مقاتلات روسية في الأجواء الأوروبية، توغل وجيز فوق استونيا ومطاردة غواصة مشتبه بها في المياه السويدية.. كلها وسائل تستغلها روسيا بنظر محللين لاختبار الغرب كما في زمن الحرب الباردة، وبحسب قول محلل عسكري في موسكو: "لقد عدنا إلى الأساليب الكلاسيكية للحرب الباردة". وأعلن الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ في أثينا: "منذ مطلع العام تم اعتراض أكثر من مائة مقاتلة روسية أي أكثر بثلاث مرات من العام الماضي. هناك زيادة ملحوظة لكننا نقوم باللازم. نحن نعترض تلك الطائرات فنحن مستعدون للرد". وندد الحلف الأطلسي خلال أسبوع واحد، بسلسلتين من الحوادث شارك فيها سلاح الجو الروسي. ففي 22 أكتوبر، توغلت طائرة مخصصة لجمع المعلومات في المجال الجوي الاستوني على علو 600 متر ولمدة دقيقة في محيط جزيرة ساريما. وبعد ظهر الثلاثاء، ويوم الأربعاء الماضيين، أقلعت مقاتلات تابعة للحلف الأطلسي، ألمانية ونرويجية وبريطانية وبرتغالية وتركية ودنماركية وحتى فنلندية وسويدية، لاعتراض أربع مجموعات من الطائرات الروسية كانت تقوم بـ"مناورات" فوق المحيط الأطلسي وبحر البلطيق وبحر الشمال والبحر الأسود. واستعراض القوة هذا من خلال استخدام مقاتلات جوية وقاذفات وطائرات نقل يكشف بحسب الحلف الأطلسي عن نشاط "على نطاق واسع" و"غير معهود". في المقابل، اعتبر ايغور كوروتشنكو عضو المجلس الاستشاري لدى وزارة الدفاع الروسية: "الأمر مجرد استئناف لنشاط عسكري طبيعي لدولة حريصة على قدراتها القتالية والدفاعية. القوات الجوية تتدرب وتقوم بطلعات استطلاعية لنتبين أكثر نوايا زملائنا في الحلف الأطلسي". وأضاف كوروتشنكو: "اعتاد الغرب على أننا نتجنب الظهور. لكن ذلك انتهى، ونحن نعرف كيف نجعل الجميع يقر بمصالحنا الشرعية". من جهته، اعتبر بروكس تيغنر خبير شؤون الحلف الأطلسي لدى معهد آي اتش اس جاينز ديفنس ان "هذا النوع من الاستفزازات لم يتوقف منذ نهاية الحرب الباردة لكن لم يتم الإبلاغ عنه في السابق". وأضاف: "ما تغير هو أنه وبدلا من التحليق فوق الدائرة القطبية والنروج والسويد، باتت روسيا تتجه نزولاً نحو مناطق أكثر اكتظاظاً بالسكان، وضمن تشكيلات مركبة... حتى ان الناس يمكنهم رؤية الطائرات عندما تحلق فوق الجزر البريطانية او البلطيق". وأضاف تيغنر، أن "الأمر ليس مصادفة فروسيا تتبنى سلوكاً أكثر عدائية كما فعلت في أوكرانيا منذ مارس" مع ضم شبه جزيرة القرم وتقديم دعم للمتمردين الانفصاليين في شرق أوكرانيا. وكانت السويد نشرت قبل أسبوعين أكثر من مائتي جندي وزوارق خفية وكاسحات ألغام ومروحيات في بحر البلطيق بحثاً عن غواصة غامضة رآها العديد من الأشخاص مما يذكر بالعمليات التي كانت تنفذ في ثمانينات القرن الماضي بعد توغل لغواصات سوفياتية. واعتبر بافل فلنغهاور المحلل العسكري في موسكو: "لقد عدنا إلى الأساليب الكلاسيكية للحرب الباردة". وأضاف: "إنها لعبة توازن على شفير الحرب النووية، وبما أنه من غير الوارد اندلاع مثل هذه الحرب، فإن الجانب الآخر كان يقوم بتنازلات". وتابع فالغنهاور: "الهدف هو أن يرفعوا العقوبات وألا يتدخلوا في شؤوننا، وإشعار الأوروبيين بالخوف، وحملهم على الاعتقاد بأن روسيا قادرة على كل شيء"، مشيراً إلى أن "مثل هذه الحالات ستزداد وتيرتها". وقال ايغور سوتياغين الباحث في معهد "روسي" في لندن: إن "أسعار النفط متدنية جداً، وهذا يؤثر على العائدات الروسية، والعقوبات مؤلمة، وبالتالي فإن تحسين العلاقات مع الغرب بات شأناً ملحاً بالنسبة إلى بوتين". وأضاف: "إلا أن السبيل الوحيد لممارسة الضغوط لا يزال الجانب العسكري". فبوتين "حذر الأسبوع الماضي، بأن روسيا تستعد لمواجهة مع الغرب". وختم سوتياغين بالقول: "بوتين يهدد الغرب ليحصل على صداقته بالقوة وبشروطه".
مشاركة :