسين، وأحد كتابها المبرزين في تلك الفترة. وما زلت أذكر سلسلة مقالات جريئة ناقش فيها وضع المؤسسات الصحفة بوجه خاص، والإعلام السعودي بشكل عام في مطلع التسعينيات الهجرية، نشرها في جريدة المدينة. ثم برز اسم الشيخ عبدالله القصبي بوصفه واحدا من أبرز المقاولين السعوديين في مجالات التشييد والطرق والإنشاءات، وذلك في أعقاب تكوين مؤسسة «كرا» في عام 1388هـ، التي نفذت عددا من مشروعات المشاعر المقدسة وأنفاقها، كما تولى رئاسة مجلس إدارة شركة مكة للإنشاء والتعمير، وعدد من آخر من الشركات، وكان في بعض آخر عضوا في مجالس إدارتها. رحم الله الراحل وأسكنه فسيح جناته، وألهم أبناءه: ماجد وأسامة ومنى ومي الصبر والسلوان.. «إنا لله وإنا إليه راجعون». وبمشاعر الألم والحزن قال الاستاذ علي الرابغي إن الراحل كان رئيسا لبلدية جدة ويعد من الشخصيات المرموقة، حراك اجتماعي مرموق يمارس النقد بجرأة وخاصة على المسؤولين في البلديات، وكان أيام الملك فيصل رحمه الله، من يمارس النقد على مرفق من مرافق الدولة يعينه رئيساً لذلك المرفق لعله يطبق القول على الفعل. وأضاف: «إن الفقيد كان محل اعجاب الجميع وأصبح مضرب الأمثال يلقى دعماً مباشرا من الملك فيصل رحمه الله. وتابع: «كان يمتلك وعياً متفتحا ويقبل الرأي ويحترم الرأي الآخر، زاملته فترة مع الزميل الدكتور هاشم عبده هاشم، واحمد محمود، وعثمان السباعي، وعلي القرعاوي، وعبدالله القنيعير، وكانت فترة رئاسته لإدارة جريدة المدينة مرموقة، انتقل بعد ذلك إلى مجال الخدمات في المقاولات والبناء، اسهم بجهد واضح بفتح الأنفاق التي تربط العاصمة المقدسة بالمشاعر، وكان يمتلك إرادة لا تعرف الملل وعمر طويلا حتى اسلم الروح مساء البارحة وسط حزن عميق من الرواد وعارفي فضله ولكنه يظل من اولئك النخبة الذين تعيش بصماتهم كنزا يحدوه ملامح العطاء والمساهمة في البناء لشخص بهامة وقامة عبدالله القصبي. رحم الله الفقيد والعزاء كل العزاء للوطن ولأبنائه ماجد وإخوانه (إنا لله وإنا إليه راجعون).
مشاركة :