خليل الزياني.. ليس مجرد اسم في كرة القدم السعودية، بل تاريخ كبير وعريق في سماء منطقة الخليج، إذ برز اسمه في الستينات الميلادية مع فريقه الاتفاق قبل أن ينضم إلى التشكيلة السعودية الدولية التي كانت ستشارك في البحرين في أول بطولة خليجية لكرة القدم عام 1970، بيد أنه استبعد في اللحظات الأخيرة من ضمن 3 لاعبين شملهم الإبعاد في تلك الفترة. خليل الزياني الذي عرفته الجماهير السعودية مدربا أكثر مما هو لاعب صنع تاريخه الكبير مطلع الثمانينات الماضية مع فريقه الاتفاق بإحراز لقب الدوري السعودي الممتاز وقبل ذلك الفوز بكأس أندية الخليج عام 1983 لتأتي ليلة من ليالي التاريخ بالنسبة إليه ويتم الاتصال به ليلحق بطائرة خاصة ستقله مباشرة إلى العاصمة العمانية مسقط والسبب طرد المدير الفني البرازيلي ماريو زاجالو وتعيينه خليفة له في تدريب المنتخب السعودي الأول لكرة القدم بقرار جريء ومثير ولافت من الراحل الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز الرئيس العام لرعاية الشباب رئيس الاتحاد السعودي في تلك الحقبة الزمنية. يعتبر خليل الزياني واحدا من أبرز الأسماء التي برزت في دورات كأس الخليج، حيث كانت الدورة السابعة في مسقط بداية الانطلاقة الحقيقية له كمدرب للمنتخب السعودي والذي حقق معه إنجازات لا تنسى وفي مقدمتها تحقيق بطولة آسيا للمرة الأولى في عام 1984 والتي كانت بداية الإنجازات الكبرى التي تحققت للكرة السعودية. «الشرق الأوسط» حاورت عميد المدربين السعوديين خليل الزياني الذي تدرج في المناصب الفنية الإدارية حتى وصل لعضوية الاتحاد السعودي لكرة القدم، وكذلك نائب رئيس نادي الاتفاق, حيث تحدث عن الكثير من ذكرياته عن دورات الخليج وانطلاقته فيها ونظرته إليه. * بطولة كأس الخليج العربي في نسختها الـ22 المقررة في العاصمة السعودية الرياض باتت على الأبواب، ما أبرز ذكرياتك؟ - بالطبع لي ذكريات في هذه البطولة، سواء حينما كنت لاعبا، حيث تم اختياري للمرة الأولى للوجود في الدورة الأولى في البحرين عام 1970، حيث كان وقتها اللاعبون يتم اختيارهم من منتخبات المناطق، وقد تم اختياري ضمن 22 لاعبا سافرنا إلى المنامة من قبل المدرب الإنجليزي (ألكسندر) وكان مساعده المدرب الوطني حسن سلطان، رحمه الله، من أميز المدربين الوطنيين حينها وحقق إنجازا كبيرا مع الوحدة في كأس الملك في تلك الفترة وقبل أن نتجه للمنامة كان هناك معسكر إعدادي في الرياض ومنه تم تحديد اللاعبين الذين سيكونون في القائمة، وأنا كنت من ضمنهم، ولكن بعد وصولنا تم تقليص العدد إلى 19 لاعبا فقط بدلا من 22 وأنا كنت ضمن 3 لاعبين تم استبعادهم عن القائمة النهائية. وفي تلك البطولة كان المنتخب الكويتي في عصره الذهبي، ولم يكن المنتخب السعودي أقل شأنا من حيث النجوم التي كانت موجودة فيه مثل النور موسى وناصر الجوهر وأحمد عيد وسلطان مناحي وفهد بن نصيب وغراب والصاروخ ومبارك الناصر وغيرهم، ولكن كان في نهاية هذه الدورة المنتخب الأزرق هو البطل الذي استحق فعلا الفوز بالنسخة الأولى كونه كان الأقوى والأفضل فنيا. وتابع الزياني: في الدورة الثانية تم اختياري مجددا، ولكن كانت لدي إصابة تمنعني من الوجود، ولذا سافرت إلى مدينة جدة للقاء الأمير عبد الله الفيصل، رحمه الله، والذي كان رئيسا لرعاية الشباب حينها واعتذرت منه لعدم قدرتي على الوجود مع المنتخب لسبب طبي كان عبارة عن وجود تمزق لدي وفي الدورتين الثالثة والرابعة كنت حينها قد قررت الاعتزال والتوقف عن ممارسة كرة القدم وحينها كان المنتخب قد شارك في الدورة الرابعة بمنتخب رمزي يضم بعض النجوم وليس جميعهم في تلك الفترة وكنت حينها ضمن مساعدي المدرب المجري بوشكاش. * ماذا عن ذكرياتك كمدرب خصوصا أنك خلفت المدرب البرازيلي الشهير زاجالو في الدورة السابعة في مسقط عام 1984؟ - بعد تردي النتائج في «خليجي7» بمسقط تلقيت اتصالا منتصف الليل من الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، يرحمه الله، يطالبني خلاله بالوجود في اليوم التالي في مسقط والاجتماع باللاعبين الساعة الـ11 ظهرا وبدء المهمة, وكان من شبه الاستحالة الحصول على حجز للسفر في الشرقية إلى العاصمة العمانية، وقد أبلغت الأمير فيصل بن فهد بهذه الصعوبات فطلب مني الانتظار حتى يتم الاتصال بي من محمد السليمان مدير المراسم الملكية حسب ما أعتقد، وبالفعل تلقيت اتصالا من السليمان وتم إرسال طائرة خاصة إلى مطار الظهران لنقلي والجهاز المساعد إلى مسقط ووصلنا قبل الموعد المحدد للاجتماع قبل ساعة تقريبا وقمت بالاجتماع باللاعبين وبوجود مدير المنتخب السابق فهد الدهمش، رحمه الله، وتعاهدنا على أن نطوي صفحة الإخفاق الذي حصل في الفترة الماضية وإعادة ثقة المسؤولين عن الكرة السعودية في المنتخب، وبالفعل كانت هناك جدية وتحسن كبير في النتائج بجهود الجميع. * كيف تلقيت قرار توليك منصب قيادة المنتخب السعودي الأول خلفا لمدرب كبير وعالمي, وهل تخوفت من الموافقة على قبول هذه المهمة؟ - بالطبع كان القرار مثيرا وسعيدا به في ذات الوقت على اعتبار أنني نلت الثقة من قبل الأمير فيصل بن فهد وكانت الجماهير السعودية تطالب بمنحي الفرصة وتولي المهمة، خصوصا أنني كنت قد وفقت في قيادة الاتفاق لتحقيق أول بطولة خارجية للمملكة ممثلة في بطولة الخليج أمام فريق العربي الكويتي والذي كان يضم بين صفوفه قرابة 5 لاعبين في المنتخب الكويتي الذي كان مهيمنا على الكرة الخليجية, كما سبق وأن قدت الاتفاق لتحقيق بطولة الدوري دون خسارة وغيرها من الإنجازات التي جعلتني محل ثقة, ولا أنسى أن «حناجر» الكثير من الجماهير السعودية هتفت باسمي بعد الخسارة القاسية من العراق برباعية في مسقط والتي هزت الثقة في زاجالو وكانت الثقة من قبل الجماهير مكملة للثقة التي نلتها من القيادة الرياضية، وهذا جعلني أكون تحت مسؤولية كبيرة لتحقيق الطموحات واستغلال هذه الفرصة من أجل تحقيق إنجاز للوطن أولا وتأكيد صواب القرار الذي اتخذ بشأن منحي المنصب الجديد، والذي يمثل شرفا كبيرا لأي مدرب. * الجميع يعلم أنك واصلت في قيادة المنتخب السعودي فنيا وحققت الكثير من الإنجازات لكرة بلادك ومن أبرزها المشاركة في أولمبياد لوس أنجليس عام 1984 وبعدها تحقيق أول إنجاز قاري للمنتخب السعودي على الصعيد القاري من خلال الفوز ببطولة آسيا عام 1984، هل تعتقد أن بطولات الخليج كان لها فضل عليك بعد الله فيما وصلت إليه وأصبحت من أشهر المدربين ليس على المستوى الإقليمي بل القاري؟ - بطولات الخليج ليس لها فضل على خليل الزياني أو أي شخص بعينه، بل لها أفضال كبيرة على جميع أبناء الخليج، حيث كانت السبب الرئيسي في تأسيس البنية الرياضية التحتية في الكثير من الدول الخليج، إن لم يكن جميعها، ومن خلالها تطورت غالبية المنتخبات ووصولها إلى مراكز متقدمة في المحافل الدولية، ولذا أعتقد أن دورات الخليج رمز كبير للكرة في المنطقة، وهي ساهمت بشكل كبير كذلك في تعزيز اللحمة الخليجية بين جميع أبنائها وأثرت في التواصل الإيجابي بين أبناء الدول المشاركة. * البعض يرى أن بطولات الخليج استنفدت فوائدها وحان الوقت لاتخاذ قرار جريء بإيقافها، وخصوصا في ظل ازدحام المسابقات والمنافسات الرسمية التي باتت ترتبط بها المنتخبات الخليجية، إضافة إلى المسابقات المحلية التي تتعرض للتأجيل خلال إقامة هذه البطولة أو حتى الاستعداد لها؟ - لا يمكن أن يتم نكران وجحود الأفضال التي قدمتها بطولات الخليج لأبناء الخليج طوال 44 عاما، ولذا لا أؤيد أبدا أن يتم الإعلان عن إيقاف هذه البطولة لأنها رمز تاريخي للخليجيين. * كيف ترى تقسيم المنتخبات إلى مجموعتين, وهل ذلك يخفض سقف الأهداف الموضوعة لهذه البطولة ومن بينها أن تتواجه جميع المنتخبات في البطولة الواحدة عدا كونها تلتقي في مقر واحد للسكن والتلاقي وتعزيز التواصل بين المنتخبات الخليجية، إضافة إلى اليمنيين والعراقيين الذين يشاركون سويا مع في النسخ الأخيرة من البطولات؟ - أعتقد أن الأفضل بمكان أن تستمر بنظام الدوري وأن تتواجه جميع المنتخبات في الملعب للبطولة الواحدة، ولكن بما أن الوقت ضيق فخيار تقسيم المنتخبات إلى مجموعتين أفضل من خيار إلغائها في كل الأحوال. * هل تعتقد أن تاريخ بطولات الخليج يؤكد أن الأفضل لا يحصد اللقب دائما؟ - هذا صحيح، هناك بطولات كان فيها المنتخب السعودي الأفضل من حيث العناصر وحتى الجانب الفني، ولكنه لم يحققها حتى كسر المدرب الوطني محمد الخراشي هذا الحاجز وحقق للكرة السعودية أول بطولة في عام 1994 والتي أقيمت في أبوظبي وهو نفس الموسم الذي كان من المواسم التاريخية للكرة السعودية، حيث كانت المشاركة الأولى للمنتخب الأول والتألق في مونديال أميركا. وفي مواسم لم يكن المنتخب الكويتي في أفضل حالاته، ومع ذلك فاز باللقب وفي البطولة الأخيرة التي أقيمت في المنامة كان المنتخب الإماراتي هو الأفضل وحقق اللقب تحت قيادة مدربه الوطني مهدي علي. * هل أنت متعاطف دائما مع المدربين الوطنيين، بكونهم أول من جلبوا الفرح للكرة السعودية أم أن عاطفتك معهم أعمق من ذلك؟ - بالفعل، المدربون الوطنيون يستحقون الدعم الدائم، فهم يستحقون الثقة التي نالوها مع المنتخبات الوطنية والعاطفة الناتجة مني تجاههم هي أقل شيء يمكنه أن أقوم به لأنني عشت واقعا والحمد لله أنني وفقت في تحقيق إنجازات في مسيرتي كما حصل مع مدربين وطنيين آخرين مثل محمد الخراشي وناصر الجوهر وغيرهما من المدربين الذين لهم بصمات تاريخية في الكرة السعودية وهم في الغالب أول من جلب الأفراح لرياضة الوطن.
مشاركة :