انتقد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة «عراقيل ذهنية» حالت دون ممارسة المرأة حقوقاً سياسية، من بينها التمثيل في البرلمان والمجالس الولائية والبلدية، وهي إشارة إلى «مقاومة» واجهت تطبيق مواد في الدستور ونصوصاً قانونية حديثة تتعلق بتخصيص «كوتة» للمرأة بالهيئات المنتخبة.وقرأ وزير العدل الطيب لوح، أمس، بالعاصمة، رسالة بعثها بوتفليقة إلى المشاركين في «مؤتمر ترقية المشاركة السياسية للمرأة»، عرض فيها حصيلة سلبية لترتيبات قانونية أطلقها عام 2012، في إطار «حزمة إصلاحات دستورية»، من أهمها «قانون ترقية المشاركة السياسية». وحصلت المرأة بموجبه على حصة في البرلمان والمجالس المحلية، حددت بـ30 في المائة. وتبعاً لذلك، أصبح لزاماً على الأحزاب توفير هذه النسبة في لوائح الترشيحات خلال الانتخابات.وإن كانت هذه الترتيبات قد لقيت ترحيباً في المدن الكبيرة، حيث تقيم النخبة المثقفة، فإن ثقل التيار المحافظ والإسلامي بالمدن الداخلية، حيث مركز الثقل البشري، منع الترتيبات القانونية من أن تجد لها طريقاً إلى التنفيذ، ولاقت الأحزاب صعوبات كبيرة في إيجاد مترشحات. وقال بوتفليقة في رسالته إن «الدولة الجزائرية المستقلة حرصت، منذ وهلتها الأولى، على تكريس الحقوق السياسية للمرأة، من حقها في التصويت إلى حقها في التمثيل في جميع المجالات، حتى إن كانت بعض العراقيل الذهنية موجودة في هذا الاتجاه».وبحسب الرئيس، «اكتسبت المرأة الجزائرية حقوقها السياسية والاجتماعية في زمن قياسي، بالمقارنة مع ما عرفته النساء في أقطار وقارات أخرى. فكان على الجزائرية التي عانت وحشية الاحتلال وبشاعة الاستعمار أن تكون طرفاً كاملاً في ثورة التحرير المجيدة، طرفاً في النضال السياسي، طرفاً في العمل الوقائي والاجتماعي، طرفاً كذلك في حمل السلاح، وفي التضحية والفداء بالروح من أجل كسر شوكة الاستعمار».يشار إلى أن تقارير الشرطة الجزائرية تتحدث عن معدلات متزايدة لـ«العنف ضد النساء». ورغم المبادرات التي أطلقها بوتفليقة لفائدة المرأة منذ وصوله إلى الحكم عام 1999، فإن التنظيمات النسائية غير راضية عن درجة تمثيل المرأة في الأجهزة الحكومية والشركات الاقتصادية. ويوجد في الحكومة 4 نساء، فيما يضم الطاقم 25 وزيراً.وذكر بوتفليقة أن المرأة «أوشكت أن تكون في عالم الشغل المحتكر في بعض المهن ذات البعد الاجتماعي، مثل التدريس والصحة، بل كذلك في مهن سيادية مثل سلك القضاء، وهي اليوم تندمج كل سنة أكثر في صفوف الجيش الوطني الشعبي وأسلاك الجمهورية».يشار إلى أن بوتفليقة أجرى قبل سنتين ترقيات في صفوف الجيش، من موقعه وزيراً الدفاع، وشملت الترقية امرأة حصلت على رتبة جنرال، وهي سابقة في تاريخ البلاد.وتناولت رسالة الرئيس فترة الحرب الأهلية والصراع مع الإرهاب (تسعينات القرن الماضي)، وجاء بهذا الخصوص: «عندما جاءت ساعة الانفراج، وتغليب الصلح على الفتنة، كانت الجزائرية أُماً وأرملة وأختا في الصف الأول المقبل على خيار المصالحة الوطنية، وتفضيل مصلحة الجزائر على جراحهن وعلى كل ما عانته عائلاتهن». ولكن من ضمن ما يسمى «ضحايا المأساة الوطنية»، تظل أمهات وزوجات آلاف المختفين قسرياً غير راضيات بـ«المصالحة»، ويطالبن منذ 20 سنة بالقصاص من المتورطين في أزمة المفقودين.ويشار بأصبع الاتهام إلى قوات الأمن التي اعتقلت في تسعينات القرن الماضي نشطاء إسلاميين بشبهة الإرهاب، ولم يظهر أي خبر عن هؤلاء إلى اليوم.وقال بوتفليقة إنه «رغم كل هذه الخطوات التي قطعتها الجزائر في مجال ترقية دور المرأة في السياسة والتنمية، تبقى بلادي عازمة على المزيد من التقدم في هذا الميدان، وتلكم هي الرسالة التي حملها التعديل الدستوري الأخير عندما أقر مسؤولية الدولة في ترقية المساواة، في مجال الشغل، وكذا ترقية مكانة المرأة في تقلد المسؤوليات على جميع الصعد».
مشاركة :