هل يعود ترامب إلى اتفاقية الشراكة عبر الهادئ؟

  • 3/18/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

نوا سميث* اكتسب مناهضو الاتفاقية مؤيدين وأنصاراً في مختلف شرائح المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية حتى أن منافسة ترامب في الانتخابات هيلاري كلينتون غيّرت لهجتها حيالها وأعلنت معارضتها.في أوج حملة الانتخابات الأمريكية لعام 2016 فقدت اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ مؤيديها في أوساط الشعب الأمريكي إلى أدنى مستوى حتى أن بائع الحلوى على ناصية الشارع رفع صوته تأييداً لجهود إلغائها.واكتسب مناهضو الاتفاقية مؤيدين وأنصاراً في مختلف شرائح المجتمع، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية حتى أن منافسة دونالد ترامب في الانتخابات هيلاري كلينتون غيّرت لهجتها حيالها وأعلنت معارضتها.ونجحت حملة ترامب في تسويق الدعوة لإلغاء الاتفاقية بالتذكير بالضرر الذي تعرضت له صناعة السيارات الأمريكية في ثمانينات القرن الماضي من المنافسة اليابانية والألمانية، في وقت كانت ذكريات مماثلة عن الصدمة الصينية لا تزال حية في الأذهان. وهكذا تضاءلت نسبة مؤيدي الاتفاقية حتى كادت أصواتهم أن تختفي.من هنا لم يكن مستغرباً أن يكون أول إجراء يتخذه الرئيس ترامب فور توليه منصبه هو الانسحاب من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي. لكن اليوم وبعد مرور أكثر من عام على قرار الانسحاب بدأت أصوات بعض العقلاء بالمطالبة بإعادة النظر في القرار. وأبرز ما صدر في هذا الصدد تعليق لوزير الخزانة الأمريكي ستيف مونشين الذي أعلن مؤخراً أن الرئيس ترامب منفتح على إعادة التفكير بالاتفاقية.وأياً كان السبب وراء تغيير المواقف فهو موضع ترحيب. ورغم أن مشاعر القلق حول القضايا التجارية مشروعة، إلا أن استهداف اتفاقية الشراكة عبر الهادي هو رد فعل مرعب.ولا بد من الإشارة قبل كل شيء إلى أن الضرر الذي لحق بالطبقة العاملة الأمريكية نتج عن التجارة مع الصين خلال أعوام الألفية الأولى. فقد كانت الصدمة الصينية أشد بكثير مقارنة مع غيرها من قنوات المنافسة التجارية. فالاقتصاد الصيني كبير الحجم وقد فرض المنافسة في عدد من القطاعات ويتمتع بميزة تكاليف منخفضة جدا، بحيث فقد الكثير من العمال الأمريكيين وظائفهم بسبب تدفق السلع الصينية الذي حرمهم فرص الحصول على وظيفة في القطاع الصناعي الأمريكي. لكن هذا النمط من المنافسة لم يكن القاعدة بل الاستثناء. ولم تستطع المنافسة الصناعية اليابانية الشديدة في الثمانينات التأثير في القطاع الصناعي الأمريكي الذي بقي صامداً حتى ظهرت المنافسة الصينية.ورغم انخفاض حصة القطاع الصناعي الأمريكي من الوظائف الأمريكية قبل عام 2000 إلا أن ذلك لم يكن بسبب المنافسة بل بسبب عوامل داخلية منها التطور التقني وتعثر الطلب على السلع المصنعة، أكثر من كونه ناتجاً عن منافسة تجارية.ولا يوجد ما يدعو للقلق من أن تحدث الشراكة عبر الهادي صدمة كتلك الصدمة الصينية. فالدول التي تشارك في الاتفاقية أو المرشحة للانضمام إليها كلها دول غنية وتطبق معايير صارمة في مجال البيئة وسوق العمل فيها على التكلفة. والشراكة مع الدول الغنية مصدر قوة للاقتصاد الأمريكي من زاوية فتح أسواق التصدير وتطوير سلاسل التوريد وتوفير خيارات أوسع من السلع للمستهلك الأمريكي، وكل ذلك لا علاقة له بضغوط التنافسية التي يتعرض لها العمال الأمريكيون. ولا شك أن الاتفاقية تشجع جذب الاستثمارات الأجنبية وتدعم الوظائف خاصة أن اليابان وكندا وبريطانيا هي أكبر ثلاث دول تستثمر في الولايات المتحدة.صحيح أن هناك أربع دول فقيرة ضمن المجموعة هي المكسيك والفلبين وفيتنام وإندونيسيا، إلا أن الولايات المتحدة ترتبط باتفاقيات تجارة ثنائية مع المكسيك، أما الثلاث الأخرى فلا تنافس القطاع الصناعي الأمريكي بل تنافس الصين.وعند التفكير في اتفاقية الشراكة عبر الهادي تفرض الهيمنة الصينية نفسها. ففي غياب الولايات المتحدة سوف تترك للصين مهمة وضع معايير التجارة العالمية. وهذا يعني مزيداً من التفرد الصيني في منطقة آسيا المطلة على الهادي على حساب واشنطن، كما يعني إعادة صياغة قوانين التجارة في المنطقة لصالح بكين. ولعل هذا ما يفسر هرولة اليابان لاستكمال الاتفاقية حتى بدون الولايات المتحدة، وذلك بسبب مخاوفها من الهيمنة الصينية.وكثيراً ما ادعى ترامب أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على تحقيق الفوز. لكن إكمال الشراكة عبر الهادي والتحكم بحركة التجارة العالمية وسحب البساط من تحت الصين يعتبر نصراً كبيراً لها. وإذا كان الانسحاب من الاتفاقية يرضي بعض مؤيدي ترامب الأغرار فإن أضرارها على مصالح الأمة الأمريكية لا يمكن أن تعوض. *بلومبيرج

مشاركة :