لندن: «المجلة» قضى 16 شخصاً، بينهم ستة أطفال، وأعلن فقدان ثلاثة آخرين السبت في حادث غرق جديد على طريق الهجرة عبر بحر إيجه، عشية الذكرى الثانية للاتفاق الموقع بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، بهدف الحد من توافد المهاجرين من السواحل التركية إلى أبواب الاتحاد الأوروبي. وحادث الغرق هذا هو أكبر مأساة في المنطقة منذ توقيع الاتفاق قبل سنتين. ووفقا لوكالة الأنباء الفرنسية، أفادت شرطة المرافئ، استناداً إلى شهادات ثلاثة ناجين، هم امرأتان ورجل، تمكنوا من الوصول سباحة إلى جزيرة أغاثونيسي، بأنه ما زال هناك راكبان مفقودان أو ثلاثة. من جهة أخرى، لقي مهاجران صباح السبت حتفهما قرب الحدود البرية مع تركيا، حين انقلبت الشاحنة الصغيرة التي كانت تقلهما فيما كانت تحاول الإفلات من عملية تفتيش، بحسب ما أفادت الشرطة المحلية. وتتواصل عمليات البحث، السبت، في البحر، بمساعدة وسائل ضخمة بينهما سفينة تابعة لوكالة «فرونتيكس» الأوروبية للحدود. وتم انتشال 16 جثة، بينها جثث الأطفال الستة، قبالة جزيرة أغاتونيسي جنوب شرقي بحر ايجه، بحسب إذاعة «إي آر تي» العامة. وقالت شرطة الحدود إن هناك ثلاثة مفقودين، وذلك بناء على روايات ثلاثة ناجين، هم امرأتان ورجل تمكنوا من بلوغ الساحل. وتم نقلهم إلى جزيرة ساموس القريبة حيث ينتظر معرفة مزيد من التفاصيل منهم عن الضحايا وملابسات غرق المركب. وأصبحت الجزر اليونانية الواقعة جنوب شرقي بحر إيجه قبالة السواحل التركية عام 2015 بوابة الدخول الأولى إلى أوروبا للمهاجرين، ولا سيما للسوريين هرباً من الحروب والبؤس. وأدى الاتفاق إلى تراجع كبير في حركة تدفق المهاجرين، ولو أن مئات المهاجرين ما زالوا يتوافدون شهرياً، وإلى خفض حصيلة حوادث الغرق بعدما قضى أكثر من ألف مهاجر بينهم العديد من الأطفال في بحر إيجه في 2015 و2016. لكن طالبي الاستقرار في أوروبا ما زالوا يدفعون ثمناً باهظاً للرحلة بين تركيا واليونان، وقد غرقت امرأة وطفلان في 13 فبراير (شباط) في نهر إيفروس على الحدود البرية بين البلدين، حيث تتكثف حركة المهاجرين، خصوصاً الأتراك الفارين من عمليات التطهير. كما لقي ثلاثة أشخاص على الأقل مصرعهم في نوفمبر (تشرين الثاني) في حادث غرق قرب جزيرة كاليمنوس في بحر إيجه، بعد شهر من وفاة فتاة في التاسعة من عمرها في المنطقة نفسها. وقال وزير سياسة الهجرة اليوناني ديميتريس فيستاس «لا نستطيع، ويجب ألا نعتاد على هلاك أشخاص، أطفال في بحر إيجه». وأضاف أن الحل يقضي «بفتح طرق وإجراءات آمنة للاجئين والمهاجرين والتصدي لتهريبهم». وأعرب المكتب اليوناني للمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، في تغريدة، عن «حزنه» بعد هذه المأساة الجديدة. وقال الناشط اليوناني الداعم للاجئين تاناسيس كوركولاس أثناء مظاهرة في أثينا ضد الاتفاق الأوروبي التركي «هؤلاء القتلى هم نتيجة سياسة تحصين أوروبا». وهتف مئات المتظاهرين بينهم العديد من اللاجئين «افتحوا الحدود». وساهم الاتفاق الأوروبي التركي في الحد من وصول المهاجرين إلى اليونان، بعد أن فاق عددهم مليون شخص في 2015 و2016. لكن مئات الأشخاص، معظمهم من السوريين والعراقيين والأفغان، يصلون شهرياً إلى الجزر اليونانية القريبة من السواحل التركية. وبحسب مفوضية اللاجئين وصل أربعة آلاف لاجئ منذ بداية 2018. كما تكثفت عمليات العبور على الحدود البرية بين البلدين، خصوصاً لأتراك يفرون من حملة طرد وتوقيف ينفذها النظام التركي. وإن كان الاتفاق الأوروبي التركي أثار احتجاجات شديدة في الأوساط الإنسانية، إذ ينص على إعادة جميع الوافدين إلى تركيا، بمن فيهم اللاجئون السوريون، فإن الحكومة اليونانية اليسارية تدافع عنه بشدة، مؤكدة تصميمها على تفادي استئناف حركة الهجرة الكثيفة التي تعتبرها مهددة للاستقرار. لكن في غياب اتفاق داخل الاتحاد الأوروبي للاستمرار في تخفيف العبء الذي تتحمله اليونان، وكذلك إيطاليا، بفعل موقعهما الجغرافي، فإن هذه التسوية أدت إلى حصر المهاجرين الذين يفوق عددهم 13 ألفاً في الوقت الراهن، في الجزر اليونانية. ويقدم معظمهم طلبات لجوء، محاولين تفادي إبعادهم أو تأخيره، فيعرضون بذلك أنفسهم للانتظار شهوراً. ودائما ما تندد منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، وبينها منظمة العفو الدولية، بالظروف الحياتية المفروضة على هؤلاء المهاجرين، الذين غالباً ما يصلون في حال صدمة. كما أن إقامتهم القسرية تغذي التوتر مع السكان المحليين، وتثير مظاهرات وتعبئة لليمين المتطرف في جزر ساموس وليسبوس وخيوس وليروس وكوس. وقال خبير لجوء يوناني إن الاتفاق مع تركيا لن يمنع في نهاية المطاف اليونان من تأمين العدد الأكبر من عمليات الاستقبال، إذ إن عدداً يقل عن 20 في المائة من الواصلين يمكن أن يطرد إلى تركيا، وإلا فهناك مخاطرة بانتهاك قواعد حماية اللاجئين. كما يتعين على اليونان التي تعاني آثار أزمة اقتصادية مستمرة منذ ثماني سنوات، أن تتكفل بنحو 40 ألف لاجئ عالقين على أراضيها منذ غلق الحدود الأوروبية شتاء 2016.
مشاركة :