لماذا تهرب الخادمات هنا بكل سهولة؟!!

  • 11/14/2014
  • 00:00
  • 26
  • 0
  • 0
news-picture

لا يوجد بلد في العالم يغري الخادمات بالهروب مثل هذا المكان، لأنه ببساطة متناهية «من أمن العقوبة أساء الأدب»!!! ولن تركل خادمة امرأة وحيدة وغريبة ومحتاجة بكل القوانين وتنسف شروط عقد العمل بالهروب أو الإضراب عن الخدمة إلا وهي واثقة بأنه لا قوانين صارمة تهابها وتحفظ في الوقت نفسه حق الكفيل. هربت خادمة إثيوبية لإحدى القريبات، وحين تواصلت هاتفياً بكل اطمئنان مع زميلتها الخادمة التي تعمل في الأسرة الأخرى من العائلة نفسها، سألتها الأخيرة بكل اندهاش وخوف ومرارة: كيف تهربين؟! ألا ترغبين بالعودة لأسرتك وعائلتك في إثيوبيا؟!! هروبك يعني أن تظلي شريدة ومطاردة طوال عمرك!! أجابتها الهاربة بكل ثقة واستخفاف: لا تصدقي ما يقولون!! أنا أهرب من أجل المستقبل، أعمل بضعف أجري، أختصر السنين، وفي نهاية المطاف المكاتب المعنية بهروب الخادمات تحجز لي تذكرة وتضطر لتسفيري بعد أن تكِل من إطعامي وسكني واستضافتي لأسبوع كحد أقصى!!! وإليكَ بقية فصول المسرحية الهزلية؛ في حال تمرد الخادمة عن العمل بعد ثلاثة أشهر فإن المكاتب المعنية بهروب الخادمة تهاتف الكفيل ليحجز لها تذكرة على حسابه إلى بلدها معززة مكرمة!!!!! وإذا ما رفض الكفيل، اضطرت المكاتب إلى أن تقوم بالمهمة، فتحجز لها من الميزانية الكبيرة الموفرة لخدمة حجوزات تذاكر الخادمات الهاربات أو المتمردات عن العمل وعودتهن إلى بلدانهن سالمات غانمات مثل الأبطال المكللين بالنصر بعد تنفيذ حوالات مالية باهظة طوال مدة هروبهن الإستراتيجي!! وفي كلتا الحالتين الكفيل المحترم بلا كفيل!! لا أحد يعوضه عن مبلغ التقديم ولا عن إيجاد البديل السريع ولا المتناهي في البطء، ولا استرداد حقه من الخادمة قبل ترحيلها التي أخلت بشروط العقد المبرم بين الطرفين للعمل عامين متواصلين!! ويا قلب لا تحزن.. لا توجد إغراءات لهروب الخادمات في العالم أجمع توازي ما نقدمه هنا!! إذا أردتم الدليل اسألوا مكاتب هروب الخادمات في مدن المملكة لتعرفوا الأعداد المهولة المسجلة كل يوم عن تبليغ الكفيل هروب خادمته.. حتى غدا الأمر بالنسبة للقائمين على تسجيل الحالات مألوفاً واعتيادياً. ولا أحد تكفل بالسؤال أو تقديم دراسة عن السبب وراء تصاعد أعداد الهاربات؟! عن جرأة امرأة وحيدة جاءت لبلد غريب للمرة الأولى لتأدية وظيفة محددة، تم توقيعها على الالتزام بشروطها، لتقرر الهروب بكل سهولة وشجاعة وبأيسر تنسيق مع وسيط محترف يعيث في البلد فساداً لسنوات مديدة، مهمته العليا التي تدر عليه دخلاً كبيراً، تسهيل هروب الخادمات!! السؤال الذي أجده بدهياً ومنطقياً بعد رد الخادمة الإثيوبية الهاربة على زميلتها، والذي بدأت به الحديث: لماذا لا تهرب الخادمات عندنا؟!! كل المعطيات تغري بالهروب؛ الراتب أضعاف ما تتقاضاه، خاصة في مواسم رمضان والأعياد، الحصول على إجازة كل أسبوع أو أسبوعين تمارس فيها من المتع ما تشاء بلا رقيب ولا حسيب. عندما تمرض ستجد من المراكز والمستوصفات الأهلية من يتكفل بعلاجها ما دامت تدفع دون التشدد بالحصول على الإقامة أو الجواز، ستنفذ حوالات مادية من مكاتب تكتفي بإقامة الشخص المبعوث لتنفيذ الحوالة أيّا كان سائقاً أو صديقاً، ستنضم إلى صحبة لا حد لها من بني جلدتها يتشاركن السكن والمناسبات والأعياد وليالي الحنّة وفُسح في الأسواق. ستضرب بالمكنسة عرض الحائط إذا لم تستسغ المدام الجديدة أو الخدمة في البيت الذي توسل لها للمجيء، لتجد مئات البيوت الأخرى تمد لها ذراعيها بكل رحابة وحفاوة وعروض مادية مغرية، من بينها البيت الذي هربت منه..

مشاركة :