طبعا لا أحد منا يعرف أين سيكون بعد عشر سنوات.. هذا في علم الغيب.. ربما تكون في جزيرة ساحرة محاطا بالنساء الجميلات.. ربما تكون في زنزانة سجن..! ربما تكون في قصر "مُنيف" كالقصر الذي زهدت فيه "ميسون بنت بحدل". ربما تكون في بيت شعر "تخفق الأرواح فيه"..! ربما تكون في استراحة على أطراف المدينة "تشرب معسل تفاح"، ربما تكون في مقبرة مظلمة تتقافز فوق أسوارها القطط السوداء! كل الاحتمالات واردة.. المهم أن تفكر ما هو حالك ومآلك بعد عشر سنوات، لا أن تسير إلى أين.. فلا نعلم هل أنت الذي لا يدري، فنشفق عليه، أو أنت الذي يدري، ولا "همه حاجة"! حساب "الرأي السعودي" الذي يديره في "تويتر" زميلنا الخلوق "هاني المقبل" سأل الأخ القدير الدكتور "علي الخشيبان" سؤالا طريفا وعميقا في آن وآنية: "أين ستكون بعد ١٠ سنوات"؟ الخشيبان أجاب بصدق ولم يتجمل: "أتمني أن أعيش في مزرعة بسيطة في مدينتي عنيزة في القصيم.. أقرأ الكتب وأسافر وأستمتع بحياتي كما أحلم بها"! استوقفتني الإجابة؛ لأنها تجردت من المثالية الزائفة، وجاءت واقعية جميلة. القناعة كنز يبقى ولا يفنى.. وهي السبيل إلى راحة النفس البشرية.. الإنسان يركض في هذه الحياة ويكد ويكدح لفترة معينة -هذا المفترض- ثم يبحث عن الراحة والاستمتاع بما تبقى له من حياته.. ماذا أقول لشخص "أنعم الله عليه بالصحة والمال والولد" يبلغ سن التقاعد، ومع ذلك "يفحط"، ويركب الصعب وينحني له، مضطرا وغير مضطر، بحثا عن سنة تمديد إضافية، أو سنتين "يا محسنين"، فإن أخرجه النظام من الباب، دخل من نافذة التعاقد بالأجر المقطوع، يبحث عن مزيد من السلطة والمال و"الهيلمان"؟! يا إلهي.. متى يستمتع هؤلاء بحياتهم ببساطة وهدوء وراحة بال.. متى يستمتعون بما جمعوه.. متى ينامون كما يشاؤون ويستيقظون كما يريدون.. متى يسافرون ويتنزهون ويمارسون هواياتهم بعيدا عن عبودية الوظيفة التي لا يريدون الانعتاق عنها.. "اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا"!
مشاركة :